|
آراء أن أحداث يوم الحادي عشر من أيلول عام 2001 لم تكن متوقعة لا في حجمها ولا في طريقة تنفيذها، أو النتائج التي أدت إليها. وهو يصنفها إلى جانب أحداث كبرى في التاريخ لم تكن متوقعة، مثل غزو ألمانيا للاتحاد السوفييتي عام 1941، وما نتج عنه من سيطرة ألمانية على أوروبا في الحرب العالمية الثانية، قبل إلحاق الهزيمة بالقوة النازية الجبارة، وأيضاً مثل المباغتة العربية لإسرائيل في حرب تشرين التحريرية سنة 1973، وعلى المنوال ذاته غزو العراق للكويت سنة 1990، الذي تسبب في إعادة تشكيل التحالفات في منطقة الشرق الأوسط كله، ومهد الطريق لمؤتمر مدريد. إضافة إلى عنصر المفاجأة، فإن هذه الأحداث كما يراها البروفسور «هاليدي» تمتاز بأنها أحداث معولمة (globalized) بامتياز. ومعنى أن يكون الحدث «معولماً» حسب رأي هاليدي هو أن تكون له تداعيات تتجاوز حدود الفعل القريبة، وتأثيرات تتجاوز الأطراف المباشرة المنخرطة فيه. وفي حال أحداث الحادي عشر من أيلول، فإن المنعكسات تعدت بشكل فائق ما حل بتنظيم القاعدة مثلاً (بفرض ثبوت أنه الفاعل) والولايات المتحدة الطرف الرئيس في الحدث، حيث عملت تلك التداعيات والتأثيرات، ولا تزال تعمل، على إعادة تشكيل التحالفات والأوضاع العالمية بشكل أو بآخر. لقد كان يوم الحادي عشر من أيلول 2001 يوماً مفصلياً برأي الكثيرين، ونشأت عنه تداعيات كبرى شملت جميع أرجاء العالم، فهل أننا اليوم وبعد مرور عشر سنوات مازلنا نصدق الرواية الرسمية الأميركية، أم إننا بدأنا نمحص وندقق في صحتها؟ يرى الصحفي المعروف «مايك رودين» من هيئة الإذاعة البريطانية BBC أن نظريات المؤامرة تكاثرت بعد هجمات الحادي عشر من أيلول التي تعرضت لها الولايات المتحدة، كما أنها أخذت أشكالاً ومنعطفات مختلفة خلال العقد الماضي. وحسب التقرير الصادر قبل أيام عن هيئة الإذاعة البريطانية، فقد نفذت مؤسسة ( Gfk Nop) وهي مؤسسة مختصة في أبحاث السوق واتجاهات المستهلكين ، نيابة عن BBC استطلاعاً للرأي خلص إلى أن أربعة عشر في المئة في بريطانيا، وخمسة عشر في المئة في الولايات المتحدة من الذين شاركوا في الاستطلاع لا يؤمنون بالرواية الرسمية التي قالت إن تنظيم القاعدة هو الجهة المسؤولة عن الهجمات. وفي المقابل، يعتقد هؤلاء أن الإدارة الأميركية كانت ضالعة على نطاق واسع في المؤامرة، خاصة مع إحساس الكثيرين بأن بداية نظريات المؤامرة تتمثل في صعوبة تصديق أن تسعة عشر شاباً مسلحين بالسكاكين تمكنوا من اجتياز إجراءات أمن المطار واختطاف أربع طائرات تجارية، ثم في غضون سبعةٍ وسبعين دقيقة نجحوا في تدمير ثلاثة من رموز القوة الأميركية!! ومثلما هو الشأن بالنسبة إلى الكثير من نظريات المؤامرة، فإن الرواية الرسمية عادة ما تواجه بالشك وعدم التصديق، إذ لا يعقل أن الحكومة والأجهزة الأمنية التابعة لها والتي ينظر إليها على أنها لا تقهر يمكن أن تضرب من قبل مجموعة صغيرة من الشباب قليلي التسليح. والحجة ذاتها تنطبق على مقتل الرئيس الأميركي السابق «جون كنيدي»، إذ تتساءل نظرية المؤامرة كيف أن شخصاً بمفرده استطاع قتل أقوى رئيس في العالم كان يتمتع بحماية منقطعة النظير. أصحاب نظرية المؤامرة لا يثقون بما جرى خلال هجمات الحادي عشر من أيلول. يقول «أليكس جونز»، وهو أحد المذيعين الأميركيين المشهورين، (لا نعرف القصة الكاملة لما حدث بالضبط، نعرف أن الرواية الرسمية لم تثبت صحتها تماماً. إنها قصة خرافية. أقول إن ما حدث يحتاج إلى التحقيق فيه). وإذن أين تكمن جاذبية نظريات المؤامرة؟ ولماذا تستمر؟ يقدم أحد الكتاب الأميركيين وهو «فرانك سبوتنيز» تفسيراً يقوم على أننا نعيش في عصر يتسم بالقلق ومن ثم لا نعرف من نثق به، وما الذي نؤمن به. بعد إطلاعي على كامل تقرير هيئة الإذاعة البريطانية السابق، تذكرت ما نقلته قبل مدة وكالة الأنباء الماليزية «برناما» عن رئيس وزراء ماليزيا الأسبق «مهاتير محمد» الذي قال حرفياً : (قد يظن العديد من الناس أنني أحاول إحداث اضطراب بالتعليق العلني على تلفيق الهجوم على برجي التجارة العالمي في نيويورك، غير أنني مقتنع بوجهة نظري). وكان «مهاتير» قد كتب في مدونته على الإنترنت أنه شاهد شريطاً مدته ثلاث ساعات يظهر بأن انهيار برج التجارة العالمي والمباني المحيطة به كان بفعل تدمير متحكم فيه من الداخل، في إشارة ضمنية إلى المحافظين الجدد. وتابع قائلاً: ( العديد من الناس في أميركا يتساءلون عما إذا البرج قد تهاوى بسبب اصطدام الطائرات أو لأسباب أخرى، إذا ما شاهدتم شريط الفيديو الموزع بشكل واسع فإنكم ستقتنعون بوجهة نظري، الناس تخشى من التعليق السياسي على هذه القضية، وخاصة عندما تتهم حكومة أكبر قوة عظمى بالتحايل، لا تنسوا أنهم روجوا أكاذيب للذهاب إلى الحرب). كما أذكر هنا الكتاب الذي أحدث ضجةً كبيرةً عند صدوره عام 2002 ألا وهو «الخدعة الرهيبة» للكاتب الفرنسي «تييري ميسان» والذي اتهم فيه الجيش الأميركي وحكومة (ظل) عسكرية داخل الولايات المتحدة يرأسها صقور الإدارة الأميركية بالتخطيط لهجمات الحادي عشر من أيلول من أجل دعم مؤسسات الصناعة العسكرية الأميركية، وإقامة ما أسماه جيش فضائي، يراد من ورائه تحقيق هيمنة أميركية مطلقة على العالم. لقد أشار «ميسان» في كتابه إلى أن الهدف الأبعد من هذه الآلية العسكرية الرهيبة هو إثارة صراع حضارات يضعون فيها العالم المسيحي واليهودي من جهة، وفي الجانب الآخر العالم الإسلامي. وكما نشرت جريدة «لوموند» الفرنسية بعد أشهر قليلة من صدور الكتاب لأحد أشهر كتابها، الذي أشار إلى ضرورة العودة إلى التقرير الذي عرضه المكتب الفدرالي الأميركي حول أحداث أيلول 2001، والذي من خلاله تم توجيه التهمة مباشرة إلى الكثير من الدول العربية. يضيف الكاتب: ( .. حوالي مئة صفحة تم التكتم عليها، لماذا؟ كان التقرير يحاول تقديم الحقائق كما قال «إدوارد كورتيس» موظف الاستخبارات الأميركية، فلماذا عومل العالم كما لو كان مختلاً عقلياً؟ الذين اطلعوا مثلي على ذلك التقرير لا بد انهم ابتسموا لأن الإدارة الأمريكية في الحقيقة أكدت حجم التناقض الكبير في التصريحات، وفي عرض الوقائع من جهة ، ومن جهة ثانية سارعت إلى توجيه التهديدات المباشرة لدول كثيرة، طولاً وعرضاً، من دون تقديم أي دليل عملي حقيقي وملموس.. فلو كان للولايات المتحدة الأميركية دليل واحد فلن تخفيه، على العكس، لكونها أخفت الصفحات المئة دليل أن تلك الصفحات في النهاية لم يكن لها وجود، سوى في ذكرها كأداة ضغط على العديد من الدول ، بدليل أنها عجزت لحد اليوم عن ذكر «ماذا وقع بالضبط»؟ وكل ما يتعلق بالحادي عشر من أيلول يعد من الأمن القومي بالنسبة لمكاتب الاستخبارات الأميركية في الوقت نفسه الذي تحاكم فيه الدول الأخرى بسبب الأحداث نفسها!) وبعد كل هذا السرد، ألا نعود وندقق في كل ما يحيط بنا اليوم من أحداث متلاحقة، واضطرابات، ومشكلات ، وأنا على يقين بأننا سنخرج جميعاً بالإجابة الصحيحة. |
|