تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أوتار.. يالسلطان الحب فوق أي سلطة أخرى!

آراء
الخميس 15-9-2011
ياسين رفاعية

دائماً كنت أقول: إن المرأة هي سيدة الحب، فعندما يكون الرجل عازباً، فذلك قد يكون أمراً طبيعياً ومقبولاً، ولكن نطلق على المرأة غير المتزوجة اسم عانس ونعتبرها شيئاً ناقصاً،

مثل اللغو الذي يردده الشاعر بايرون من أن الحب هو طريقة لتزجية الوقت لدى الرجل، لكنه بالنسبة إلى المرأة هو الحياة.‏‏

في الواقع إننا نعيش تجاربنا مجزأة، نعيش على الأكثر في الحاضر، بيد أننا لو كنا مخلصين لاعترفنا أن الحياة سلسلة من اللحظات يرتبط بعضها ببعض، وبأننا بالحب نقهر الضجر، ونمتلئ بكل ما هو جميل من القبلة إلى قدح النبيذ، إلى الرقص على أنغام هادئة وتناول العشاء على أضواء الشموع.‏‏

محبو المال لا يخطر ببالهم الحب إلا كعلاقة تجارية، فالتاجر القابع في محله يعتقد أن غاية الحياة تكمن في حصوله على صفقة مربحة أو سيارة فخمة، أما السياسي فيقرن غايته بهدف الحزب في الوصول إلى النيابة أو الوزارة، فيما رجال الدين يربطون هذه الأشياء بالكتب المقدسة، إن جميع هؤلاء يستخدمون أنواعاً مختلفة لغاية واحدة هي إضفاء نظام ما لفرض معنى ما وكل هذه المحاولات لا تعدو أن تكون في معظمها تزييفاً، فلو كنا مخلصين لأدركنا أن الحياة بدون الحب لا معنى لها، الحب يحول حياتنا بحثاً عن معنى ما، سوى ذلك فإن كل شيء عديم المعنى إلى أن نكتشف معناه.‏‏

الحب الحقيقي ليس ما يدعى بالجنس لدى كثير من أجيالنا الشابة، الحب الحقيقي معاكس للشعور باللاقيمة واللاجدوى، إنه شعور طاغ بالقوة والأمان، إنه الاختفاء التام للشعور بأنك شيء عادي، إنه ايمان غامض بأن لاشيء مهماً دون الحب وبأن كل شيء جميل في الحب، هكذا أفهم الحياة، كثيراً ما أمرّ بمشاعر مختلفة مثل الأطفال، مثلاً: إن مجرد الشعور بالانعدام التام للهدف لدى الطفل يجعله يسعى لامتلاك كل شيء حتى دمى أخته، حب السيطرة ينمو مع الطفل، وما يحميه هو أن يتعلم الحب، حب أمه وأبيه وأخته وأخيه، ثم حب المدرسة والرفاق والأساتذة فينمو معه الحب كشيء أساسي في حياته، بهذا يسلك تلقائياً طريق السعادة، الحقيقة التي لا مناص منها هي أن الحب أعظم ما يمكن أن يقع فيه الإنسان في حياته والذي به يشعر بالسعادة والحماس بالامتنان من الحياة لأن الحب يعلمه الثقة بنفسه والثقة بالناس.‏‏

أحياناً أتساءل لماذا أكثر الناس لا يؤمنون بشيء اسمه الحب إلا مقروناً بالجنس والاستيلاء على الآخر، وخصوصاً الرجال الوحشيين الذين ما إن ينالوا وطرهم من المرأة حتى تصبح لاشيء، هذا يدل على دناءتهم واحتقارهم لأنفسهم.‏‏

الحب جميل في الخيال، إنه يحرك ملكة التخيل في قلوبنا وأفكارنا وأدمغتنا، وهو وضوح النهار ومصيدة الزمن، رمز اللامرئي، اللامرئي هو ما يمكنك رؤيته في هذه اللحظة إلى أن يتخطى الوعي ليضم بين جوانحه كل المكان والتاريخ، وهو التحرر بكل المواصفات وبه نزداد قوة يوماً بعد يوم، إننا به نحس بأننا على وفاق مع أنفسنا ووجودنا، وفي وسعنا أن نحقق امنياتنا واحلامنا وبه نتبصر أعماقنا ونزداد حماسة لاكتساب الحياة وهو يولد فينا الاهتمام بالآخرين.‏‏

ليست الحياة كما يتصور المتشائمون استعداداً للعذاب الأبدي، لأن الحب يعمل ضد الألم بكل أشكاله يصده عن أنفسنا بقوة ذلك عندما نتحرر من شبق الجنس.‏‏

قد يسأل سائل: هل تعني أن الجنس لا قيمة له في الحياة؟ لا. لست أقصد ذلك، الجنس تتمة للحب وليس الحب تتمة للجنس، الجنس هو الخصب واستمرار الحياة هذه هي وظيفته، لكن عندما نبدأ بالجنس يصبح الحب مغضوباً عليه، وبسبب ذلك نفقد لذة الحب، الزواج أمر مهم لمن لم يتزوج بعد ولكن علاقة الزوج والزوجة فيها من المقدس والنبل والفروسية ما يجعل حياتهما في ذروة السعادة ثم الانجاب والأولاد زينة الحياة الدنيا.‏‏

خلقنا لنحب بعضنا بعضاً، هي الحياة كما كانت منذ الأزل وستظل هكذا إلى الأبد، ولكن من الضروري أن نجعل الحب وسيلة لغاية كبرى هي أن نبني مجمعاً حضارياً وراقياً له أخلاقه ومثله العليا ومبادئه السامية والإنسانية، لننظر إلى فساد الغرب عندما أتيح لأهله التحرر من كل شيء ومن دون مساءلة لقد صدروا إلينا الأمراض والمخدرات بأنواعها، وصدروا إلينا الإيدز وانفلونزا الطيور ثم جنون البقر وانفلونزا الخنازير، ذلك كله بسبب تخليهم عن المبادئ الإنسانية والقيم والمثل العليا التي لا تزال تهيمن على مجتمعاتنا العربية، ويمشي بعض شبابنا على تقليد الغرب من دون هدف إلا التأثر المبالغ به.‏‏

علينا أن نمتلك الحنين إلى الأطياف والخيال وتعلم الكلام الجميل وخصوصاً في حضرة المرأة التي تخجل مهما تكن جريئة من كلام الرجال عن الجنس والتبجح به دون طائل.‏‏

لو دققنا النظر إليهم في الغرب، لوجدنا أن الشيطان هو الذي يمتلك أفكارهم، فهل يساورنا الشك ونحن ننظر إلى أرجاء عالمهم: خطر الحرب في كل مكان الجريمة والشر بلغا مستوى عالياً جداً، لاحظ جرائم القطاع الشرقي في لندن مثلاً، لقد أصاب العالم جنون لأن الشيطان فيه هو الملك وهذا سبب من أسباب خلق دول استعمارية جديدة تحتل وتقتل الناس الأبرياء.‏‏

الوضع الآن تماماً كما توقعت الكتب المقدسة يتنبأ سفر الرؤيا بوضوح تام بأن الناس سيسعون لإصلاح الأمور ولكن بعد فوات الآوان: «ففتح بئر الهاوية وصعد دخان من البئر كدخان أتون عظيم فأظلمت الشمس والجو من دخان البشر وفسادهم».‏‏

الآن، لاشيء يمكن أن يوقف الشيطان، شيطان الشر في العالم إلا الحب فلنحب بعضنا بعضاً ولنكن تحت خيمته وظله اسرى له وهو أسر جميل ولاشك.‏‏

حتى الرؤساء والأمراء والملوك والشخصيات الكبيرة يجدون في الحب نجاة من المسؤوليات القاسية التي تطمئنهم على مدار الساعة، هو الحب مرفأ الأمان.‏‏

نشرت الصحف قبل فترة سراً كان مختبئاً زمناً طويلاً عن الرئيس الأميركي الراحل جون كيندي الذي اتهم بعلاقة جنسية مع نجمة السينما الراحلة مارلين مونرو، فنرى أنه عاش حباً سرياً مع فتاة أسوجية أصبحت الآن عجوزاً، فنشرت جزءاً من رسائله إليها وعرضتها للبيع في مزاد علني موضحة أنها أرادت أن تظهر للناس مدى رومنطيقية الرئيس الأسبق، وقالت جونيلا فون بوست للاذاعة الأسوجية.‏‏

«كان دافئاً وحساساً ورومنطيقياً وظريفاً بشكل لا يتصور ومستمعاً جيداً وجذاباً ومتأملاً».‏‏

وتذكر جونيلا أنها التقت بجون كيندي صيف 1954 في منتجع الريفييرا الفرنسي عندما كان عمرها واحداً وعشرين عاماً قبل أشهر من زواجه بجاكلين بوفير وقبل سنوات من أن يصبح الرئيس الخامس والثلاثين للولايات المتحدة الأميركية وقالت: إنها لم تكن قد سمعت به قبل لقائهما ودهشت عندما سمعت منه بعد شهور لاحقة أنه لا يمكنه التوقف عن التفكير بها.‏‏

وكتبت جونيلا عن علاقه العشق التي تضمنت زيارة له إلى أسوج في كتاب يحمل اسم «الحب جاك» في عام ١٩٩٧ وقررت أخيراً طرح هذه الرسائل في العلن.‏‏

كتبت هذه الرسائل بخط جميل وتحمل توقيع «الأفضل جاك» و«حبيبك جاك» و«كل الحب جاك» وتوثق علاقة استمرت أعواماً.‏‏

وكتب جون كيندي إلى جونيلا: «أفكر لو استقللت مركباً وأبحرت حول المتوسط اسبوعين معك كملاح فماذا تفكرين؟».‏‏

يالسلطان الحب فوق أي سلطة أخرى.‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية