|
ثقافة وفي هذا تقصير عن مواكبة مايجري على الساحة العالمية، وبالتالي فراغ فكري يُثقل حاجة الفنان والناقد والمتذوق والمثقف العربي.
البعض من دور النشر تصدر كتباً هامة في هذا الإطار وهناك العديد من العناوين، ومن هذه العناوين أورد على سبيل المثال كتباً هي: أعلام النقد الفني في التاريخ، للناقد عبد العزيز علون، وثقافة الرسوم المتحركة الذي يتقاطع مع الفن السابع، وهو مترجم، ومدارات الإبداع للباحث عفيف البهنسي، والخطاطون السوريون الرواد، ولؤي كيالي..حداثة فنية ومضمون إنساني للناقد طارق الشريف.وهي من إصدارات وزارة الثقافة في سورية، وقد أشارت مديرة المعارض بالهيئة العامة السورية للكتاب رائدة صياح بأن هذا المعرض فرصة للاقتناء خاصة وان نسبة الحسم جيدة، وهي ترى بأن هناك من يتابع إصدارات الوزارة المتعلقة بالفن وبشكل خاص مجلة الحياة التشكيلية التي تعمل الهيئة على طباعتها ونشرها عبر التسويق المدروس. أما دار التنوير اللبنانية فلديها عدة عناوين معقولة قياساً بباقي دور النشر، كالرؤية الجديدة لفلسفة الفن وهي للدكتور حسين علي، وجمالية العلاقات النحوية في النص الفني لسلوى النجار.والطريف ذكره أن أحد الكتب الذي أصدرته دار النايا وهو سحر الفن لناصر زين الدين لم يبع منه ولانسخة منذ ولادته قبل بضعة أشهر، وهذا ماصرحت به السيدة منال نجار المسؤلة عن جناح الدار. أما كل من مكتبة المنارة والمكتبة العمومية ومكتبة اكس ليبرس فتكتنز كل منها بالمزيد من الكتب الأجنبية القيمة وبلغات متعددة، منها مايتعلق بتاريخ الفن ومنها مايتعلق بتقنياته المتنوعة وبالتالي المدارس والأعلام من الفنانين على مدار قرون وحتى اليوم، وهنا أذكر الكتاب ذي القطع الكبير باللغة الفرنسية وهو بعنوان التاريخ المصّور في الفن للناقد كلود فرونتي، وقد صدر عام 2009. إن مسألة الفقر هذه بالكتب الفنية ترتبط ومسألة النقد العربي عموماً والتي تعتريها المزيد من الإشكاليات، وحول النقد الفني وعلاقة الفنانين ومتذوقي الفن بالنقد والناقد يرى الباحث والناقد الفني الدكتور عبد العزيز علون في كتابه (أعلام النقد الفني في التاريخ) أن النقد الفني إنما هو فن مرتبط بأطراف متبدلة ومتحركة ويحتاج الإلمام بعناصره إلى ثقافة واسعة بصرية وعملية ومخزون كبير من معرفة العلوم المكملة والإطلاع على الصنائع الداخلة في التقانات المعتمدة، هذا بالإضافة إلى التمكن من علوم اللغات التي يكتب بها الناقد. ومن هنا نرى أن الناقد علون يؤكد على حساسية النقد ومسؤوليته التاريخية، لذلك يشير إلى اشكاليات متعددة ليست محلية فقط وإنما حالة عربية فبرأيه من يتابع الصحافة العربية يلاحظ فقر العديد من المقالات في تناول قضايا الفن والفنانين وبالتالي تضخيما للمسائل الشخصية التي لاتمت بصلة إلى النقد الفني. وفيما يخص المصطلح الفني المتداول يرى الناقد علون أن أخطاء المصطلحات الفنية منتشرة في مواد النقد الفني العربي. ويضع علون الإصبع على الجرح إذ يقول: كانت الحركة الفنية في سورية ومازالت تقوم وتثار كلما قدم فنان جديد، وكان الفنانون يلجؤون إلى انتقاد ولوم الكتّاب الذين يقدمون التجارب الجديدة تحت شعار عدم وجود نقد فني وأظن أن هذه المسألة قائمة في كل الدول العربية ولاتدل إلا على عدم استقرار الحركات الفنية من جهة، وعدم وجود أسواق فنية صحيحة، وضعف في الصحافة الفنية من جهة اخرى. ويؤكد علون على ان حركة الانتاج الفني مرتبطة بصورة مطردة بنمو حركة النقد. وفي هذا الكتاب الذي أصدرته الهيئة العامة السورية للكتاب بوزارة الثقافة العام الحالي يتحدث علون عن ظهور الناقد الفني يوحنا الدمشقي وعن لغة النقد الفني عند فاساري وعن جون راسكين وأبوللينير أحد أهم أعمدة الفن الحديث في القرن العشرين وعن نظرية كاندنسكي الجمالية. ليُضاف هذا الكتاب إلى مجموعة الدراسات التي يلمح من خلالها علون إلى الروائع الكثيرة للنقد الفني. كذلك أصدرت الهيئة المذكورة العام الحالي كتاباً ترجمته غادة الحسين هو (دمشق.. سيرة موجزة ) للباحث الفرنسي نيكيتا اليسياف، أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة ليون. وما يلفت انتباهي في هذا الكتاب هو الناحية الجمالية لدمشق والتي تناولها الباحث في سياق دراسته المعمقة هذه التي بدأها بالحديث عن جغرافية وبدء ظهور المدينة لينتقل تاريخيا من مرحلة لأخرى ذاكراً العهود التي مرت بها وخصوصية كل منها وصولا إلى العصر الحديث للمدينة. مع بدايات النص تظهر صورة قديمة لدمشق مرسومة كخارطة وبشكل بسيط ورمزي نرى فيها الأسوار والأبواب والمسجد الأموي والكنائس والأنهر وهي (المخطوطة) محفوظة منذ عدة قرون، ويتحدث الباحث عن فنون العمارة التي خلفت أوابد متنوعة تبعا للحضارات التي مرت بدمشق، عبر نصوص مقرونة بمخططات تعود بعضها إلى الفترة الرومانية، كمخطط معبد جوبيتير الروماني، ومن ثم مخطط الجامع الأموي، ومخطط آخرعام للمدينة مرسوم في عصور قديمة. ويبرز الباحث في دراسته هذه الفروق بين عناصر نألفها ككل واحد ومثال ذلك مآذن الجامع الأموي حيث يؤكد على خصوصية كل منها وجمالياتها وتوصيفها وبالتالي اسمها. ويأتي الباحث على ذكر قلعة دمشق والأضرحة والخانات والساحات والأسواق والحرف والصناعة والتجارة، وكل ذلك مرفق بوثائق من اللوحات المرسومة لفنانين مستشرقين، وهذه الأعمال الفنية تكتنز روعة بالغة تخفي سحر المدينة عبر الأزمان المتلاحقة. وهذا الكتاب مثال يعكس الدور الفني في نقل الحضارات والحفاظ عليها وتوثيق مخلفاتها المندثرة نتيجة التغير والتطور. هذا حال المكتبة الفنية، من زاوية ضيقة ربما، والجدير ذكره هو الدور البالغ للمعرض الحالي في نشر الثقافة، وفي إعادة الألق للكتاب في ظل التطور الكبير والطرق الجديدة في التواصل والحصول على المعلومة، والأهم هو اهتمام الناس بالمعرض. |
|