تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الثورة .. وأحاديثها

البقعة الساخنة
الخميس 15-9-2011
مصطفى المقداد

في ظل انقلاب المفاهيم والمصطلحات الكونية التي أفرزتها العولمة وثقافتها وتطبيقاتها ، غدت للثورة مفاهيم مستحدثة تتماشى مع السياق العام المرسوم في مراكز أبحاث ودراسات الامبراطورية

الأشد شراسة وعنفاً وإرهاباً على امتداد التاريخ البشري ، والأكثر دموية وقهراً على مدى التاريخ الإنساني .‏

فالثورة ومبادؤها التي كانت تستند إلى رؤى ومفاهيم ومعتقدات إنسانية والثورة التي كانت تطالب بالحرية والعدالة والمساواة بين أبناء كل مجتمع من المجتمعات البشرية تغيرت وتبدلت مفاهيمها لتغدو حدثاً وممارسة تفضي إلى إحداث تغيرات سياسية واجتماعية على الأرض تخدم أصحاب المصالح الاقتصادية في الاقتصادات الكبرى التي كبرت ونمت على حساب خيرات ومقدرات وثروات الشعوب في دول الشرق عموماً بدءاً من الغرب العربي وصولاً إلى أقاصي اليابان والفلبين في المحيط الهادي .‏

والقوى الكبرى لم تترك مجالاً سياسياً أو ثقافياً أو اجتماعيا إلا ووظفته في خدمة هدفها الأوحد وعملت على تحوير وتبديل البنى الفوقية في المجتمعات الشرقية القائمة على التعاون والعيش المشترك والتضحية والايثار لنعمل على الإخلال في جوهرها ومحاولة الأخذ بها نحو الأثرة والفردية والشخصانية، بحيث يتم تقديم المصلحة الشخصية على المصلحة العامة ، وإلغاء الارتباط بالمجتمع المحلي والسعي للارتباط بالمجتمع الغربي ونموذجه الأفرد .. ذلك النموذج الأميركي الغربي يدفع الفرد للمراهنة على فوز أحد المتخاصمين إن شهد خلافاً أو شجاراً أو حتى حرباً قائمة بين طرفين ، ويكون الرهان محدداً سلفاً بقيم مادية يتم أخذها والتنعم كمكاسب حقيقية يتم انتراعها من طرفي الخلاف..‏

واليوم إذ تتعدد أشكال الثورات العربية في أكثر جمهورية عربية فإن الأيادي الأميركية والغربية تجهد للفوز بالمغانم المادية المرتقبة إثر رحيل فريق أو نظام وحلول آخر جديد بديلاً له وهي لا تفسح مجالاً للقادمين الجدد ببناء دولتهم وفقاً لرؤاهم الأولية التي صاغوها من خلال شعارات ومطالب في أكثر من ساحة أو ميدان .‏

كما تعمل على طمس معالم الاختلاف والتباين ما بين بيئة وأخرى ، ومحاولة وضع مقياس موحد لكل الدول والمجتمعات العربية ، اعتماداً على الهدف الأوحد ، المتمثل في السيطرة على القدرات ، ودعم وتعزيز الوجود الاسرائيلي في المنطقة ، وتحقيق السيطرة الدائمة لكيان العدوان على مجموع الدول العربية .. وهنا نرى وندرك سبب القلق الكبير الذي ألم بالرئيس الأميركي باراك أوباما الذي لم يستطع النوم قلقاً على السفارة الإسرائيلية في القاهرة عندما اقترب بعض المحتجين من غرفة أرشيفها الذي كشف بعضاً من فوائض التآمر على مصر والعرب بعد أكثر من ثلاثين عاماً على توقيع معاهدة الصلح بين الطرفين الأمر الذي يعكس الحقيقة الأزلية ويجدد إظهار جوهر الصراع الذي لن ينتهي إلا بانتصار الحق وهو ما تؤكده وقائع التاريخ ، وما سنشهده قريباً على الرغم من كل محاولات التأخير ...‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية