|
على الملأ تعودنا أن تكون مدارسنا وجامعاتنا منارات للعلوم والمعارف، فهي تقوم بدور مهم في بناء الأجيال منذ عقود، واستطاع السوريون بما اكتسبوه من معارف أن يؤدوا دورا كبيرا في بناء حاضر سورية وماضيها، كما سجلت لهم مساهمات جليلة في بناء حضارات دول أخرى عدة عربية وأجنبية، ودور المهندس والطبيب والمعلم والمهني السوري واضح ومؤثر في أصقاع العالم.. هذه مآثر نفخر بها وسنظل كذلك، فدور العلم السورية، والمعلمين الأكفاء صدروا ثروات بشرية مشهود لها في مجال الإبداع والمعرفة، مع أن معظمها تهيأت له فرص النبوغ خارج سورية، ولكن أسس معرفته تلقاها في وطنه.. التعليم في سورية بشقيه الجامعي وما قبله، يعتمد كثيرا على الوسائل والآليات التقليدية المعتمدة على الكتاب والشرح والإملاء من المعلم إلى المتلقي، ولم نسمع أن في دور العلم السورية الخاصة والحكومية من اعتمد مبدأ الحوار بين الطرفين لإيصال المعلومة، أو اكتشافها، ولهذا كان البناء العلمي يعتمد على معلم ومتلقي، حتى تكرس كمنهج في الحياة العامة والممارسة اليومية للكثير من السوريين، وقد يكون معظم أسباب الإخفاق وعدم الوصول إلى نتائج في أي حوار علمي أو اجتماعي أو سياسي أو اقتصادي أو حتى منزلي، هو عدم تعلم مبادئ الحوار وغياب أي طرائق ووسائل علمية منهجية له، وبالتالي عدم الاعتراف برأي الآخر، وصولا إلى عدم احترامه..! من هنا نرى أن معادلة التعليم السوري والتي ارتكزت على أن الطالب هو محور العملية التعليمية تحتاج إعادة نظر، فالمدرس هو الأساس في العملية وليس هو أداة من أدوات التعليم، كما أرادت التوجهات التربوية في السنوات الأخيرة، والمعلم الكفؤ يستطيع الوصول بطلابه إلى الشاطئ الذي يريده عندما تتوفر له وسائل وأدوات مناسبة، ولكن بالتأكيد سيغرق مع طلابه عندما يكون حمله كبيرا دون أدوات نجاة.. التعليم التقليدي يحتاج إعادة نظر، فلم يعد دور المعلم هو تلقين العلوم والمعارف، بل يجب النظرة إليه على أنه مربي أجيال، والتربية تحتاج هوامش ومساحات واسعة يستطيع من خلالها المربي البحث عن أفضل طرق الحوار والمناقشة لإيصال المعلومة، وفي هذه لابد أن يتقلص دور الموجه الاختصاصي عن الدور النمطي التقليدي في المتابعة والتقييم، ليعطي المعلم، المربي، دورا في بناء جيل واع محاور يستمع للآخر ويفهم ما يريده، ليصبح الآخر أيضا يفهم متطلبات محاوره، ونخرج من عباءة معلم ومتلق.. |
|