تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الإيدز... المرض المتسلل من الغرب.. والوعي والالتزام يغلقان باب خطره..

تحقيقات
الأثنين 16-1-2012
تحقيق: محمد عكروش

الإيدز من الأمراض ذات العواقب الوخيمة!.. استطاع التغلب على كافة الاستراتيجيات العلاجية.. ومازال ماضياً في اجتياحه بلا هوادة.. أعلن العالم حالة الطوارىء لمواجهته.. ومازال الأقوى دون منازع.. عصياً على العلاج الناجع..

وفيروس الايدز مخادع يتحرك بسرعة.. وكلما هاجمه الأطباء ظهرت منه أنواع تستعصي على أسلحتهم وأدويتهم.. وليبقى أشرس الأمراض وأكثرها عنفاً بسبب صعوبة مقارعته ومقاومته.‏‏

‏‏

وباختصار مرض الإيدز يسببه فيروس HIV (فيروس نقص المناعة المكتسب) يدخل إلى الجسم عبر انتقاله من شخص يحمل العدوى إلى آخر سليم فيدمر جهازه المناعي ويجعله عرضة للإصابة بكثير من الأمراض الانتهازية وإلى أعراض تودي بحياته إلى الموت لذلك فهو عدو بيّن وهو وليد الفاحشة والخيانة، وضحاياه من أتبع نفسه هواها، وانقاد لغريزته وهو مرض قاتل لايطرق أبواب أحد، بل هم الذين يذهبون إليه مع دخوله العقد الرابع مازال عصياً في حلم الوصول إلى لقاح فعّال...‏‏

يطوف من حولنا‏‏

وإن كان عدد حالات الإيدز مازال محدوداً جداً، ولكن الخطر يطوف من حولنا، ويبحث عن ثغرة في بنيان مجتمعنا ينفذ من خلالها، وماتركز عليه الحملات الوطنية والعالمية لمكافحة الإيدز على حقوق المتعايشين مع الفيروس متمثلة بشعارها لهذا العام لا للوصمة والتمييز للمتعايشين مع الفيروس والمتعايش معه مريض يحتاج إلى الرعاية والعلاج ومن حقه التمتع بحقوقه كافة، كالتعلم والعمل والحصول على الرعاية الصحية من دون تمييز وهذا ماأفاد به وزير الصحة الدكتور وائل الحلقي قائلاً تعتبر سورية من الدول المحدودة الانتشار من حيث عدد الإصابات بفيروس نقص المناعة المكتسب الإيدز، وكانت من الدول السباقة دائماً لتقديم الخدمات الصحية بجودة عالية وبالمجان والعمل على تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية، مع التركيز على القوانين والتشريعات اللازمة لتحقيق الغاية المنشودة ألا وهي المحافظة على صحة جميع الفئات المستهدفة من المواطنين وتعزيزها..‏‏

‏‏

‏‏

الإحصائيات تعلن‏‏

إذ تبلغ عدد الحالات عالمياً 33، 4 مليون مصاب حتى نهاية عام 2009، فيما عربياً 310 آلاف حالة ولكن في سورية بلغ إجمالي الحالات المسجلة بمرض الإيدز حتى تاريخه 748 حالة، منهم 432 سورياً توفي منهم 172 مصاباً وتتابع الجهات المختصة بالوزارة ومديرياتها في المحافظات تقديم المعالجات المجانية لباقي المصابين مع مراعاة كافة حقوق المرضى ولاسيما السرية والخصوصية لهؤلاء الأشخاص. أما باقي الحالات المسجلة والتي وصل عددها إلى 316 مريضاً فكانت لغير السوريين وقد تم ترحيلهم جميعاً إلى بلدانهم.‏‏

وكانت سورية في مقدمة بلدان إقليم شرق المتوسط لمنظمة الصحة العالمية وشمال إفريقيا التي أخذت على محمل الجد الخطر الكامن في وباء الإيدز وأشار الدكتور الحلقي يتم التعاطي مع الإيدز بجدية عالية واتخذت إجراءات صارمة وعلى مختلف المستويات بهدف التصدي لهذا المرض والحد من انتشاره، كي لايصبح مصدر تهديد لحياة مواطنينا وحققت الوزارة نجاحاً ملحوظاً، وتبنت سورية ومنذ العام 1987 استراتيجية وطنية وقائية فاعلة من خلال تشكيل اللجنة الوطنية لمكافحة الإيدز والتي تتضمن بمكوناتها جميع الشركاء الحكوميين والمنظمات الشعبيةوالنقابات المهنية وفعاليات المجتمع الأهلي، كما تم تبني الاستراتيجيات الدولية لدعم البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز في وزارة الصحة من خلال توثيق التعاون مع المنظمات الدولية ذات الصلة.‏‏

ثلاثة مراكز مشورة جديدة‏‏

وأصبح نشر الوعي عملاً روتينياً ضمن التدريب التنظيمي بالتكامل مع سياسة برنامج الإيدز الوطني الذي ساهم بافتتاح 24 مركزاً خاصاً بتقديم خدمات المشورة والاختبار الطوعي لمرض الإيدز منتشرة في المحافظات السورية، كما تم مؤخراً اعتماد ثلاثة مراكز إضافية لهذا الغرض في محافظات حمص واللاذقية والسويداء بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان وجمعية تنظيم الأسرة، إضافة إلى انجار وتجهيز ثلاثة مراكز مشورة للاختبار الطوعي بالتعاون مع وزارة الداخلية ضمن السجون المركزية للرجال والنساء في دمشق وللرجال في حلب وستوضع هذه المراكز في الخدمة الفعلية في وقت لاحق.‏‏

كما تم تدريب 50 من الأطباء العاملين من مقدمي الخدمات المتعلقة بمرض الإيدز لدى مديريات الصحة حول العلاجات الحديثة لهذا المرض بالإضافة إلى تدريب وتأهيل مايزيد عن /2000/ من كوادر المنظمات الشعبية وكذلك العاملين الصحيين في مديريات الصحة حول تدابير المشورة والاختبار الطوعي لمرض الإيدز بالتزامن مع انجاز الخارطة الجغرافية للفئات العالية الخطورة على المستوى الوطني.‏‏

إنجاز مشروع قانون‏‏

وتسعى وزارة الصحة بشكل حثيث وبالتعاون مع مختلف الشركاء في الوطن، لإنجاز مشروع قانون حقوق وواجبات الأشخاص المتعايشين مع فيروس الإيدز، هذا المشروع يلامس بشكل أساسي قضية المتعايشين مع المرض ويتعرض بمجمل مواده إلى تخفيف الآثار البدنية والنفسية وتعزيز وسائل الرعاية الوقائية والتثقيفية والعلاجية المجانية، مع عدم المساس بكرامة المصابين والانتقاص من حقوقهم.‏‏

أضداد الفيروس في الدم‏‏

لكن، ماهي مهام المركز التخصصي لتشخيص الأمراض المعدية؟.. وعلى ماذا يعتمد من تحاليل تقول الدكتورة رنا العيازرة: يعتمد المركز على تحاليل (أليزا) حيث يكشف أضداد الفيروس في الدم ومهمة الدم إعطاء وثيقة خلو من فيروس الإيدز وفي حال الإيجابية يتم إعادة سحب الدم مرة ثانية لإجراء التحاليل نفسها للتأكد ولنفي الخلل أو الخطأ في العينة وفي حال الإيجابية الأولية الثانية يتم إرسال العينة إلى المخبر المرجعي للإيدز في مديرية مخابر وزارة الصحة لإجراء التحاليل التأكيدية.‏‏

استدعاء المصاب بشكل سري وهادىء‏‏

وعن الإجراءات المتبعة في حالة التأكد من الإصابة؟ عند ورود النتيجة الإيجابية من المخبر المرجعي التابع لوزارة الصحة يتم استدعاء المصاب بشكل هادىء وسرّي لإخباره بالنتيجة بعد تهيئته وبشكل تدريجي يتقبلها ثم نفتح استمارة متابعة له، ويتم إجراء التقصي الوبائي لمعرفة مصدر الإصابة وتتم متابعة المصاب بشكل دوري، وإن كان في حاجة للعلاج يعطي العلاج له.‏‏

مبادىء خدمة المشورة‏‏

وعن مبادىء خدمة المشورة والفحص الطوعي أشارت د. العيازرة إلى أن هناك عدة مبادىء تتضمن: الطوعية من خلال الحوار دون استخدام الوثائق المكتوبة وإجراء الفحص الطوعي وكذلك الخصوصية إذ جميع المعلومات التي يعطيها المستفيد للمرشد خلال جلسة الحوار لن يتم استخدامها أو استغلالها، وللمرشد فقط الحق بالاطلاع على نتيجة الفحص ولايسمح لأي شخص آخر بذلك دون موافقة المستفيد، ونعمل أيضاً على السرية وهي الفرصة المتاحة أمام المستفيد خلال عمليتي تقديم المشورة والفحص لاختبار عدم الكشف عن أي بيانات شخصية يعطى رمزاً أو رقماً وكذلك الموافقة المستنيرة من الضروري الحصول على موافقة المستفيد للقيام بالاختبار في جميع مراكز المشورة (للفحص الطوعي وخدمة المشورة).‏‏

بدوره أشار الدكتور جمال خميس رئيس دائرة مكافحة الإيدز بوزارة الصحة وعما يقوم البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز من دور وبشكل مواز على خطة وقائية هدفها منع انتشار المرض وخفض نسب الإصابة وفي شكل أساسي على الترويج لسياسات أفضل ونشر مصادر معرفة وتثقيف صحي في المدارس والمؤسسات المعنية الأخرى، لتحفيز تغيير في السلوك الفردي وللحد من الإصابة بالعدوى وذلك بالشراكة مع وسائل الإعلام في سبيل الوصول إلى كل فئات المجتمع وفي شكل أساسي الفئات الأكثر عرضة لأخطار المرض، التي يمكن أن تتحول إلى بؤر عدوى وخاصة إذ تلازمت مع الشذوذ الجنسي أو تعاطي المخدرات أو الدعارة.‏‏

لاخوف من المعالجات السنية‏‏

وإن كان هناك خوف من العدوى أثناء المعالجات السنية يجيب الدكتور محمد منير أبو شعر عضو اللجنة الوطنية لمكافحة الإيدز: لاداعي لخوف وتخويف المريض من انتقال عدوى الإيدز له عبر المعالجات السنية، لأن أدوات وأجهزة طبيب الأسنان تخضع لعمليات تنظيف وتطهير وتعقيم صارمة ومن شأن ذلك القضاء التام على كافة الجراثيم والفيروسات الممرضة وعلى رأسها فيروس الإيدز.‏‏

كما أن كثيراً من أدوات طبيب الأسنان تستعمل لمرة واحدة وخاصة إبر المحاقن والمشارط وغيرها.‏‏

وأضاف د. أبو شعر على الرغم من أن فيروس الإيدز شرس جداً وهو داخل الجسم إلا أنه ضعيف المقاومة جداً خارجه، وسريع التلف يسهل تعطيله والقضاء عليه بالإجراءات القياسية لتعقيم الأدوات، وإن خطورة هذا المرض تدفعنا إلى التأكيد الدائم على إجراءات التعقيم والتطهير حفاظاً على صحة الطبيب والمريض معاً.‏‏

وأشار أنه لم يقم الدليل على انتقال الإيدز من عيادة طبيب الأسنان، كما أنه لم نجد الدليل على انتقال الإصابة من الطبيب إلى المريض، ومن مريض إلى آخر خلال المعالجات السنية.‏‏

بينمابيَّن الدكتور ممدوح نسلي رئيس شعبة الإيدز عن نوعية نقل الدم الموجود في البنوك ولاسيما أن الإيدز ينتقل أحياناً عن طريق الدم الملوث ليؤكد: بأن كافة أكياس الدم المقطوفة في سورية يتم فحصها للتأكد من سلامتها قبل نقلها للمحتاجين إليها..‏‏

وعن طريق العدوى أشار إلى انتقال الإيدز بالطرق التالية:العلاقات الجنسية العابرة، سواء كانت شاذة، أو طبيعية إذا كان أحد الشخصين حاملاً لفيروس الإيدز، وهناك ممارسات وعوامل تزيد من خطر العدوى، مثل تعدد قرناء الجنس، ووجود أمراض تناسيلة أخرى..‏‏

وأيضاً عن طريق المحاقن أو الإبر الملوثة بالفيروس، وكذلك الأدوات الثاقبة للجلد مالم تكن تامة التعقيم مثل: الإبر الصينية وأدوات ثقب الأذن والوشم وأدوات الختان.‏‏

وكذلك عن طريق نقل الدم الملوث غير المفحوص أو مشتقاته من شخص مصاب إلى شخص سليم. ومن الأم المصابة إلى جنينها أثناء الحمل أو أثناء الولادة أو بعدها، إذا لم تأخذ العلاج الوقائي أثناء الحمل.‏‏

لاينتقل بالملامسات أو المخالطات‏‏

والجدير بالذكر أن الإيدز لاينتقل من خلال الملامسات أو المخالطة العادية في العمل والمدرسة والمنزل أو المخالطة في الأماكن المزدحمة كالباصات، ولاينتقل أيضاً بواسطة الفم أو المصافحة ولابواسطة دورات المياه أو المسابح، أو الحمامات، ولاعن طريق العطس والسعال، ولابواسطة استعمال أدوات المصاب، كما أنه لاينتقل بالماء أو الهواء أو الحشرات.‏‏

وبالنسبة لأعراضه أردف د.أبو شعر: في البداية قد لاتظهر أي أعراض على المصاب بفيروس الإيدز باستثناء بعض الأعراض التي تشبه الزكام أو الأنفلونزا، فيمر المريض بمرحلة من السكون قد تدوم سنوات عدة، قبل أن يعود إلى الظهور بشكل أقوى، وهذه المرة تكون أعراض الإيدز واضحة جداً منها تعب وإعياء شديدان من دون سبب واضح أو مباشر قد يستمر أسابيع عدة، انخفاض شديد في الوزن، ظهور التهابات جلدية فطرية وبكتيرية، تضخم في الغدد اللمفاوية، إسهال شديد مزمن، ارتفاع في درجة الحرارة من دون سبب واضح، مع عدم التجاوب مع أي علاج، مشكلة في التنفس مع سعال شديد، التهابات وتقرحات في الفم والأغشية المخاطية وإصابة الجهاز العصبي المركزي.‏‏

***‏‏

لقاح العفة والمعرفة‏‏

ولايخفى على أحد منا أن القيم الاجتماعية والثقافية والروحية في بلدنا في ظل نظام تحكم آمن بنقل الدم وقلة عدد متعاطي المخدرات عن طريق الحقن الوريدية وتوفر الخدمات الصحية والتثقيفية الأساسية للجميع، كله يساهم وبشكل أساسي في نجاح الجهود المبذولة على المستوى الوطني بهدف منع انتشار الإيدز بين السكان.‏‏

ويبقى اللقاح الفعَّال لمرض الإيدز تاج على الرؤوس متوفر لدينا متمثلاً بالعفة والمعرفة..‏‏

***‏‏

تقديرات العقد الأخير‏‏

شهدت التقديرات السنوية لحالات العدوى الجديدة بين البالغين والأطفال لإقليم شرق المتوسط زيادة كبيرة في العقد الأخير، إذ يبلغ عدد المتعايشين مع الفيروس المناعي البشري حوالي/560000/ شخص من بينهم/42000/ طفل دون الرابعة عشرة من العمر وتقدر حالات العدوى الجديدة بنحو/82000/ ألف بالغ و/7400/ طفل، كذلك تزايدت حالات الوفاة المتعلقة بالإيدز بمقدار ضعفين تقريباً في العقد الماضي بين البالغين والأطفال في الإقليم ليبلغ مجموع الوفيات/38000/ عام 2010 بينهم/4100/ طفل وتعكس هذه الزيادة في الوفيات ثلاثة تحديات هي تسارع الوباء في الإقليم وارتفاع عدد النساء المتعايشات مع الفيروس المناعي البشري /40٪/ عام 2010 والتغطية غير الكافية لخدمات منع انتقال العدوى بالفيروس من الأم إلى الطفل.‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية