|
الصفحة الأولى معلوم ان انتماء سياسياً واحداً يجمع الزوار الثلاثة ( الجنرال الاميركي قائد المنطقة الوسطى، وبان كي مون امين عام الامم المتحدة، وأحمد داوود أوغلو وزير خارجية تركيا ) فهم ممثلون لمنظومة دولية تشن حربا متعددة الاوجه على «منظومة المقاومة والممانعة» من ايران الى فلسطين مرورا بسورية ولبنان، حرب تتقلب اليوم بين الفشل والتعثر الذي ينذر بهزيمة المعتدين ، وخاصة ان ايران خرجت من دائرة الاستيعاب وهددت بالرد حتى خارج اقليمها السيادي، و تحضرت لمعاقبة من يستهدف علماءها ونفطها، وأن سورية نجحت في ادارة معركتها الدفاعية بشكل تميز في الاسبوع الاخير بمواقف هامة اطلقها الرئيس الاسد في خطاب وصفه العدو الاسرائيلي بانه خطاب «نصف النصر» واتبعه بمشاركته المواطنيين السوريين احتشادهم تأييدا لحركته الاصلاحية ولوحدة سورية العربية .مشاركة جاءت بمثابة الضربة الموجعة للمنظومة العدوانية التي راهنت على نجاح حربها النفسية ضد الحكم في سورية وجع جعل داوود اوغلو يبدي فقدان امله من النظام في سورية، خيبة اوحى بأن سببها هو عدم الاستجابة للاصلاح، وتفسيرها الحقيقي يكمن في ان النظام اظهر من القوة الذاتية والمكتسبة ما جعل سقوطه مستحيلا عليهم. في ظل هذا المشهد كاد يجمع منظرو الفريق المعتدي على منظومة المقاومة والممانعة بأن الهجوم على سورية فشل كما فشلت كل الخطط التي استهدفتها حتى الان، وان سورية امتلكت مناعة ذاتية واقليمية ودولية ثبتتها في مواقعها، من هنا كان الاتجاه الاخير لاعتماد الارهاب وسيلة للعقاب وقد امل هؤلاء بأن يؤدي الارهاب المنتج للخسائر المتعددة الاتجاهات والعميقة الاثر في المجتمع السوري،يؤدي الى تنازل سورية عن النصر والقبول باعطاء موقع ما لمن لا يستحق، على ان يكون في اقل توصيف جائزة ترضية او حفظ مكانة تطور مستقبلا انطلاقا من «رأس جسر في السلطة». لكن الرد السوري على هذه المناورة جاء على لسان الرئيس الأسد عندما حدد بان صندوق الاقتراع هو الفيصل، و بأن العملية الاصلاحية لن تتوقف مهما وضعت في وجهها العراقيل، وانه سيستمر في مواجهة الارهاب حفظا للامن السوري الامر الذي فسره الخبثاء بانه اصرار على الحل الامني متناسيين سلة القوانين والانظمة التي اقرت او تسلك طريقها للاقرار و للتنفيذ. نعم استخلص المعتدون بأن الارهاب بقي السلاح الوحيد المتاح لهم استعماله الان في سورية مع علمهم بأنه لن يؤدي الى النتيجة المبتغاة – اسقاط النظام - لكنهم خشيوا عليه من قرار السلطة محاربته، لذلك عادوا الى البحث في خطط قديمة كانت قد سقطت او استهلكت، والمفلس كما نعلم يعود الى دفاتره التجارية القديمة ويكرر البحث فيها عله يجد ما ينقذه من الافلاس. وفي سعيهم يبدو انهم وجدوا الخطة التي تدغدغ احلامهم ، خطة تقوم على ركيزتين : الارهاب، والحرب النفسية، وعلى هذا الاساس يأتي اصرارهم على: 1) استمرار الضغط على منظومة المقاومة والممانعة بكل عناصرها وبشتى الوسائل الممكنة والمتاحة، من اجل تفكيكها وابعاد ايران وحزب الله عن سورية، ضغط يتم مع الحؤول دون الوصول الى اندلاع الحرب التقليدية. 2) الضغط على الأقليات من اجل اقناعهم بالانخراط في جبهة التحالف ضد النظام السوري والسلاح المقاوم في لبنان وتهديدهم بالحرب الاهلية التي ستؤدي الى تهجير من يبقى حياً منهم . 3) تجاهل النظام السوري وحركته الاصلاحية ورفض الاعتراف بنجاحه في معركته الدفاعية، وخاصة ان هذا الاعتراف سيؤدي الى كوارث سياسية تنزل بالمعتدين في فترة زمنية حرجة لهم شخصيا ولدولهم وتبقى برأيهم متابعة الهجوم حتى ومع اليأس من النجاح، افضل لهم من التوقف اليوم وخاصة ان الدماء التي تسيل هي دماء سوريين فقط، والممتلكات التي تدمر هي سورية ايضاً ولا تعنيهم . 4) امداد العمل الارهابي في سورية بالشحنات اللازمة لاطالته الى الحد الاقصى، عبر تكثيف تهريب السلاح اليها واقامة مخيمات لاجئين في دول الجوار، ثم تحويلها الى معسكرات تدريب وايواء المسلحين وارسالهم الى سورية لتعويض خسائر الارهابيين في مواجهة قوى حفظ النظام ، خاصة بعد ان سجلت هذه القوى انجازات هامة في الاسابيع الماضية، وهم يخشون ان تتمكن سورية من اكمال النجاح في حربها على الارهاب على اراضيها فتسقط من يدهم ورقتهم الاخيرة . 5) محاولة العودة الى تجربة قوات الردع العربية التي اعتمدت في لبنان، وارسال قوات عربية الى سورية بقرار من الجامعة (طالما ان مجلس الامن مقفل بوجههم ) من اجل منع النظام من اكمال انتصاره والحؤول دون احكام سيطرته الامنية ومن اجل تعويض فشلهم السابق في اقتطاع المدن والمناطق التي يحكمها صنيعتهم «مجلس استنبول».. ولان موقع لبنان والخريطة السياسية الفسيفسائية القائمة فيه تجعله برأيهم مؤهلاً للعب دور يعول عليه في تنفيذ الخطة البديلة هذه فقد جاءت زيارات المسؤولين الثلاثة اليه، ليقوم كل منهم وحسب وظيفته بالضغط على لبنان من اجل: أ) ارباك المقاومة والتشويش عليها عبر اعادة اثارة موضوع سلاحها والتمديد للمحكمة الدولية. ب) توفير المناطق المناسبة للارهابيين عبر اقامة مخيمات تحت عنوان «لاجئين سوريين في لبنان» ،وتكون حقيقتها معسكرات للمسلحين وخاصة بعد ان نشرت صحيفة الواشنطن بوست ان هناك 500 عسكري سوري فار من الجيش و يقيم في شماله. ( تركز الخطة على لبنان بعد ان تعذر التنفيذ في كل من الاردن والعراق وتركيا لاعتبارات شتى ). ت) التهويل بالزلزال الآتي – و يقصدون سقوط النظام السوري – لاخافة المسيحيين خاصة عبر الايحاء بان الكارثة تقترب من لبنان وان نجاته تكمن في التعاون من اجل «التخلص السريع من النظام السوري»، الذي (برأيهم ) سيقود بقاؤه الى حرب اهلية – طائفية تشعل المنطقة وسيكون لبنان و المسيحيون فيه اول الضحايا . هذه هي الاهداف الحقيقية لزيارات ممثلي منظومة العدوان فهل حققت الزيارات اهدافها ؟ ان المتابع للنتائج يجد ان الزوار عادوا بخفي حنين وان حصاد الزيارات، كان «صفرا» رسميا، وخيبة من المقامات الروحية (خاصة المسيحية التي ذكرت اوغلو بتاريخ تركيا مع الاقليات ) وصفعة وجهتها المقاومة وجمهورها، حيث تبين للزائرين ان حكومة لبنان لا يمكنها ان تستجيب للطلب مهما كانت الضغوط، وشعب لبنان سيبقى ممسكا ببندقية المقاومة ولن يسمح بتحول لبنان الى منصة ضد سورية ( رغم الثغرات القائمة على الحدود الآن وتهريب السلاح و تسلل الارهابيين ) وان لبنان ومنظومة المقاومة امتلكت الخبرة في التعامل مع الحرب النفسية بما يعطل خطتهم، اما فكرة قوات الردع العربية فقد سخر منها العاقل الذي سمع بها لان تنفيذها يتطلب عناصر لا يتوفر منها شيئا. |
|