|
إضاءات فعلى الرغم من الأحداث الهامة والتغيرات التي شهدتها المنطقة العربية خلال العام الماضي وسقوط بعض الأنظمة وظهور بعض ملامح التحول في أكثر من مكان، إلا أن ما جرى ما زال يدخل في اطار أزمة توصيف، هل هي ثورات أم احتجاجات وفورات؟ وإذا كان من السهل تحديد مدخلات ما جرى إلا أن المخرجات قد لا تشبه مدخلاتها بتحليل الناتج السياسي والمؤسسي لها، على الأقل حتى الآن، علماً أن السياقات التي تسير وفقها لا تدعو إلى كثير من التفاؤل. إن ما يثير الكثير من علامات الاستفهام هو الدينامية التي عملت وفقها السياسة الأميركية مع ما حصل، والانخراط العجيب لها مع البنى التي أفرزتها تلك الحالات، فالواضح أن الإدارة الأميركية حريصة على ألا يصيب التغيير الذي جرى جوهر المواقف و تحافظ تلك الدول على روح سياساتها الخارجية ويقتصر التغيير على شكلها الخارجي والرداء الديمقراطي الذي يمكن أن تتوشحه. إن حالة عدم يقين سياسي هي التي تحكم ما جرى مع إن التيارات الإسلامية بدت الأكثر حضوراً في المشهد الجديد لأسباب يأتي في مقدمتها أنها كانت الأكثر تنظيماً وتوحداً من غيرها بحكم أسبقيتها في العمل السياسي وامتداد جذورها في الحراك الشعبي، إضافة إلى غياب حالات الاستقطاب للقوى السياسية الأخرى من تيارات قومية وعلمانية وغيرها. إن تحولاً أساسياً في البيئة الاستراتيجية الإقليمية لم يحدث على الرغم من كل الذي جرى، علماً أن قوى كبرى وإقليمية حاولت التأثير في عملية التحول التي حدثت بهدف ركوب موجاتها وتوظيفها بما يخدم أجنداتها. ولا شك أن مساحة تأثيرها حتى الآن كان جانبياً ومحدوداً لكن الواضح أن التركيز خلال العام المنصرم كان على سورية وسيستمر مستقبلاً لأن الهدف الاستراتيجي لأميركا وقوى الغرب كان ومازال إزاحة –تلك العقبة- التي واجهت وأوقفت مشاريعها في المنطقة واستطاعت تشكيل منظومة مقاومة تبدو الآن بمجموعها في دائرة الاستهداف الغربي الصهيوني. إن قراءة المشهد العام في المنطقة والإقليم عموماً يشير إلى أن الفترة المقبلة ستشهد حالة استقطاب حاد قد تصل إلى درجة الصدام المباشر أو غير المباشر، فالواضح ان القوى التي راهنت على تغيير الأوضاع في سورية بفعل داخلي قد خسرت الرهان وستلجأ لإعادة تظهير الملف السوري أو تدويره من منصات أخرى وستحاول مرة أخرى الدفع بقوى إقليمية إلى ساحة المواجهة والتدخل بالشأن السوري تحت عناوين تختلف في الشكل وتتفق في المضمون، لأن الغرب بضفتيه غير قادر في المدى المنظور على التدخل عسكرياً في سورية لعدة أسباب منها الكلفة الغالية لهكذا مغامرة وهو المتخبط في أزماته المالية، إضافة إلى أن ساحة المعركة لن تكون محصورة في الجغرافية السورية بل ستمتد إلى الفضاء المقاوم العابر للحدود مع غياب الأساس القانوني والأخلاقي لهكذا عمل طائش، إضافة إلى ان التجربة العراقية ما زالت حاضرة في حسابات وخطط راسمي الاستراتيجيات في الغرب، حيث ثبت إن من يمتلك التوقيت في قرار شن الحروب غير قادر على إسداء الستار عن مشهدها الأخير وكسب رهان الانتصار. لقد استعجلت القوى الغربية وتوابعها في المنطقة وأخطأت استراتيجياً في قراءتها لعناصر القوة السورية ولطبيعة وبنية مكوناتها وقوة تأثيرها الإقليمي وما تمتلكه من أوراق ورصيد تاريخي ونضالي مقاوم ليس على الساحة الشعبية فقط وإنما على المستوى الإقليمي والدولي، فقوة سورية الحقيقة لا تكمن فقط في امكاناتها البشرية والمادية وقوة ردع جيشها وإنما، في ذلك الرصيد الأخلاقي والثقافي والسياسي والتاريخي الذي تختزنه، ناهيك عن جغرافيتها السياسية التي تعطي للمكان عبقرية على نحو ما، هذا كله وغيره الكثير غاب عن عيون وتفكير أولئك الذين أصيبوا بالعمى العقلي وفقدوا البصر khalaf.almuftah@gmail.com ">والبصيرة. khalaf.almuftah@gmail.com |
|