تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ليس من السهل إغراء المتعاملين بأي مغامرة.. ثبات البنوك السورية كان أقوى من الأضاليل .. وأشدُّ جذباً من رفع سعر الفائدة

الثورة
مصارف وتأمين
الخميس 22-9-2011
علي محمود جديد

على الرغم من أنَّ رفع أسعار الفائدة يجذب الشريحة المودعة من المتعاملين مع البنوك، ويُساهم – بالأحوال العادية على الأقل – في زيادة حجم السيولة في المصارف،

التي من المفترض أن تُشكّل فرصة كبيرة لدى البنوك من أجل تعزيز قدراتها على منح القروض المطلوبة من مختلف القطاعات، غير أنَّ الأمر ليس كذلك في سورية، فمن الملاحظ أن الكتلة النقدية الموجودة في الجهاز المصرفي السوري بقيت كبيرة جداً على الرغم من كل ما حصل من سحوبات، فحسب آخر الإحصاءات النقدية والمصرفية، التي أعدّها مصرف سورية المركزي لنهاية أيار 2011 يتبين بأن ودائع المصارف المحلية التي كانت ( 85 ) ملياراً و ( 948 ) مليون ليرة سورية في عام 2005 ارتفعت إلى ( 126 ) ملياراً و ( 984 ) مليون ليرة سورية في نهاية عام 2006 ، لتصل إلى ( 201 ) مليار و ( 227 ) مليون ليرة في نهاية عام 2007 ، ولترتفع إلى ( 252 ) ملياراً و ( 270 ) مليون ليرة في نهاية عام 2008 ، ومن ثم تزداد إلى ( 329) ملياراً و ( 369 ) مليون ليرة نهاية عام 2009، أما في آخر عام 2010 فقد وصلت ودائع المصارف المحلية إلى ( 333 ) ملياراً و ( 326 ) مليون ليرة سورية، وفي نهاية نيسان 2011 تراجعت هذه الودائع إلى حدود معينة واستقرت في ذلك التاريخ على (241 ) ملياراً و ( 704 ) ملايين ليرة سورية، أي إلى حدود ما كانت عليه الودائع نهاية عام 2008، وهذا يعني أن الوضع طبيعي جداً، وأن تلك ( الهوجة ) التي يحاول البعض من خلالها تصوير أن الحياة المصرفية في سورية قد غدت بأزمة والأمر ليس كذلك.‏

الحياة المصرفية في سورية طبيعية فنياً وموضوعياً وواقعياً، ولا شيء يعكّر صفوها لولا ( بعض القلق ) الذي يعتري شريحة قليلة من المتعاملين، ويظهر أنه اعترى أيضاً بعض البنوك الخاصة ولاسيما بعد رفع سعر الفائدة لأن هذا السعر الجديد من شأنه إرهاق المصارف بتلبية الفوائد الجديدة على الإيداعات، كما أنه – أي السعر الجديد للفائدة – يكبح إقدام المستثمرين على طلب القروض كي لا يتكبّدوا تكاليف تلك الفوائد العالية التي سيقومون بدفعها للبنوك، وهذا ما رأته بعض البنوك زجّاً بها نحو مواقف لاتُحسد عليها إذ سوف تضطر لدفع فوائد باهظة للمودعين دون أن تكون قادرة على استرجاعها من خلال القروض الممنوحة التي يجب أن توازي على الأقل حجم الإيداعات وهذا ما ليس قائماً حتى الآن بالنسبة لبعض البنوك الخاصة، غير أن بعض البنوك الحكومية كالمصرف التجاري السوري بدا مرتاحاً جداً لأن طلبات القروض عنده لم تتقلّص بل ازدادت أكثر مما كانت عليه بالسابق.‏

ولكن هذه المعادلة الجديدة لأسعار الفائدة تبقى هي الإجراء الأصح – ربما – عند السلطات النقدية في مثل هذه الظروف، وعلى الأقل من قبيل الاحتياط والحذر رغم أن المشهد على الساحة المصرفية السورية بقي طبيعياً وضمن الحدود المعقولة جداً التي رأى فيها الكثيرون لاحقاً أنها لا تستأهل القلق أصلاً، فالمصارف – ولاسيما الحكومية – سجّلت ثباتاً واضحاً، حتى إن هذا الثبات رأه البعض بأنه هو الدّافع الحقيقي لعودة المودعين مرة ثانية وضخ أموالهم في البنوك، أكثر مما كان الدّافع هو رفع سعر الفائدة التي حددها مجلس النقد والتسليف في 18 / 7 / 2011 م على النحو التالي :‏

تحدد أسعار الفائدة الدائنة التي تدفعها المصارف العاملة على الودائع والحسابات الجارية الدائنة وحسابات شهادات الاستثمار بالليرة السورية كما يلي:‏

أ- ١ % سنويًا على الحسابات الجارية الدائنة مع إعطاء هامش حركة ± 1%‏

ب- ٧% إلى ٩% سنويًا حسب الآجال على الودائع لآجل مع إعطاء هامش حركة ± ٢% شريطة أن لا يقل الفرق بين أقل معدل على أدنى آجل وأعلى معدل على أطول آجل يحدده المصرف على هذه الودائع عن 2%‏

ج- ٧% سنويًا على ودائع التوفير مع إعطاء هامش حركة ± ١% شريطة ألا تزيد وديعة التوفير عن مليون ليرة سورية للمودع الواحد، ويعامل الفائض عن المليون ليرة سورية في رصيد وديعة التوفير معاملة الحسابات الجارية جهة أسعار الفائدة واجبة التطبيق.‏

د- ٧ % ســنويًا على شــــهادات الاســـتثمار.‏

فإن كانت هذه الأسعار الجديدة للفائدة قد حفّزت بعض المتعاملين على إعادة ودائعهم، فإن أضعاف هذه الأسعار ذاتها لم تكن قادرة على إغراء المتعاملين بأي مغامرة مع البنوك الســورية لو لم تكن تلك البنوك قد أقنعت المتعاملين بثباتهـــا وقوتها الحقيقية على الرغم من كل الإشاعات والأكاذيب التي تحوم حولها .. ولكن دائماً سرعان ما تتبدّد أمام الواقع الذي يبقى أقوى وأصلب من الافتراءات كلها.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية