تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أي المصيبتين..؟!

الافتتاحية
الخميس 22-9-2011
بقلم رئيس التحرير عـلي قـاسـم

لم نتفاجأ أن يتطابق موقف السيد أردوغان مع موقف الرئيس أوباما، لأن السياسة التي يقودها باتت جزءاً من السياسية الأميركية.. تدور في فلكها، وواحدة من دوائرها المركزية المزمنة..

ولم نتفاجأ أن يلحق من فاته الركب الأميركي ولو في الوقت الضائع، لينضم إلى «الناصحين» و«الغيورين» قبل أن تسجل حوله علامة استفهام كبرى..‏

مازالت أصواتهم تلطم أسماعنا.. والمتراكضون على اعتلاء منصة «النصح» السياسي والإصلاحي يتوافدون تباعاً.. يتدافعون في اصطفافاتهم، وكل منهم لديه مايدلي به.. ومايقدمه، وأحياناً مايوصله، ودائماً ماهو مؤتمر به.‏

جوقة «الناصحين» السياسيين هذه تتسع وتكبر.. تتورم بهم كما تتورم بما يقدمون عليه، وتتنوع مستوياتها وخلفياتها ومواقعها وتتلون بألوان الطيف السياسي والجغرافي.. لم يبقَ عرش سياسي من الصناعة الاميركية لم يبادر، ولم يستثن كرسي رئاسي أو شبه رئاسي من النتاج الأميركي ولا أميري أو تابع لأميري.. إلا وتنطح للمهمة والدور.‏

بعضهم أبكر في إعلان اصطفافه، وبعضهم الآخر لحق بالركب ولو متأخراً، جميعهم قدموا «نصائحهم» و«خبراتهم» التي تعبق بها تجاربهم «الرصينة» والموغلة في «عراقتها» إلى حدّ التخمة، وبتنا نقرأ بين سطورها ماهو أبعد من الهواجس التي تشتعل فيهم.. خوفاً وقلقاً و «حرصاً».. وجميعهم أيضاً يعلنون خشيتهم ومخاوفهم..!!‏

أصحاب عروش «السمو» و«الجلالة» ومعهم طامحو «الخلافة» جاءت نصائحهم وارشاداتهم المعلنة أو المضمرة خالية من أي رتوش.. بدا الدور المرسوم لهم محكماً متطابقاً مع النيات والأهداف والغايات..‏

على هذا المنوال دفعوا بتجاربهم.. لتكون شاهداً حقيقياً على «نياتهم» تلك، ولنا فيما قدموه، وما أقدموا عليه شواهد لاتحصى.. وأدلة لاتنتهي.‏

هذه بعض من معطيات طفت على سطح الأحداث، وبعض المشاهد على حالة الاصطفاف السياسي التي يتناوبون على ترميزها والوقوف خلفها، لتحقيق ماهو مطلوب وفي أي اتجاه يرغبون.‏

إنها الصورة العربية ، ونسختها «الإسلامية» المنقحة التي لم تكتفِ بما احتوته من تشويش، وماتضمنته من خلط وصل إلى حدّ الزوغان.. مرارة الخيبة فيها، تعطي لحالة التندر السياسي ذخيرة لأجيال قادمة لكي تغني مجالسهم بتفاصيلها المغرقة في سوداوية الوضع العربي وترهله بـ«أسياده» الجدد..‏

من شعر بالحرج بداية.. يتحرر منه اليوم.. ومن أحس ببعض الارتباك.. ينطلق وهو متحفز، ومن انعقد لسانه طوال عقود.. تنساب كلماته وتحضر «فصاحته» ومن كان يتلعثم في الحروف العربية يلتقط مايكفيه منها.‏

المفاجآت في هذا الزمن العربي الرديء تفقد معناها.. تغيب عن يوميات الحدث العربي.. فلم نعد ندهش لموقف هنا، ولا نتعجب من تصريح هناك.. ولانستغرب هذه «العبقرية» السياسية التي أنجبتهم.‏

أشد اللحظات مرارة حين تفقد المفاجآت حضورها وأكثرها قسوة تلك التي لم نعد نستبعد فيها شيئاً.. مسلمات السياسة وأحكامها ومنطق المحاكمات غيبتها أشهر الأحداث وتداعيات «الربيع العربي» الذي أنبت في أرضنا أدواراً ومواقع و«زعامات»..‏

الإمارات المعلقة في فضاء الحسابات والأطماع والمتشكلة في هوامش الحدث العالمي.. تتحرك اليوم لتكون النموذج.. والعروش المزهوة بدورها وموقعها باتت «الضمانة»، مثلما أصبحت «القدوة».‏

لاعجب في ذلك.. ولا استغراب.. لا استهجان ولا اعتراض.. لكن هل يدركون أنها آخر الأدوار.. هل يعلمون أنه الفصل الأخير؟!.‏

تجارب التاريخ تقول: تفقد الأوراق فعاليتها حين تتكشف مراميها، وينتهي الدور الموكل حين يظهر إلى العلن.. وكلهم كانوا أوراقاً اصطادتها يد الاستهداف.. استخدمتها حتى تلفت.. وجميعهم أماطوا اللثام عن أدوارهم واستعجلوا الظهور ليؤكدوا أنهم في الطور الأخير.‏

علمهم أو جهلهم.. هو بين «المصيبة» و «المصيبة الأعظم».. فأي المصيبتين هم؟!.‏

a-k-67@maktoob.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية