تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


بعد يومين

معاً على الطريق
الخميس 22-9-2011
عبد النبي حجازي

«بعد يومين» قالها لي موظف إداري في اتحاد الكتاب العرب وهي «ناموس» الموظفين في سائر دوائر الدولة، في الكرة الطائرة إذا مست الكرة أثناء الإرسال الشبكة وهي في طريقها لملعب الخصم يقول الحكم (net) تعاد.

وإذا أعيد الإرسال ولمست الكرة الشبكة ثانية يقول الحكم (net) تعاد، أما في المرة الثالثة فيحسبها نقطة لمصلحة الخصم ويبدل الإرسال، وهذا غالباً ما يحدث عند الموظفين وتحتسب نقطة ضد المراجع، أي أنه لا أمل في أن يلبى طلبه ويصل إلى مبتغاه.‏

إننا نعيش دائماً حياة مؤجلة مسفوحة منتكصة في سائر نواحيها وكأن العالم في ديارنا يقف على ساق واحدة وتختلط الأمور ويصغر الكبير ويكبر الصغير وتضيع «الطاسة» فلا يعرف المرء أمامه من ورائه ويغدو كالظامئ المقيد بالسلاسل والماء النمير يصلصل بجانبه على أوتار أذنيه.‏

حتى الآن لايزال الفلسطينيون مختلفين في موضوع عضوية الأمم المتحدة، تناقشوا واختلفوا وطارمحمود عباس إلى نيويورك يسعى إلى اللقاء «بالكبار» يحاول إقناعهم بعدالة القضية ومازالوا مختلفين ولوحت أميركا بحق «النقض» وأشاحت أوروبا ومازالوا يتناقشون.‏

وغمغم الكيان الإسرائيلي.. لا يفك الحصار عن غزة ولا يوقف القنص وحبس المياه الصالحة للشرب وإباحة مياه القاذورات ولا بناء المستوطنات ولا إزاحة العرب من القدس ولا الإيغال بالتهويد إلا إلزام الفلسطينيين بالمفاوضات التي ليست سوى «أغنية الشيطان».. هي أطماعها لا حدود لها وهم قناعتهم لا حدود، المهم دولة على حدود الـ 67 أقل قليلاً أو أكثر قليلاً المهم دولة «كاملة العضوية»، إسرائيل وراءها أميركا، والعرب والفلسطينيون وراءهم جامعة عربية قناعاتها مشتتة كالإناء المثقوب تصلحه من هنا فيفلت من هناك.‏

وهل أحلام الفلسطينيين وحدهم هي المؤجلة؟ في تونس أنشئ ألف حزب سياسي وما قامت من أجله الثورة لايزال يؤجل، تخلصوا من الديكتاتورية والتسلط وضبطوا المليارات المنهوبة ولاتزال البطالة تفت في الحياة الاجتماعية ولاتزال التنمية نائمة في حجر أمها.‏

ومصر التي أصبحت على قرص رجراج بملايينها الـ 85 تخلصت من الديكتاتورية وضبطت المليارات المنهوبة ولايزال الهواء بالقاهرة هو الأكثر تلوثاً في العالم ولاتزال القاذورات تعشش بالأوبئة على ضفاف النيل ولاتزال البطالة تفتك في عضد الشعب، ولايزال الضياع يستشري ويزداد.‏

وليبيا تحرر جميع الأراضي إلا مسمار جحا هذا الذي يحاول أن يجعلها منتصرة بلا نصر، ظافرة بلا ظفر، ولاتزال حالها مؤجلة وثروتها بأيد غير يدها، دولة لم تعرف المؤسسات منذ اثنين وأربعين عاماً وكأنها حائرة في إنشائها.‏

واليمن والحرب الأهلية تستعر فيها، توشك أن تقوضها إن لم تكن قد قوضتها لتعيدها إلى القرن التاسع عشر.. والعراق؟ وأفغانستان؟ والباكستان؟‏

Abdunnabi.hijazi1@gmail.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية