تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


هل يصلح ما أفسده بوش?

شؤون سياسية
الجمعة 7/11/2008
د. ابرهيم زعير

بعد مشوار طويل من الصراع الانتخابي بين المرشحين الديمقراطي باراك أوباما والجمهوري جون ماكين حسمت صناديق الاقتراع فوز مرشح التغيير أوباما لرئاسة الدولة الأكبر في العالم.

بنجاح أوباما الساحق وهزيمة ماكين يظهر كم كانت أمريكا والعالم بحاجة ماسة لتغيير السياسة العدوانية التي تمارسها أمريكا في الخارج ومحاربة الفساد في الداخل, وكم تحتاج أمريكا الى تغيير صورتها السيئة جداً في العالم.‏

فصورة أمريكا المقيتة التي رسمها المحافظون الجدد برئاسة بوش هي التي دفعت الأمريكيين ليسألوا أنفسهم السؤال الذي أرقهم سنوات طويلة وخاصة بعد أحداث 11 أيلول القاسية. لماذا يكرهوننا في العالم? وهذه الكراهية لم تتوقف بل كانت تتسع يوماً بعد يوم بعد كل مغامرة جديدة ترتكبها ادارة حمقاء ضد هذا البلد أو ذاك بعد كل تدخل بشؤون الآخرين مخلّفة الدموع والآلام لآلاف البشر في كل مكان وكبر حجم الكراهية لإدارة بوش مع تزايد الخسائر الفادحة في السياسة والاقتصاد الأمريكي خسائر مالية واجتماعية وأخلاقية لم يعد المواطن الأمريكي ولا العالم تحملها فكان الأمل بالتغيير الذي رفع شعاره بكفاءة عالية باراك أوباما فنجح به ملبياً آمال الملايين داخل أمريكا وخارجها ونجح أوباما في اقتحام جدران البيت الأبيض وبعد ما يقارب الشهرين سيجلس على كرسي عرش الولايات المتحدة. ومن الطبيعي أن يتساءل أي مواطن أمريكي وأن يتساءل العالم هل سيتمكن أوباما بعد فوزه من تنفيذ وعوده الكثيرة التي تحدث عنها بثقة خلال حملته الانتخابية? وهل سينجح في الخروج من شرنقة تحكم المجمع الصناعي- العسكري الذي حذر من مخاطر تدخله في السياسة الامريكية الرئيس ايزنهاور وهو يغادر البيت الأبيض في حينه? واليوم اضافة الى ذلك هل سيتمكن أوباما من تجاوز أخطر وأعمق أزمة مالية واقتصادية تعاني منها امريكا? وهل يستطيع الحد من تحكم البورصات والمصارف في الاقتصاد الانتاجي للمجتمع الأمريكي والاقتصاد العالمي بعد عولمة هذا الشكل الليبرالي للاقتصاد الامريكي ما جعل الأزمة الطاحنة تجتاح أكثرية دول العالم التي ابتليت بربط اقتصادها بالاقتصاد الأمريكي?. نتائج الانتخابات الأمريكية بفوز أوباما الديمقراطي تبرهن بأن الاساليب القديمة في الحكم التي سادت خلال حقبة المحافظين الجدد السيئة الصيت لم تعد قادرة على الاستمرار لأنها لن تجلب لأمريكا سوى الهزائم والفشل والسمعة السيئة والكراهية في كل مكان.‏

فأوباما وعلى خلاف ماكين وبوش يتسم بعرض أفكار تبدو عقلانية ومتزنة من حيث الشكل والمضمون ورغم أن الطرفين المتنافسين لايختلفان في الجوهر من حيث أنهما يعملان لخدمة مصالح أمريكا والتي لدى كل منهما رؤيته الخاصة المختلفة عن الآخر. فالرئيس الجديد المنتخب باراك أوباما قدم نفسه على أنه سياسي برغماتي يرى كيف فشل بوش في فرض ما يسمى الديمقراطية الامريكية على العالم وفي كثير من الحالات بالقوة العسكرية فوقف ضد فرضها في الخارج وهو الذي أعلن انه لا يعارض كل الحروب ولكنني أعارض الحروب الغبية المتسرعة, غير المبنية على المنطق بل على الشغف, في عام 2002 , قال أوباما حول نية بوش شن حرب على العراق: ) انني لا أرى أن صدام حسين يشكل تهديداً حيوياً ومباشراً للولايات المتحدة أو الجيران.. يمكن احتواؤه حتى يسقط كما باقي الديكتاتوريين , ولكنني أعلم انه حتى حرب ناجحة في العراق ستتطلب احتلالاً أميركياً لأجل غير محدد, وكلفة غير محدودة, وعواقب غير محدودة.‏

وفيما يتعلق بالتحديات الدولية, وعد أوباما بالتعاون الدولي لحل مشكلة انتشار السلاح النووي ومخاطر الاحتباس الحراري ودعا إلى الحوار مع روسيا ومع ايران, واتخذ أوباما موقفاً محايداً الى حد ما حيال النزاع الروسي الجورجي.‏

ووعد استعداده للحوار مع ايران وفنزويلا وكوريا الشمالية ومع سورية وغيرهم..‏

وعلى خلاف بوش و ماكين يرى أوباما إن العراق ليس الجبهة المركزية ضد الارهاب , ولم تكن يوماً كذلك, ومن غير الواضح كيف سيكون موقف أوباما فيما يتعلق بالصراع العربي - الاسرائيلي, فأوباما مثله مثل ماكين ملتزم بأمن اسرائيل, دون أن يقر بأن من ينتهك الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط هو اسرائيل المتمردة على القرارات الدولية وغطرستها في اصرارها على الاستمرار باحتلال الأرض العربية.‏

ولكنه أي أوباما وعد ببعث الحيوية في المفاوضات بين الفلسطينيين والاسرائيليين مع الأخذ بعين الاعتبار العقبات التي تحدث عنها وأهمها مسألة القدس.‏

والسؤال الكبير هل يستطيع الرئيس أوباما, من تغيير صورة أمريكا أم انه غير قادر على اصلاح ما أفسده العصر الأميركي الأكثر سوداوية في القرن الواحد والعشرين?!!‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية