|
مجتمع كل شيء فيها ينبض بالجمال والحياة, إلا أن هذا الأسلوب في اللباس جعلها تتلقى عدة انتقادات بدءاً من رئيسها في العمل الى أصدقائها ونظرات الآخرين التي تطاردها وكان جوابها بأنها حرية شخصية. فماذا تعني الحرية الشخصية? وهل من خلالها نستطيع أن نفعل كل شيء دون أي قيود أو حدود? أم هي محددة ومؤطرة بمفاهيم اجتماعية وعادات وتقاليد تحكمنا? بالنسبة لريم تقول: إن حريتي هي أن أختار مستقبلي وشريك حياتي وأسلوب حياتي ولبسي وعلاقتي مع أصدقائي وغيرها من الأشياء التي تخصني على أن تكون ضمن الحدود وأعتقد أن الحرية يجب أن تكون مبنية على أساس ديني وأخلاقي لكي تكون صحيحة ولا تقودنا الى الانحراف فإنني أمارس حريتي الشخصية وفق المبادىء التي تربيت عليها. بينما وسام يرى أن: العادات والتقاليد في مجتمعنا تقيد حريتنا ولذلك فإن معظم الشباب يتجهون الى تقليد الغرب تقليداً أعمى وبشكل يعود عليهم بآثار سلبية كبيرة. فأعتقد أن ممارستي لحريتي الشخصية يجب أن تتخطى أخلاقياتنا ومعتقداتنا. ورانيا الخطيب تقول: باعتقادي ليس هناك حرية شخصية فالعادات والتقاليد بالاضافة الى ثقافة العيب المتبعة في مجتمعنا فكل شيء نفعله يندرج تحت العيب والحرام. بينما خالفها الرأي علاء فهو يقول: أعتقد أن كل ما يخرج عن عاداتنا وتقاليدنا لا يسمى حرية شخصية بل هو نوع من الانحراف. فالحرية بالنسبة لي أن أقوم بكل شيء ولكن ضمن الحدود وبشكل لايخرج عن مبادئي ومعتقداتي كما أني أحترم حرية الآخرين. وفي سياق الموضوع الذي أتناوله أصبح في مجتمعنا الكثير من شبابنا ومراهقيننا الذين يطالبون بحرية التصرف بلا حدود أو قيود مثل المجتمعات الغربية لأنهم يرون فيها مثالاً للحرية. فكثيراً ما أصبحت أرى في شوارع مدينتنا شباباً ومراهقين الذين يرتدون الجينزات الفضفاضة ينزلونها الى الخصر وشعرهم الطويل بأشكال وموديلات مختلفة بالإضافة الى الحلق في إحدى آذانهم وتملؤهم الوشوم والتاتو وغيرها من الأشياء التي لم نعتد على رؤيتها فهذا هو الأسلوب الغربي وهو الحرية في مفهومهم. وعن هذا الأمر تقول ناريمان: إن الحرية بالنسبة لي أن أمارس كل شيء أحبة ولكن بأصول وأنا أرفض الحرية التي تأتينا من المجتمعات الغربية عبر الكثير من الوسائل لأنني أشعر أنها لا تناسب مجتمعاتنا وعاداتنا وتقاليدنا. وريزان قمجار: إنني أمارس حريتي ولاشيء يقف ضدي وأفعل ما أنا مقتنع به, وكما أنني أحب أن آخذ الشيء الايجابي من الغرب فأحب أن أكون مثلهم, لي استقلاليتي في سن معين وأستطيع أن اعتمد على نفسي بكل شيء ولكن أيضاً هناك أشياء سلبية عندهم لأن حريتهم لاتقوم على ضوابط أخلاقية الفتاة في مجتمعنا الشرقي لاتعرف الحرية الشخصية كوننا في مجتمع يقوم على العادات والتقاليد حيث جانب منها يصون الفتاة ويحفظ مكانتها وكثير منها قيود تفرض على الفتاة لا غير. فمن خلال لقائي بالعديد من الفتيات من مستويات مختلفة حدثتني إحداهن حيث قالت: كوني طالبة جامعية هذا يلزمني بحضور بعض المحاضرات المسائية وكثير من هذه المحاضرات مهمة ويجب متابعتها ولكن ولأنني فتاة يجب أن أعود الى منزلي في ساعة محددة وقبل غياب الشمس لكي لا أكون حديث محيطي الذي أعيش فيه. وهناك أيضاً كثير من اللواتي التقيتهن كن ضد التدخل الكبير في حياتهن وأمورهن الشخصية, أعتقد أن الثقة هي الشيء الوحيد الذي يوثق العلاقة بين الأهل وأبنائهم, فالفتاة عندما تشعر بثقة أهلها بها تصبح قادرة على تحمل المسؤولية في تصرفاتها وبكل ما تقوم به وهذا ما يمنحها الحرية. وعن مفهوم الحرية الشخصية حدثنا الدكتور أحمد الأصفر دكتور متخصص في علم الاجتماع حيث قال: تعد الحرية الشخصية واحدة من المطالب الأساسية التي يسعى الأفراد الى تحقيقها في سياق علاقاتهم الاجتماعية مع الآخرين غير أنه غالباً ما تلتبس عليهم الحدود التي يستطيعون من خلالها تحقيق هذه الحرية ذلك أن الفرد يمكن أن يكون حراً من أي قيود تفرض عليه من قبل الآخرين عندما يكون في استغناء كلي عنهم. أما وأنه بحاجة اليهم ومرتبط معهم فهو مقيد بهم على قدر حاجته لهم. وتفيد المقارنة بين أشكال المجتمعات الانسانية بذلك, ففي المجتمع التقليدي القائم على نظم القرابة تأتي الحريات الشخصية محدودة للغاية, ويختلف الأمر في المجتمعات الحديثة القائمة على الطابع الفردي للحياة الاجتماعية حيث يملك الفرد قدرات أكبر من الاستقلالية والاستغناء عن الجماعة, ومن الطبيعي أن يتمتع بحرية أكبر. والمشكلة عندما يأخذ الشباب أو الأفراد بصورة عامة وهم يعيشون في الجماعات التقليدية بالبحث عن حريتهم كما هي منتشرة في المجتمعات الحديثة, ذلك أن حاجتهم للجماعات التي يعيشون فيها تعد كبيرة وارتباطهم بها قوياً لشدة هذه الحاجة في الوقت الذي يعتقدون فيه أن التزاماتهم الاجتماعية وواجباتهم الأخلاقية نحوها ما هي إلا قيود يجب التخلص منها والتحرر من سيطرتها ما يعني اختراق قاعدة تكافؤ الحقوق مع الواجبات. والتوفيق بين القيم الاجتماعية والعادات وتقاليد في المجتمع التقليدي وبين ما يتطلع إليه الشباب من ممارسة للحريات الشخصية كما هي في المجتمع الحديث إنما يكمن في محورين: المحور الأول يرتبط بالشباب أنفسهم فليس من المنطق أن يطالب الشباب بحرياتهم دون امتلاكهم لمقومات هذه الحرية وعليهم أن يدركوا أن حريتهم إنما تأتي على قدر ما يسهمون به من أعمال وإنتاج ومشاركة, والمحور الثاني يكمن في أولياء الأمور فعليهم أن يدركوا أن الحياة الاجتماعية أصبحت مختلفة تماماً عن تلك التي عاشوا فيها. أما بالنسبة للمرأة فكانت هناك الكثير من القيود التي تفرض عليها بصورة عامة والفتيات بصورة خاصة غير أن ذلك منسجم مع الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي كانت سائدة وفي الوقت الذي أخذت فيه القيود الاجتماعية والثقافية المفروضة على المرأة تتضاءل في العصر الحديث أخذت تزداد أيضاً المسؤوليات الاجتماعية والمادية والثقافية للمرأة فحريتها تنمو على قدر مسؤولياتها أيضاً. فالحرية الشخصية مطلب حق طالما أنها تأتي على قدر الارتباط بالمجتمع وعلى قدر التكافؤ بين الحقوق والواجبات التي تقرها المنظومة الثقافية في المجتمع. |
|