تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


إعادة الصياغة .. لماذا ?!

مجتمع
الجمعة 7/11/2008
ليس من باب التشاؤم ولا وضع العصي في العجلات أن نطرح بشفافية السؤال الآن: لماذا قصرت المرأة في الاضطلاع بدورها الاجتماعي كما يجب وأين هي اليوم من مواقع صنع القرار

ولماذا هذا البون الشاسع بين نسبة مساهمة الذكور والاناث في قوة الاستثمار والتشغيل..وما الظروف التي تحول بين المرأة ووضع يدها على الموارد..ولماذا تختار أغلب النساء النسق الثاني في أي عمل تنجزه..وكيف يتحول دور المرأة في مجتمعاتنا من تابع الى مكمل ومن شكلي إلى أساسي?‏

البعض يحلو له أن يعزو تقصير المرأة في هذا المجال إلى عوامل ذاتية يربطها بالتكوين البيولوجي للمرأة التي تحدد رؤيتها لدورها الاجتماعي بين العمل والبيت فلا تبادر ولا تزيد..‏

فهي غالباً تقولب طموحاتها على قدر ماتحمل من أعباء في البيت ونادراً ما تفعل العكس لأنها تفتقد البنى المؤسساتية الداعمة لعملها والتي تمكنها من توفير الوقت والجهد اللازمين لعملها العام دون إخلال بمسؤولياتها الأساسية الأسرية.‏

وبالمناسبة لفت نظري عنوان يفيد بأن أكثر من سبعة مليارات تخرج من سورية للعمالة الأجنبية, بينما لا يزال المشروع الوطني للخدمات المساندة للمرأة في عملها يحبو في أول الطريق.‏

الأمر الذي يكرس دور المرأة التقليدي كأم وربة منزل ويجعله هو الأساس.‏

ناهيك عن غلبة الموروث على المكتسب في تنميط دور المرأة والنفاذ أحياناً إلى صلب إرادتها ولجم طموحاتها بالقوانين الوضعية التمييزية على أساس النوع الاجتماعي وليس على قاعدة راسخة من المساواة العادلة وتكافؤ الفرص.‏

مع ملاحظة أن هذا التمييز هو محصلة تكوين ثقافي اجتماعي ليست له صفة الثبات, ولذلك فهو قابل لإعادة صياغة الأدوار وبالتالي فهو ممكن التغيير.‏

نعم.. نحن نلحظ - كعاملات- بل نعاني من غياب القرار والدعم السياسي المساند للمرأة كأداة رئيسية في تمكين المجتمعات.. هذا الدعم الذي رافقها في بداية انطلاقتها كظلها حيث سارت معه جنباً إلى جنب لتتبوأ ماهي عليه من مكانة اليوم - قياساً مع قريناتها في الشرق الأوسط- فنسبة تعليم الإناث في سورية مثلاً انتعشت كثيراً مع قانون إلزامية وديمقراطية التعليم وبرامج محو الأمية وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص في مرحلة التعليم الأساسي على الأقل, ومن ثم في المرحلة الأعلى والجامعات التي لم تفرق بين ذكر وأنثى في اختصاصاتها وايفاداتها والمشكلة لاتتجسد هنا, لأن تعليم البنات صار من البديهيات وإنما تتبلور المشكلة بوضوح, عندما تدخل الاناث سوق العمل وتبدأ المعاناة من التحييد والتهميش, مايعطي الانطباع بعدم قدرة المرأة على تحقيق طموحاتها بامكانياتها الذاتية مكرساً النظرة السلبية ولدورها النمطي كأم وربة منزل بدلاً من إزالتها فكم من عاملة آثرت الردة إلى البيت عندما أخفقت في تحقيق التوازن بين الأدوار دورها كعاملة يجب أن تنتج بكفاءة وجودة, ودورها كأم وربة منزل تقع على عاتقها مسؤولية أسرة وتربية وتعليم أجيال وهذه الردة, لابد أن تخلف فجوة لايستهان بها ناجمة عن تسرب الاناث من قوى الاستثمار والتشغيل ولا بد بإعادة صياغة دور المرأة الاجتماعي من تحقيق التوازن بين طرفي هذه المعادلة.. وعلى أسس تشاركية متوازنة يساندها بها الجميع بدءا من الزوج إلى رب العمل إلى المؤسسات الخدماتية الملحقة بالعمل كحضانات الاطفال والرياض, إلى ما تبقى من خدمات مجتمعية رديفة تساندها في أداء دورها الاجتماعي بامتياز, هذا الدور الذي لايكون من خلال اعتماد نظام حصص في مواقع صنع القرار يعالج الشكل دون الموضوع, والمظهر دون الجوهر..‏

وبناء عليه لابد من تعزيز التعاون والعمل المشترك بين المؤسسات الحكومية والمنظمات النسائية غير الحكومية والقطاع الأهلي وتحليل الاحتياجات والتحديات, واعتماد الواقعية والموضوعية عند التصدي لاشكالية عمل المرأة والمصاعب الرئيسية التي تواجهها..‏

ˆ ملك خدام‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية