|
مجتــمـــــع فأطفالنا.. أمانة في أعناقنا... وأعناق كل الأطراف. فالبيت وهو التربة التي يخرج منها الطفل.... نبتة صالحة أو فاسدة... مثقفاً أو جاهلاً... فاعلاً أو مخزياً... هذا البيت لا نريده سجناً ولا نود أن يكون مهد تدليل. والمدرسة: مركز التعليم.. لا نريدها مكاناً لحشو عقول الأطفال... بكلمات وعبارات ومفاهيم جوفاء لاطائل منها. والمجتمع: يقدم من خلال مؤسساته الاجتماعية والإعلامية والثقافية جميع متطلبات العلم والأمان والنمو السليم الصحيح ليخرج الطفل في المحصلة ويستطيع أن يقول يوماً: أدبني والدي ومعلمي ومجتمعي... فأحسنوا تأديبي. ويقول الاختصاصيون التربويون في هذا الصدد: إن التعليم كسب معلومات وتطوير مهارات وتنمية اتجاهات وبناء قيم وتكوين خلق.. وقالوا أيضاً: توفر الأسرة للطفل شروط النمو الجسدي والعقلي والانفعالي والاجتماعي وترعاه، ولاشك أن هذا الذي قالوه يلخص الأهداف العامة.. للتربية والتعليم الوطني. يقول العالم مورسيل:( إن نتائج التعليم التي لاتنفذ إلى شخصية المتعلم وتفكيره وموجهات سلوكه.. نتائج زائفة..) وهذا لا مراء فيه فإذا كان بيت الطفل هو وطنه الصغير والوطن هو بيته الكبير وبات الحديث عن البيت هو ذاته الحديث عن الوطن... من هنا على البيت واجب ومسؤولية تجاه الوطن... وتقع على الوطن واجبات كبيرة نحو البيت. الأسرة .... أولاً وأخيراً إن البيت الذي يعيش فيه أفراد الأسرة.. متحابين متعاونين... متحاورين هذا البيت ذاته يؤدي واجبه نحو ذاته... ويجب أن يتجاوز هذا الدور إلى حب البيت الكبير.... الوطن والأسرة الكبيرة... بجميع عناصره ومقوماته(أفراده... مؤسساته.. وأنظمته، جيشه). وعلى أرض الواقع نرى أن هناك الكثير من البيوت نسيت أن كل ما لديها من سعادة وأموال ومكانة علمية واجتماعية ورفاه يعود للوطن...الذي وفر لها سبل التمكن والوجود، واليوم نناشد كل الأسر أن تتيقظ لقضية تربية الأبناء على حب الوطن ولدى وطننا الكثير...الكثير من المنح والعطايا التي تستحق منها التقدير والاحترام ورد الجميل لفضله وكرمه... فالتعليم والتربية والعمل... والتدين والأخلاق ليست لمصلحة الأفراد فقط بل لمصلحة الوطن كله، والتربية الوطنية تمضي مع الأبناء منذ مولدهم. إن عدونا يعزف في أذن الوليد لحن أرض الميعاد... ويربونه على الحقد والكراهية للعرب... في حين نربي أبناءنا على الحب للأم والأب والله والإنسان والوطن، فإذا أردنا لوطننا الحياة والنصر.... والعيش الكريم.. فما من سبيل إلا تربية أبنائه على حبه وافتدائه بحياتهم.... والبيت مطالب أن يرد جميل الوطن بالحب والبناء.. وحماية كل مرافقه وممتلكاته من التخريب... فنزرع في نفوس الأطفال الإحساس بمعنى( الوطن) و(الوطنية) لكي يشبون على أن(حب الوطن من الإيمان). إن البيت حين يربي أبناءه على حب الوطن إنما يؤدي واجبه نحو نفسه ويشارك المدرسة في أداء هذه المسؤولية..ويتعاون مع المجتمع للنهوض بهذه الرسالةوالأم مدرسة وهي أروع مدرسة حيث تعلم الطفل حب وطنه وبلاده وشعبه وتسقيه العزة والإخلاص كما ترضعه الحب والحنان والحليب. الأسرة مسؤولة أمام أبنائها يقول الدكتور رمضان محفوري الاختصاصي بعلم التربية يحدد العلم أن عمر الأطفال ما بين 12-18 وهي مرحلة الدراسة الإعدادية وما قبل البكالوريا.. بمرحلة المناكفات والمشاكسات مع الأهل لأنها مرحلة إثبات الشخصية وإثبات الذات، فالبنت تكون شديدة الخلاف مع أمها... لتثبت أنها أصبحت فتاة وكذلك الولد يشاكس أباه ليقول : إنه أصبح شاباً ويتصرفون بكل اندفاع وتصميم وذلك لأن هؤلاء المراهقين يعتقدون أنهم بكامل الوعي والإدراك في حين هم من الناحية العقلية لم يصلوا لمرحلةالإدراك الكافي والوعي المسؤول تجاه أسرتهم ومحيطهم ومجتمعهم، ويعبر هؤلاء المراهقون عن ذلك باختراقهم للقوانين والعادات والتقاليد المجتمعية. طرق فاشلة ونتائج مؤلمة ويضيف رمضان يجب الأخذ بعين الاعتبار عدة أشياء... أهمها: أننا نعيش في مجتمع فيه فئات متفاوتة ثقافياً وأخلاقياً وتعليمياً، والأولاد مرآة عاكسة لأسرتهم... ففي الوقت الذي نرى فيه المراهقين يخالفون ويعارضون سلوك أهلهم في البيت... في ذات الوقت نجدهم يتصرفون في محيطهم ومجتمعهم بصورة مماثلة لتصرفات وسلوك أهلهم... ويتطابقون معهم في الانسياق والعدوانية ويعبرون عن حبهم لوطنهم بذات الطريقة التي يعبر بها أهلهم... فإذا كانت الطريقة سليمة وحضارية وراقية... جاءت نتائج الأولاد بذات المستوى فالولد ابن بيئته ومرآة عاكسة لسلوك أهله في حبها وعدوانيتها... إلا فيما ندر. فن إدارة الأزمات وقد يتصور البعض أن حب الوطن والتربية الوطنية مكانها مقاعد الدراسة فقط وهذا غير صحيح... فالحب للوطن ليس درساً يتلى ولكنه حق وواجب يحتاج إلى قلوب وجماعات وآليات وفن إدارة الأزمات وخصوصاً عندما يكون الوطن في أزمة ومحنة تتطلب من الجميع التعاون والتعاضد ومد الأيدي... لتعرق وتتعب وتزرع لخيره من داخل البيت وخارجه وفي أروقة المؤسسات الحكومية واللاحكومية... وتربط الأبناء بالوطن ربطاً حيوياً... لأنه مستقبلهم وغدهم الذي سيعيشونه مشرقاً أو قاتماً...وتعليمهم أن الوطن ليس مجرد حفنة مال ترمى عند الأقدام بل هو في أشد بساطته...المقعد في المدرسة والسرير في المشفى...والموقع في العمل... والوثيقة في السجلات وهو الهوية والكرامة... والألفة والمودة... وهو العلم الذي يرفرف فوق مدارسنا ومؤسساتنا وتحت أجمل سماء... يفخرون به وهم يرون أنهم أبناؤه ويزدهون به ويهتفون باسمه من أعماق قلوبهم ويغلقون أعينهم مطمئنين أنهم منه وهو منهم ... هو سياج وأمن.. وهم عيون تحرس وتصون. |
|