|
ثقافـــــــة لتنتشر بين الناس على سبيل الحكمة والطرافة التي يجمعها المثل الشعبي من هنا وفي مقدمة لطيفة قدمت بها مديرة المركز الثقافي «بأبو رمانة».. إلهام سليمان.. ضيفها أ. ياسر المالح.. قالت في محور محاضرته (حول الأمثال الشعبية في التعبيرات الدمشقية.. واللا معقول واللامعنى والسوريالية).. تعتبر الأمثال الشعبية حكمة الشعوب وينبوعها الذي لاينضب وهي الدليل على أخلاقيات الشعوب والمرآة التي تعكس نمط عيشهم.. لذلك تعتبر الأمثال الشعبية وثيقة تاريخية واجتماعية.. وخزانة حكمة العرب.. وروحهم المرحة.. «فأهل زمان ماخلّوا شيئاً ماقالوه».؛ ولنقترب من عوالم المثل الشعبي نذهب في تعريفه مع أ. ياسر المالح والذي يعرفه بأنه يعبر عن حالة أو تجربة فردية أو اجتماعية في بيئة صحراوية أو ريفية أو مدينة يستشهد به الناس في يومهم.. ولايعرف قائله.. ويوضح أ. المالح أن هناك فروقات في المثل الشعبي بين مدينة وأخرى.. وربما يتفقون في أمثال محددة.. ويتجاوز المثل الشعبي المحلية ليتشابه مثلاً مع أمم. أنا والأمثال المشرق والمغرب.. أما حكاية.. المحاضر مع الأمثال الشعبية واهتمامه بها فيلخصها في حكاية مفادها.. أنه قدم رسالة تخرجه في كلية الآداب بعنوان (الأمثال والتمثيل) وهي رسالة إبداعية غير بحثية.. وافق عليها مجلس الكلية لأنها غير مسبوقة.. حيث اختار المالح سبعة أمثال عربية جاهلية.. لها حكايات مختصرة استوحى منها سبع مسرحيات في فصلين أو ثلاثة.. وكان أهمها: «لأمرٍ ما.. جدع قصير أنفه» كما أعد للإذاعة في الخمسينيات تمثيليات إذاعية أسبوعية بعنوان «لكل مثل قصة» أداها الفنان القدير تيسير السعدي. أمثال شامية.. في دمشق وماحولها يأتي أ. المالح على ذكر الكتاب الذي ألفه وزوجته أمل خضركي بعنوان: (سهرة في بيتنا) عام 1992 حيث تضمن أمثالاً شعبية دمشقية يتداولها الناس.. ومنها مايحمل الغرابة والطرافة.. ويذكر منها.. إضافة لضرورات قولها.. - إذا حضرت الملائكة هربت الشياطين «يضرب لعدم التجانس». -إذا حضر الماء بطل التيمم «يضرب للعمل بالأصل». -إذا حلق جارك بلّ ذقنك (يضرب لمن سيأتيه الدور). -إذا بدك تحمه لاترد بتمه «يضرب للكف عن الجدال والدعوة للصمت». -إذا بدك تستريح شو ماشفت قول منيح «يضرب لمن يصانع الآخر ليرتاح». - إن فاتك الضاني عليك بالحمصاني (يضرب لمن يجد في الحمص مايعوضه عن اللحم). -الأرض الواطية بتشرب ميّتها وميّة غيرها «يضرب للحث عن التواضع». -كنس بيتك مابتعرف مين بيدوسو، غسّل وجهك مابتعرف مين بيبوسو «يضرب للحث عن النظافة». - مركب الضراير سار ومركب السلايف نار «يضرب للتعامل بين النساء». - ويطول سرد هذه الأمثال التي أتينا على ذكر بعضها ويستشهد المالح ببيت شعري جميل للرصافي يقول فيه: - من شاء منكم أن يعيش اليوم وهو مكرّم/ فليمس لاسمع ولابصر لديه ولافم (مشيراً إلى الحكمة الهندية المتمثلة بالقرود الثلاثة.. «لا أسمع..لا أرى.. لا أتكلم»). ويأتي أ.المالح على سوريالية بعض الأمثال الشعبية.. الشامية من الناحية الشكلية ومما قاله: فلان أجر كرسي (لمن لاشأن له). -فلان أخد فلانة لحمة ورماها عضمة «لمن يتزوج على زوجته أو يطلقها». -انشقت الأرض وبلعتوا «لمن اختفى فجأة». -لبس المكنسة بتطلع ست النسي (لمن كانت مهملة فلبست وارتفع قدرها). -أدن من طين وأدن من عجين (لمن يتجاهل مايسمع). ويشير في هذا إلى أن ماينتجه الحس الشعبي من كلام وأدب وفن ولعب يستحق الدراسة.. والحس الشعبي حس فطري خالٍ من تعقيدات الحضارة. الخيال ملعبه ومساحته ليحلق به.. يتميز بحرية التعبير بإيقاع أو دونه. ويرى أن في قصص ألف ليلة وليلة الكثير من الأعاجيب.. التي ابتكرها الخيال العلمي ومنها: مصباح علاء الدين، طائر الرخ، البساط السحري، ويشير إلى مايمارس شعبياً مع الطفل من تعليم في سني عمره الأولى.. مثل لعبة «يباح.. يباح.. ياعروق التفاح ياإيدين ابني البيض الظراف.. الحلوين المناح.. إجا العصفور ليتوضا.. لقى إبريق فضة.. خطفه وطار». ثم تثني أصابعه نحو الداخل إصبعاً بعد آخر وهي تقول بعد كل ثنية: (هي معلقته.. هي إبر يقو هي حينيتو.. هي محرمتو- هي بشكيرو). ويستمر أ. المالح في استذكار مثل هذه العبارات والألعاب الجميلة التي تسلي بها الأم ابنها.. وهي عبارة تراث متداول من الجدة لابنتها.. والأم لابنتها ويلخص أهمية الأمثال الشعبية بالقول: التعبيرات الدمشقية السوريالية هي تشبيه بها من جهة الشكل والتمرد على الواقع والغرابة.. ولكن هذه العبارات لاتحمل عمق السوريالية التي تنبع في كثير من الأحيان من منطقة اللاشعور.. تأليفها يأتي عفوياً.. ومن ثم ينتقل على الألسن. النقطة الثانية اللهجة الشامية لاتنفرد تعبيراتها وحدها بغرابة الصور وخروج بعضها عن المألوف.. وإنما تشاركها بذلك لهجات المدن السورية عبر تفاعل لطيف نجده بشكل دائم فيما يقدمه أ. ياسر المالح.. من جلسات يعتبرها.. جلسة بيت.. بين الأهل يتشارك الكل في إضفاء جو المشاركة والتسلية.. التي اتسمت بها جلسة الأمثال الشعبية في ثقافي «أبو رمانة».. حيث استعاد الناس إلى ذاكرتهم هذه الأمثال.. التي هي حاضرة فيما بينهم حتى الآن.. نذكر أن هذه المحاضرة تأتي في سياق فعاليات مهرجان دمشق للفنون الشعبية. |
|