|
شؤون سياسية وكما يؤكد المفكر السياسي توماس كون فإن المتغيرات الحالية في عالم اليوم، تستلزم ليس فقط إعادة صياغة الأسئلة، وإنما أيضاً إعادة صياغة حدود مجال العلاقات الدولية ومناهجه. فالولايات المتحدة الأميركية، على سبيل المثال، والتي خرجت منتصرة في الحرب الباردة عقب تفكك الاتحاد السوفييتي ومنظومة الدول الشرقية ،إن هذه الدولة العظمى تتحرك خارجياً كما يؤكد الخبراء،بمقدار ماتحقق المصالح الأميركية كما أنها تتحرك بشكل يكفي لممارسة القوة اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً كونها القطب الأوحد، ساعية في تحركها ضمن الإطار الدولي لإعادة تحالفاتها وتعزيزها ونشر المفاهيم الغريبة الليبرالية ولكن في ضوء تزايد صعوباتها الاقتصادية فإنها تريد أن تحل مشكلاتها على حساب العالم. وهذا يعيدنا إلى دور الأمم المتحدة منذ نشأتها والتي تمثل في منظومة قواعد تتناسب مع نظام دولي كان يسيطر عليه معسكران متناقضان، وكان على مجلس الأمن الدولي استيعاب الصراع بينهما. لكن اليوم وبعد مضي أكثر من عقد على بدء الألفية الثانية فإن الأمم المتحدة ومؤسساتها المختلفة تواجه أزمة حقيقية على أكثر من صعيد ويرى المتابعون لجهود إصلاح وتجديد هذه المنظمة الدولية ويتعلق الأمر هنا بالمهام الرئيسية لها في ظل التغيرات التي حدثت وتحدث في العالم، كما يرتبط أيضاً بتنظيم الأمم المتحدة وترتيبها من أجل رفع كفاءتها. وبالتالي فإن التغيرات في النظام الدولي والحقائق القائمة على أرض الواقع حالياً لابدأن تنعكس على منظمة الأمم المتحدة نفسها وهناك من يؤكد ضرورة نهوضها بالوظائف الإنمائية الآن قضايا التنمية تعد مطلباً جوهرياً لدول الجنوب التي تسعى للتخلص من التخلف والفقر كما تركز مقترحات أخرى على ضرورة توسيع عضوية مجلس الأمن الدولي، كي يعبر فعلاً عن الوضع العالمي الحالي وعن الكثرة العددية لدول الجنوب، أي إنهاء احتكار عدد محدود من الدول فمجلس الأمن حالياً لايعكس الصورة الحقيقية لعالمنا فالدول الخمس الكبرى تتمتع بامتياز حق الفيتو ويبدو أن العوامل الموضوعية التي تسود عالمنا الراهن وخاصة الممارسات المتطرفة لليبرالية الجديدة والتي تتجاهل عن عمد دول الجنوب بل وتسعى جاهدة لإفقار وتهميش مجتمعات بأسرها وهذا أمر خطير يغذي الصراعات بل ويخلقها أيضاً مايستدعي فعلاً تعريفاً جديداً للأمن، وهو بحسب المختصين لاينبغي أن يقتصر على مفهوم الحرب والصراع وإنما يشمل أيضاً مفهوم الفقر والحرمان والتهميش والبديل بالطبع هو توسيع العضوية في مجلس الأمن ليشمل دولاً كبيرة في الجنوب كي يكون العدل بديلاً للظلم الذي يعني عملياً التوتر والصراع وتفاقم المشكلات الدولية، وهنا يؤكد الباحثون ضرورة أن تكون الأمم المتحدة في خدمة قضية الاستقرار العالمي وليس فقط أن تكون أداة فنية لحفظ السلام واستخدام ذلك الأمر من قبل الدول الكبرى خاصة القوى الكبرى الغربية لمصالحها فقط. فباعتبار الأمم المتحدة منظمة عالمية «ينتظر منها دائماً تعضيد العدالة الاجتماعية والإنسانية العالمية والمساهمة في تطبيقه» كما يقول مفكرون مهتمون بشؤون تطوير الأمم المتحدة. إن خسارة الأمم المتحدة لجزء كبير من مصداقيتها سببها بالتأكيد سيطرة القوى الغربية الكبرى على هذه المنظمة الدولية والتي ترى فيها تلك القوى أنها مطية لتحقيق مصالحها وتقوية نفوذها أما شعوب العالم الثالث فيرون أن خسارة الأمم المتحدة لمصداقيتها، رغم أن الفرصة أمامها كبيرة للانطلاق لكن ازدواجية المعايير والتي تظهر طريقة تعامل المنظمة الدولية مع عدد من قضايا العالم برهن بشكل قاطع أن« الميزان المتغير للقوى في المنظمة اليوم مازال يعمل لصالح دول الشمال الغني دون أي اكتراث لوجهات نظر وتطلعات الدول النامية» إن المحاولات المستميتة لتحويل الأمم المتحدة إلى أداة طيعة بأيدي دول الغرب وخاصة الولايات المتحدة أدى ويؤدي إلى سعي متواصل من قبل العالم النامي إلى العمل وبقوة من أجل إصلاح هذه المنظمة وتطوير أدائّها لتقوم بخدمة العالم فعلاً وهي تسعى لتأكيد مكانتها وتعمل لتحقيق مكاسب داخل الأمم المتحدة ومن الواضح أن السيطرة الغربية على المنظمة الدولية لايخضع وكما يؤكد فقهاء القانون، فالقانون دولي منسجم أو موحد، ولايطبق قواعد الميثاق الدولي للأمم المتحدة وبالتالي فإن مقولة ازدواجية المعايير أو الكيل بمكيالين هي صرخة احتجاج من دول العالم ضد الممارسات اللاأخلاقية والمعايير المزدوجة التي تطبقها القوى الغربية الكبرى داخل المنظمة الدولية وخصوصاً في مجلس الأمن الدولي . |
|