|
متابعات سياسية وهذا الامر دفعه و أرغمه على البدء بمرحلة جديدة من مشروعه العدواني و الاحتلالي للمنطقة من خلال دفع بعض ادواته في المنطقة الى التمرد على الواقع الجيو- سياسي الذي كان يداعب أحلامهم واوهامهم طيلة السنوات الماضية، ونقصد هنا ما حدث في إقليم كردستان العراق مؤخراً الذي لا ينفصل بأي شكل من الاشكال عن المشروع الأميركي والذي لا يخرج في أبعاده ومقاصده وأهدافه عن الاجندة الأميركية، فما حصل في الإقليم هو جزء من المخطط الأميركي وهو وارد ضمن خيارات الضرورة أو الخطط البديلة التي وضعتها واشنطن على رف خيارات اللحظة الأخيرة. ضمن هذا السياق تفهم الخطوة الأميركية في كردستان العراق وفي هذا التوقيت تحديدا حيث التصدع والانهيار بدا واضحا على جسم المشروع الأميركي برمته، ونقول الخطوة الأميركية لأنه من السذاجة بمكان أن يظنن أحد أن تلك الخطوة التي وصفت بالمغامرة الأخطر في هذه المرحلة نظراً للظروف والاهوال والاعاصير المحيطة بها لا يمكن أن تكون محض قرار كردي دون الرجوع الى الأميركي الذي يدفع بالإسرائيلي في كثير الأحيان الى الواجهة لينسج في الخفاء ما عجز نسجه في العلن. إذاً الأميركي بات مقتنعاً بأن معركته الكبرى في سورية باتت في سويعاتها الأخيرة بعد أن احترقت ورقته الأخيرة وسقط رهانه الأخير في ظل هذا التقهقر المتسارع والكارثي للتنظيمات الإرهابية التي كانت حتى وقت قريب تشكل الرافعة الحقيقية لإنقاذ المشروع الأميركي الذي لن ينجو بحسب العقل الأميركي إلا بإدخال المنطقة مجددا في دوامة الصراعات والخلافات والانقسامات التي هي في أوج نشاطها أصلاً. لقد بدا واضحا ً أن السلوك الأميركي بات يترنح بين التخبط والتهديد والوعيد وبين الزيف والخداع والهروب الى الامام ورفع سقف التصعيد - المجازر التي ترتكبها طائرات التحالف الأميركي بين الفينة والأخرى في سورية تؤكد هذه الحقيقة التي تفرض نفسها على السلوك الأميركي الذي بات محكوماً بها ومدفوعاً إليها بسبب انكسار وانهيار المشروع الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة – وهذا بدوره يرسم جملة من الحقائق التي بدأت تتضح في الأفق والتي أكدتها التطورات الميدانية المتلاحقة لجهة الانتصارات المتسارعة والمتدحرجة التي يحققها الجيش العربي السوري مع ما يقابلها من هزائم وانتكاسات وانهيارات للأدوات الأميركية سواء اكانوا دولا ام تنظيمات ومجموعات إرهابية. الحقيقة الأولى هي ظهور تحالفات ومحاور جديدة على الساحة الدولية قد تكون مرشحة للزيادة والتمدد والتوسع خلال المرحلة المقبلة، ولعل الزيارة التي قام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى تركيا قبل أيام تؤكد هذه الحقيقة وتشرح طبيعة القادم من الأيام وربما ترسم إحداثيات جديدة لخرائط الصراع في المنطقة. الحقيقة الثانية تتمثل في اعتراف الولايات المتحدة وان لم يكن هذا الاعتراف علنيا وصريحا بأن ورقتها الأخيرة التي كانت تقوم على دعم الإرهاب وحمايته والرهان عليه قد أحرقت وأصبحت رماداً، وما تفعيلها للورقة الكردية في العراق وسورية إلا أكبر دليل على أنها لم تعد تؤمن بجدوى دعمها للإرهاب الذي زاد من قتامة وبشاعة ووحشية صورتها وراكم بالتوازي من إخفاقاتها وهزائمها في المنطقة. الحقيقة الثالثة والتي باتت تتمثل واقعاً لا يمكن الهروب منه مع كل حماقة أميركية جديدة –عدوان أو تصعيد أو هروب الى الامام - انه لا عودة الى الوراء مهما استعرت واستشرست أطراف العدوان على سورية لان الاثمان التي دفعت باهظة وكبيرة جدا، وأن الاثمان التي سوف تدفعها أطراف العدوان مقابل المضي في هذا الطريق أو مقابل اقتراف أي حماقة جديدة هي باهظة وأكبر بكثير من الاثمان التي دفعت. الحقيقة الرابعة التي تختزل ماسبقها من حيث الأهمية هي في ثبات استراتيجية الدولة السورية ومحور الدفاع عنها، استراتيجية مواصلة الحرب على الإرهاب والقضاء عليه ودحره من كامل الجغرافيا السورية دون الالتفات لكل الضغوطات والتهديدات الأميركية على قاعدة ان القضاء على الإرهاب هو حماية لسورية والمنطقة والعالم وهو هزيمة للمشروع الأميركي وصفعة لكل الحالمين والواهمين بالعودة الى المنطقة خلف ذرائع ومبررات واهية ومجهضة سلفاً. |
|