|
إضاءات ولم يحظ ولو بجزء يسير من الاهتمام (الفيسبوكي) الذي نال (واقعة) امتناع مغنية شابة عن التقاط صورة (سيلفي) مع معجب صعد خشبة المسرح أثناء حفلها، ليتساوى (خبر انتهاء الترميم) بضعف اهتمام المجتمع الفيسبوكي مع وقائع عسكرية وسياسية مفصلية حدثت في الأسابيع الماضي رغم أهميتها الإستراتيجية. يبلغ عمر تمثال (أسد اللات) نحو ألفي سنة، فقد كان يزين مدخل معبد (اللات) في تدمر الذي يعود بناءه الأقدم، حسب تقديرات علماء الآثار، إلى القرن الأول قبل الميلاد. وقد تم تجديد المعبد ما بين عامي 148 و188م، واستعملت حجارته ومنحوتاته في بناء أساسات باحات المعبد الجديد، ويذكر عالم الآثار البولوني البروفيسور (غافليكوفسكي) أن «تحديث وتجديد المعبدِ كان بمثابةِ الرداءِ الذي حافظ على الأصلِ القديم، فالهيكل هو نفسه القديم وقدْ تمت إضافات تكريمية للهيكلِ (زُوِّد محرابه بمظلة وأضيف إلى مدخله بوابة جميلة وأحيط بأروقة مُعمدةٍ) مع المحافظة التامة على الأصل». و(اللات) هي إلهة الحرب والخصب، أو الإلهة الأم، عند العرب الأنباط وعرب الشمال. وهي نظير (أثينا) عند اليونان و(منيرفا) عند الرومان و(عشتار) في بلاد الرافدين، و(عترغاتيس) في سورية، كما أنها (أرتيميس) التي وصُفت في (الإلياذة) بأنها إلهة الوحوش البرية وفق نص منقوش على مذبح داخل المعبد يعود إلى القرن السادس للميلاد. ويقع معبد (اللات) في الجهة الغربية من المدينة الأثرية في تدمر، ويتألف من باحة مستطيلة يتوسطها حرم محاط برواق من الأعمدة ذات الطراز الكورنثي، اكتشفت فيه أقدم الكتابات التدمرية التي تعود إلى القرن الأول قبل الميلاد. تعرض المعبد لتدمير كامل بعد الغزو الروماني للمدينة، حيث قام الغزاة باستخدام حجارته لبناء ما أطلق عليه معسكر (ديوقلسيان) الذي أقيم فوق الحي الغربي بكامله بما فيه القصر الملكي في عهد (هيروقليس). وفي عام 1959 بدأ التنقيب في موقع المعبد من قبل بعثة أثرية بولونية بإدارة (كازيمير ميخالوفسكي)، وتحت إدارة (ميشيل غافليكوفسك) بدأت منذ عام 1974 معالم المعبد بالتكشف حتى أصبحت واضحة تماماً، وبعد ثلاث سنوات اكتشفت البعثة البولونية تمثال (أسد اللات) وقامت بترميمه وتم وضعه في مدخل حديقة المتحف الوطني في تدمر. وكان التمثال يقوم أصلاً في واجهة المعبد مستنداً إلى الجدار بسماكة تصل إلى نصف المتر وارتفاع ثلاثة أمتار ونصف المتر، ويبلغ وزنه نحو خمسة عشر طناً من الحجر الكلسي الأبيض، ويمثل (أسد اللات) الذي هو رمز (اللات) ورسولها إلى البر وهو يحمي غزالاً، مع عبارة نقشت عليه تقول: «لتبارك اللات من لم يرق دماءً أمام هذا الهيكل». وقد أعيد ترميمه ثانية عام 2005 من قبل الخبيرين البولونيين «بارتوش ماركوفسكي» و«روبرت زوكوفسكي» من مركز الآثار في جامعة وارسو، واعتقد الخبيران أنهما سيحافظان على التمثال لمئتين أو ثلاثمئة سنة، لكن عملهما - وفق تعبيرهما - لم يصمد أكثر من عشر سنوات. فقد تعرض التمثال لتخريب هائل حين دخل إرهابيو داعش إلى تدمر عام 2015 حيث كان من بين مجموعة الأوابد والقطع الأثرية النادرة التي تعرضت للتدمير أو التخريب أو النهب، وتم إسقاطه بواسطة الجرافات حتى تحول إلى عدد كبير من الشظايا. وبعد تحرير تدمر استعانت المديرية العامة للآثار والمتاحف بالخبير«بارتوش ماركوفسكي» الذي قام بعمل كبير على مدى سنتين حتى استطاع إعادة التمثال لوضعه الطبيعي، وحضور لحظة الإنجاز حين تمت إزاحة الستار عن التمثال في حديقة المتحف الوطني يوم الأحد الماضي. قبيل تدمير التمثال بسنوات كثيرة صُنعت نسخة عنه عرضت في حديقة المتحف الوطني بدمشق، وإلى ذلك نُشرت صورته على صفحة كاملة في التقويم السنوي لوزارة السياحة، وأنتجت منه نماذج تذكارية صغيرة كثيرة تم بيعها في المتاحف والمواقع الأثرية ومحال بيع التذكارات تلبية لرغبة الزوار الأجانب الذين عرفوا به وبأهميته قبل أن يقرروا المجيء إلى بلادنا، ويعتبر «ماركوفسكي» التمثال رمزاً عالمياً لمدينة تدمر ، وما من سائح زار متحفها إلا وأخذ صورة معه. بالمقابل لا أستطيع تحديد كم من السوريين يعرف ما يجب أن يعرفوه عن «أسد اللات» وسواه من الآثار السورية البالغة www.facebook.com/saad.alkassem">الأهمية. www.facebook.com/saad.alkassem |
|