|
قاعدة الحدث وأن المخرج الوحيد بالنسبة لروسيا هو تطوير قدراتها العسكرية الضاربة كي تهدد القوات الأميركية في أراضيها، وهذا يؤيد الاتجاه الذي صرح فيه قبل يوم واحد (أي 14 أيلول) إيغور كوروتشينكو عضو رئاسة المجلس الاجتماعي لدى وزارة الدفاع الروسية ونقلته وكالة «نوفوستي» الروسية للأنباء بان روسيا الاتحادية يجب أن تعيد تسليح قواتها الإستراتيجية النووية بأسرع وقت وتزويدها بصواريخ «يارس» و«بولافا» الحديثة القادرة على تجاوز منظومات الدرع الصاروخية وان تقوم بإنشاء منظومة للدفاع الفضائي والجوي. وأتت التصريحات الروسية تعليقا على توقيع الاتفاقية بين الولايات المتحدة ورومانيا في موضوع نشر الصواريخ الأميركية المضادة البرية من طراز «أس أم – 3» ومنظومة «إجيس» في قاعدة «ديفيسيلو» الجوية برومانيا. وتؤكد الاتفاقية الموقعة بين الولايات المتحدة ورومانيا الاستنتاجات التي توصلت إليها هيئة الأركان العامة الروسية ومفادها أن الدرع الصاروخية الأوروبية ستمتلك ابتداءً من عام 2015 إمكانات اعتراض الصواريخ الباليستية الروسية العابرة للقارات، الأمر الذي سيؤدي إلى نزع القدرات المدمرة عنها. هذا وقد عقدت في 13 آب الماضي جملة من المشاورات بين وزارتي خارجية روسيا والولايات المتحدة حول مشكلة نشر عناصر الدفاع المضاد للصواريخ في أوروبا برئاسة سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي، ويلين توشر نائبة وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الرقابة على التسلح والأمن الدولي. ووصف ريابكوف في تصريحات بثتها وكالة «إيتار تاس» جولة المشاورات بأنها كانت مجدية، مشيراً إلى أن البحث تناول القضايا المحورية والتطبيقية، حيث تركز الاهتمام على الاستعدادات لمناقشة موضوع الدفاع المضاد للصواريخ على مستوى لقاءات قمة مقبلة بين روسيا والولايات المتحدة. وكشف أن الجانب الأميركي غير جاهز للقيام بخطوة مقابلة نحو روسيا فيما يتعلق بمنح الضمانات الأمنية الملزمة قانونيا، أي ضمان عدم نيل الدرع الصاروخية من قوات الردع النووية الروسية. بالمقابل أعلن الأميرال مايكل مولن رئيس هيئة أركان الجيوش الأميركية المشتركة في 25 تموز الماضي بلقاء مع الصحفيين: أن واشنطن وموسكو تخوضان حواراً مكثفاً ومفتوحاً بشأن نشر منظومة شاملة للدفاع المضاد للصواريخ في أوروبا، مضيفاً نحن نتفق مع زملائنا الروس حول بعض المسائل وفي بعض الأحيان لا نتفق، لكن العمل مستمر، ونحن نفهم قلق الجانب الروسي إزاء منظومة الدفاع الصاروخية الأوروبية التي من المقرر أن يتم إطلاقها خلال العقد القادم، ونحن سنعمل على توضيح موقفنا». وتأتي تصريحات مولن بعد سلسلة تعليقات أدلى بها مسؤولون روس بشأن تعثر المفاوضات بين روسيا والناتو وروسيا والولايات المتحدة بشأن الدرع الصاروخية. وكانت جولة مباحثات جرت في موسكو في الثامن عشر من آذار 2008 بين واشنطن وموسكو عبر وزيري الدفاع والخارجية في كل من الولايات المتحدة وروسيا وفشلت في إنهاء الخلاف بين الجانبين بشأن الدرع الصاروخي رغم تشديد وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس في ختام المباحثات التي أطلق عليها اسم (2+2) على أن الدرع لن يمثل أي تهديد لموسكو. وكان البلدان اتفقا في قمة مجلس روسيا - الناتو التي عقدت في تشرين الثاني عام 2010 على التعاون في إقامة منظومة الدرع الصاروخية الأوروبية، كما عقد مجلس روسيا -الناتو جلسة له على مستوى رئيسي هيئتي الأركان العامة في 4 أيار الماضي أعلن خلالها رئيس الأركان العامة الروسية نيكولاي ماكاروف في ختام المفاوضات مع الشركاء الأميركيين أن موسكو مستعدة لمناقشة اقتراحات بناءة بشأن مشاركتها في إقامة منظومة الدرع الصاروخية الأوروبية في حال تقديم حلف الناتو ضمانات لها حول أن هذه المنظومة لن تكون موجهة ضد روسيا ولن تستهدف ترسانتها النووية. وفي 6 نيسان 2008 عقدت قمة بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي جورج بوش في مدينة سوتش الروسية كان الغرض منها هو التوصل إلى اتفاق حول نظام الدفاع الصاروخي في أوروبا، ولتبديد المخاوف الروسية بشأن المنظومة الدفاعية المقترحة. وفي البيان المشترك قال بوتين إن روسيا متمسكة حتى الآن برفضها إقامة مثل هذا النظام الدفاعي الصاروخي الأميركي في شرق أوروبا، وكشف البيان عن رغبة الجانبين في بناء نظام دفاعي مشترك مضاد للصواريخ في أوروبا، تاركين الأمر للخبراء لدراسة التفاصيل الفنية. ويمكن القول إن هذه القمة فشلت في التوصل إلى اتفاق بشأن الخطط الأميركية لإقامة درع مضاد للصواريخ في (بولندا) و(جمهورية التشيك). في حين كانت قمة موسكو في 6 و7 تموز 2009 بين الرئيس الأميركي باراك أوباما ونظيره الروسي ديميتري ميدفيديف قد انتهت في اليوم الأول بإصدار بيان مشترك باتفاق الرئيسين على خفض الترسانة النووية لدى كل جانب، وتجديد معاهدة الحد من الأسلحة الاستراتيجية (ستارت) قبل انتهاء مدة سريانها في 5 كانون الأول 2009. وفي اجتماع اليوم التالي مع رئيس الوزراء بوتين أعلن الطرفان تشكيل لجنة عليا أميركية روسية برئاسة وزيري الخارجية لدراسة كل القضايا الرئيسة في مختلف قطاعات نشاط الدولتين، هذا بالإضافة إلى الوعد بإنشاء هيئة لمراقبة التدرج إلى تخفيض التسلح النووي. كما أنذر الرئيس الروسي ميدفيديف أن روسيا سوف تقيم بطاريات الصواريخ المتطورة في قاعدة كالينغراد على بحر البلطيق لو أصرت الولايات المتحدة على إقامة الدرع الصاروخي في أوروبا الشرقية ضد هجوم إيراني مزعوم. ويرى المراقبون أن العقبات التي تحول دون التوصل إلى حلول تتلخص بما يلي: 1) إن إقامة نظام دفاعي صاروخي في شرق أوروبا يضطر روسيا إلى تطوير الأسلحة الاستراتيجية الهجومية لمواجهة الدرع الصاروخي الأميركي. 2) إن خطط الولايات المتحدة لإقامة درع صاروخي أميركي في أوروبا سيهدم التوازن الاستراتيجي بين الولايات المتحدة وروسيا. 3) إن روسيا ترغب في الاطلاع على مزيد من المعلومات بشأن خطط الدفاع الصاروخية الأميركية، وتربط هذا المطلب بالمعاهدة النووية الجديدة. 4) أعلن الرئيس الروسي ميدفيديف عن تمسكه بتطوير الأسلحة الروسية الاستراتيجية الهجومية حتى بعد توقيع المعاهدة الجديدة مع الولايات المتحدة مؤكداً أنه لا يمكن لروسيا أن تحمي أراضيها دونها. وعقد المفاوضون الروس لقاءات عديدة لإجراء المشاورات انطلاقاً من هذا الموقف، وقام الخبراء العسكريون والدبلوماسيون بتحديد بعض عناصر المبادرة الروسية خلال تلك المشاورات. وعلى الرغم من المحاولات العديدة لإقناع روسيا بأن الخطة الأميركية مثالية فان موسكو ترى أن هذه الخطة تمثل تهديدات مباشرة لقواتها المسلحة الاستراتيجية. يذكر أن الخلاف بين موسكو وواشنطن يتركز على خطة الدرع الصاروخي الأميركي المزمع نشره في أوروبا الشرقية، إذ ترى روسيا أن «الحجج والمبررات» التي تقدمها الولايات المتحدة لنشر منظومة الصواريخ الدفاعية قرب الحدود الروسية «غير مقنعة». كما ترى موسكو أن التهديد الصاروخي، الذي تتخذ منه واشنطن مبرراً لنشر منظومتها الصاروخية الدفاعية في وسط وشرق أوروبا، «غير موجود أصلاً». وبالتالي يمكن الاستنتاج أن جميع المفاوضات التي قامت بها الإدارات الأميركية وآخرها إدارة أوباما كانت تدور في حلقة مفرغة من المبادرات والاقتراحات المضادة والعقبات التي أدت إلى عدم التوصل إلى حل حتى الآن؟ |
|