|
ثقافـــــــة وكان صندوق الدنيا بطل العرض ونقطة ارتكازه ليتم تعريف الأطفال به كأداة تثقيفية قديمة من جهة، ومن جهة أخرى فإنه يمتلك إمكانية التجسيد لعدة حكايا أراد العرض المسرحي معالجتها، لذلك تنوعت أفكاره وطروحاته ضمن قصص ولوحات مسلية ساعدتها آلية صندوق الفرجة للخروج إلى النور، ثم التفاعل مع الأطفال باستخدام أسلوب إخراجي رشيق يتيح التنقل بين عوالم وبيئات متنوعة وقصص عديدة، دون أن تترك في الإطار الترفيهي، بل حملت كل لوحة على حدة مقولة ما في اتجاه ما، فها هي إحدى اللوحات تصور ما يقدمه العمل للإنسان وفي أخرى تتبلور قدسية الصدق والقيم الأخلاقية، ثم يمر العرض على مرحلة من تاريخ سورية، وهي فترة الاستعمار الفرنسي وهكذا.. التزمت الخطوط الدرامية الأساسية لغالبية قصص العمل المسرحي ممتاز يابطل البساطة في اللغة والمفردات وآلية نسج الأفكار وتقديمها فتمكن العمل من إظهار أهمية عنصر البساطة في مسرح الطفل كونه مطلوباً منه أن يستحوذ على ذهنه ومشاعره بالشكل الذي يمكنه تقبل الطروحات للاستفادة منها بالشكل المطلوب حيث قدم العرض أفكاراً وقيماً ومقولات من خلال عوالم متعددة، توازي حياته كطفل، له سوية معينة من التفكير والاستيعاب فالعرض استخدم صندوق الدنيا الذي تجول في مساحات عديدة، واستحضر شخصيات وقصصاً من خلال تلك العجوز التي شدت الطفل المتلقي إلى عالمها ليبحثا سوياً حكايا يتعرف بها ذاك الطفل على خبايا الصندوق التي وعدته هي بها فكانت تلك الخبايا ممتعة ومفيدة إذ حملت كل لوحة منها أفكاراً وقيماً أخلاقية دعته بجمالياتها الكثيرة للتمسك بها، وقد اتسم تنوعها بالمرونة، بسبب قصصها الخفيفة وأداء ممثليها الذين تميزوا بالليونة والحركة السريعة، التي تلفت نظر الطفل وتسعده حيث لا يهم هنا التعبيرات الحركية الدقيقة، بقدر ما يهم الأداء الخاص الذي يدهش الطفل ويجذبه إلى متابعة الممثل بأدائه البهلواني الذي يتقرب بها من الشقاوة ثم شكله ولباسه المبهر، كل هذه المكونات مجتمعة وفرت للعرض جملة من العناصر الإنسانية والجمالية والفنية والاجتماعية دارت كلها في مساحة أساسية هي مفاهيم الطفل ومستوى تفكيره، فتمكن من أن يرى أمامه عالماً يوازي عالمه ويحاكيه لكنه منسق بشكل درامي وفني جميل وبآلية تحمل الإبهار والإمتاع فتمكن العرض بهذه المعطيات من أن يحقق بعضاً من أهداف مسرح الطفل ودراماه، تلك التي تتمكن من تطوير قدرات متعددة، قد تكون معرفية وقد تكون علمية أو فنية أو اجتماعية وكل ذلك إن تمكنت من الاستيفاء بشروطها وقد حملت دراما العرض هنا العديد من الخطوط الفنية والدرامية. عبر ثيمة تحمل التشويق أصلاً عدا عن التفاصيل الأدائية التي تحرك ذهن الطفل إضافة إلى التنوع والتنقل من عالم لآخر ومن حكاية لتالية وكل منها حمل التجدد والتلون والصراعات والتي قدمت مقولتها تختزلها أحياناً أو تطرحها بالشكل المباشر أحياناً أخرى آخذة بعين الاعتبار جمهور العرض وكيفية تلقيهم تخلل ذلك توجيهات سلوكية قيمة عبر قصص حملت بعض الإسقاطات الحياتية وقد استطاع العرض، جمع حكايا شعبية وتراثية ومشكلات معاصرة وصلت إلى عقل الطفل فأشركته جدياً في قضايا حياتية وأثارت تفكيره بشكل عميق نحو محيطه والكثير من القيم التي يحتاجها إنسانياً. ممتاز يابطل: من تأليف الكاتب أكرم شريم, وإخراج محمد الطيب. الممثلون: غسان الدبس - رائفة أحمد - هدى الخطيب - أسامة التيناوي - جيرار آغا بشيان - عبد السلام بدوي - ندى العبد الله - تماضر غانم - ابراهيم عيسى. والأطفال: سارة أبو زهرة - رضوان النوري - سمير مهاوش - زينب عيد - ماريا عيد. |
|