تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


محاضـــــرة .. بالعشق وحده عاش شهريار.. أتقن العزف فأشعل النار في القلوب !!

ثقافـــــــة
السبت 1-10-2011
فاتن دعبول

شاعر وفنان، جمع في شعره بين الأصالة والحداثة، كتب الشعر الكلاسيكي ونظم قصائد في الشعر الحديث، حتى اعتبره الباحثون من مؤسسي الشعر الفارسي المعاصر.

كان شهريار مفخرة لأمته، لأنه لم يتكسب بشعره رغم قصر يده، ولم يتقرب من القصور، ولكنه أبي النفس غيور على بلده ودينه.‏

وشهريار هو فنان إضافة لكونه شاعراً، فقد كان خطاطاً وتعلم عزف العود على يد صديقه الموسيقار« أبو الحسن الفضا» وواصل دروس العلوم الإسلامية في دار الفنون.‏

وقد احتفلت المستشارية الثقافية للجمهورية الإسلامية الإيرانية في ندوتها الأدبية (37) باليوم الوطني للغة الفارسية وآدابها والذي صادف اليوم الوطني لتكريم الشاعر الكبير شهريار.‏

الدكتور مصطفى البكور وقف في ندوته عند أهم المحطات في حياة الشاعر شهريار.‏

مفخرة الشرق العظيم‏

ولد محمد حسين شهريار في نواحي تبريز في العام 1908، ودرس المراحل الأولى هناك، ثم هاجر إلى طهران وانتسب إلى دار الفنون ثم دخل كلية الطب لكنه لم يتخرج منها بسبب فشله من الزواج بفتاة أحبها... وعمل موظفاً في مؤسسات حكومية... فقد أمه وتألم لذلك، وأنشدها أرق الأشعار...‏

توفي في العام 1988، لكن نار العشق وجذوة الحب والشوق التي أضرمها في عالم الإنسانية لم تنطفئ بعد، فقد أدرك أنه بالعشق وحده يحيا الإنسان ويخلد، متأثراً في ذلك بأستاذه حافظ الشيرازي وبالشاعر جلال الدين الرومي.‏

أبدع في شتى فنون الأدب الفارسي رغم عدم انتسابه لأكاديمية أدبية أو نقدية، واعتبرته جامعة تبريز أحد حراس الشعر والأدب الفارسي ومنحته درجة فخرية وكرمته سنة 1984 واشتهر بفن الغزل حتى لقب بأمير الغزل من مثل« القمر المسافر وفراشة في النار، الحبيب القديم وأتوسل إليك....».‏

يكرس شكلاً جديداً للشهريارية‏

وربما لم يكن لقب شهريار جاء مصادفة، فقد كانت روح شاعرنا تفيض بالحب والعشق والزهد، وفي سلوكه هذا استطاع أن يكرس شكلاً جديداً للشهريارية التي تموج بصفات الحق والخير والجمال، شهرزاد القصيدة والشعر المفعم بالحب والحياة والأمل والإنسانية الرفيعة.‏

والملاحظ تأثر الشاعر الكبير بحافظ الشيرازي وليس بجلال الدين الرومي، وربما مرد ذلك إلى التشابه في أحوال عصري هذين الشاعرين ومعاناتهما، وبالتالي فهذا التوسل بديوان حافظ واستدعاء رموزه ليس إلا نقداً ورفضاً ذكياً لما كان يجري في عصر شهريار.‏

والأهم هو أنه كيف استطاع امتلاك النظم والإبداع في الفارسية رغم انتمائه إلى اللهجة الأزدية التركية، ربما جاذبية اللغة الفارسية ومقدرتها على التعبير والبوح بالمشاعر الإنسانية هي مادفع الشاعر إلى النظم بها، لذا استحق شهريار أن تكون ذكراه عيداً للأدب الفارسي الذي يشكل العشق أهم وأعمق وأصدق محاوره ومضامينه.. يقول:‏

بالعقل لايتدفق ماء الحب في السواقي‏

أمضيت عمراً في الحب محترقاً..‏

ولكني سعيد «أيها الساقي»‏

فهل رأيت فراشة تشكو من ظلم شمعة‏

أوعين عاشق تئن من حرقة دمعة‏

«عنوانه...الحب والغزل.. والوطن»‏

وقد تدرج الشاعر في مسيرة العشق ومراتبه،وظلت نار العشق تكوي فؤاده، ليسقط صريع المرض، لامواسٍ له إلا شعر الحب والغزل.‏

وتتعمق مأساته بفقد أمه التي خاطبها بأرق أشعاره في ملحمة إنسانية منقطعة النظير يقول:‏

إنها لم تمت‏

هي حية في همومي... وقصائدي وخيالي..‏

كل ورثتي الشعرية منها‏

هل ينطفئ حقاً موقد الشمس والقمر‏

هل تموت بطلة أنجبت شهريار...‏

لا.. أبداً.. لن يموت أبداً من ينبض قلبه بالعشق‏

وكانت المحطة الأروع في لقائه الإمام علي «ع»، وقد استحضر في ملحمته الدينية في مدحه رموزاً موغلة في قلب التراث الأسطوري... الفارسي ووصفها في سياق جميل يمزج بين القديم والجديد والأسطورة والحقيقة..‏

أي علي.. ياطائر السعد والرحمة‏

قل لي بربك.. أي آية أنت أي سدرة‏

أفاضت علينا بهذي الظلال والخضرة‏

رحل شهريار بعد رحلة طويلة من المعاناة والحرمان ولسان حاله يقول:‏

كلما راقبت حال الزمن‏

رأيته يحرم أهل الفطن‏

سبحان ربي كلما لاح نجم‏

صرعته ظلمات المحن‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية