تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


«العربــدة» الدبلوماســية..!!

الافتتــاحية
السبت 1-10-2011
بقلم رئيس التحرير: علي قاسم

يبدو أن العربدة السياسية التي مارستها قوى وأطراف دولية وإقليمية تجاه الأحداث في سورية لم تشف غليلها.. ولم تحقق ما كانت تعمل عليه.. كما لم تتمكن من رسم المشهد الذي خططت له..

عدوى العربدة انتقل بالتدريج إلى الدبلوماسيات.. من نشاط بروتوكولي وفي إطار ما هو معتاد في الأعراف الدبلوماسية.. إلى سوابق خطيرة تجاوزت ما هو مطلوب منها.. وذهبت أبعد مما هو مسموح لها.. بين دبلوماسية بات سفيرها يلتزم الواجب الاجتماعي قبل السياسي.. وأخرى تحولت إلى مصدرة للنصائح والتوجيهات مثلها في ذلك مثل سياسيي حكومتها.‏

المفارقة أن هذا الخروج يترافق مع اعتراف هذه وتلك بفشل سياسة العربدة وبخيبة أمل في التعاطي مع أحلام وأوهام ارتسمت في المخيلة السياسية إلى حد اليقين والحدث الافتراضي الذي رسمته فضائيات الفتنة كمنهج تعتمده تلك السياسات وتتعاطى بمنطقه مع الأحداث والتطورات تحول إلى مأزق يبحث عن مخارج.‏

ما فات هذه وتلك أن ما عجزت عنه العربدة السياسية لن تعوضه هلوسة الدبلوماسيات الاستعراضية ولا حراكها الدعائي، كما أن ما فشلت فيه سياسة الغرور والتعالي لن تحققه دبلوماسية «النصائح» والحديث الممجوج عن مهنية هنا أو موضوعية هناك.‏

بداية لا يحق لا لهذه ولا لتلك أن تتحدث عن أي مهنية ولا عن أي أصول دبلوماسية وسياسية، وهي التي داستها ولاكتها ألسن السياسيين في عواصمها، وهي في النهاية ليست أكثر من رجع صدى مشوه لتلك السياسات.‏

وفي التفاصيل كانت الشبهة ملازمة لكل من السياسة والدبلوماسية في الآن ذاته فلا السياسة كانت بريئة، ولا تحركات السفراء..‏

كانت هناك مؤشرات فعلية على أن عدوى التجاوز في نشاط الدبلوماسيات ستنتقل بالتدريج، إن لم يكن للإصابة فهو بالتأكيد في إطار التنفيذ للإملاءات التي تتلاحق لكثير من الدبلوماسيين والسفراء بضرورة تقليد السفير الأميركي كي لا يبقى وحيداً بشكله المنفر..‏

وفي المحصلة إذا كنا قد وجدنا في سلوك السفير الأميركي أمراً مرفوضاً مثلما هي السياسة الأميركية ومظاهر العربدة والتطاول فيها، فإنه كان الأجدى ببعض الدبلوماسيات «الصديقة» وتحديداً الجارة منها أن تبعد نفسها عن هذا المأزق وأن تتعظ مما آلت إليه مواقف سياسييها.‏

ومع ذلك لنعد قراءتها وبكثير من حسن النية.. فإذا كان تقليداً للسلوك الأميركي فقد جاء تقليداً مشوهاً، وإذا كان إصابة بالعدوى.. فنصيحتنا أن يلجؤوا إلى المضادات الحيوية السياسية والاستفادة من التجربة السورية في تحقيق المناعة.‏

أما إذا كانت تتوهم بأن ما يجري هو استكمال للسلوك السياسي لتلك الحكومات «الصديقة» فإننا نجد أنه من المهم اكتشاف مخاطر هذا التوهم باكراً كي لا ينزلقوا أبعد في أوهامهم..‏

أما ما يعتقدون أنه نصائح أو هو تذكير بالموضوعية والمهنية فليسمحوا لنا فهذا تطاول لا نقبله وتجاوز لا نسمح به.. ومغالطة دبلوماسية وسياسية ومهنية، ورسالة في الاتجاه الخطأ وإلى المكان الخطأ، وكان الأجدى أن توجه إلى إعلامهم وفضائياتهم التي لم تكن خارج موجة الفبركة والاستهداف.‏

فهل يريدون أن نذكرهم بعشرات البيانات التي وزعت من جهات رسمية سورية وتم تجاهلها تماماً بل نشر ما هو مناقض لها؟!‏

لا نعتقد أنه يحق لدبلوماسي أن يملي.. ولا أن يتهم. ولا أن يوجه.. ولا يحق له حتى المخاطبة.. لأنه خروج عن السياق.. تجاوز على النص الدبلوماسي وأدبياته..‏

ونجزم أنه يندرج في إطار هفوة غير مقصودة.. ونجزم أيضاً أنها ستعيد النظر فيها.. كما ستعيد حكومتها النظر في الكثير من مواقفها المتسرعة والمبنية على معطيات خاطئة.. وحسابات غير منطقية لا يمكن أن تخدم مصالحها ولا مصالح المنطقة..!!‏

a-k-67@maktoob.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية