|
شؤون سياسية وانقض هؤلاء على مواقع العدو الصهيوني المحتل في الجولان ، وفي عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة، ثم سمعت جماهير الوطن أصوات الضربة الثانية للمدفعية العربية السورية التي شرعت تدك حصون العدو، وتشكيلاته وبدأت لحظة تحرير الجولان زغرودة على لسان السوريات اللواتي أنجبن أبطال التحرير ، والسوريين الذين هّبوا هبّة رجل واحد في حرب التحرير التي ستعيد الأرض ، والمجد والوطن المنيع. وفي تلك البرهة من الزمان أدرك كل مواطن عربي وسوري أن الحدث الذي يدخله الشعب بإرادة واحدة، ويد واحدة هو الحدث الوطني المنتصر، وأن الحرب هي ماعرفناه ، وذقناه إلا أن الوطن المحرر هو الهدف ، والأرض المستقلة هي الأغلى من كل مانملك أو نعتقد ، أو نّدخر وقبل أن تغرب شمس ذلك اليوم كانت الجبهة المصرية قد اشتعلت تحت أقدام الغزاة وصارت قناة السويس في عهدة السيادة المصرية كما صار معظم الجولان السوري كذلك. ومنذ انطلقت الشرارة الأولى من سورية قبيل الساعة الثانية بعد الظهر طارت أخبار الحرب إلى ماوراء الأرض العربية والبحار والمحيطات لكي تخرّش آذان هؤلاء الذين كانوا ينامون على ماخططوا له من حالة الضعف العربي التي يجب أن تدوم وتدوم لكون المشروع الصهيوني مهما بنى من استراتيجيات القوة، فالأولى منها تمزيق العرب ومنع أي شكل من أشكال الوحدة ، أو التنسيق أو التضامن العربي فكلما قال ابن غوريون في خطابه الأول الذي أعلن فيه قيام الكيان الاغتصابي الصهيوني على أرض فلسطين: « تحتفلون بقيام دولتكم لكن يجب أن تعلموا أنها لم تقم بقوتكم وحسب وإنما بضعف العرب.» نعم ضعف العرب الذي يتسبب من طبيعتهم التاريخية حين تركوا وحدتهم ودولتهم الإسلامية العربية لقمة سائغة أمام المغول والتتار 1852م, وحين قبلوا الاحتلال العثماني لـ (400) عام وحين قبلوا سايكس بيكو ، ومعها بالآن نفسه وعد بلفور 1917، وحين قبلوا قيام الكيان الصهيوني عام 1948 على أرض فلسطين ، وحين قبلوا بجامعة عربية لاتجّمع ولاتملك العقيدة الجامعة وحين قبلوا بأن تكون القمة العربية قمة لاتنطلق من المصالح العربية العليا بل من مقتضيات سياسة سايكس بيكو ومرجعياتها في النظام العربي ، وحين قبلوا العدوان على سورية ومصر والأردن ولبنان عام 1967 وحين قبلوا مفاوضات التسليم وتصفية القضية الفلسطينية والحقوق العربية المغتصبة لصالح دولة العدوان ، والعنصرية إسرائيل ، وحين قبلوا كامب ديفيد ، وقبلوا بمشاغلة سورية من الداخل منذ عام 1978 حتى 1983 ، وقبلوا بإدخال العرب بحرب ضد الجمهورية الإسلامية في إيران وكأن فلسطين ليست محتلة والقدس ليست تحت الأسر ، وقبلوا أن يتجندوا لصالح تحرير أفغانستان من الشيوعية وكأن كابول هي أولى القبلتين ، وثاني الحرمين الشريفين ، وقبلوا الضغط على سورية وحصارها حتى لاتفشل بجهة الصمود والتصدي كامب ديفيد ، وقبلوا النتائج التي كانت في صالح إسرائيل من المتغيرات الدولية التي انتهت بزوال الاتحاد السوفياتي والمنظومة الشيوعية الحليف الوحيد للعرب، وقبلوا بالقطب الوحيد المهيمن أميركا وقدّموا لها كامل سيادتهم على أرضهم انخراطاً بسياساتها ، وقبلوا احتلال الكويت ، وقبلوا احتلال العراق وقبلوا المبادرة العربية /2002/ ولو خلت من عودة كامل الأراضي وحق العودة . وقبلوا بخارطة الطريق الموهومة ، وقبلوا الحرب على المقاومة اللبنانية /2006/ والحرب على غزة /2009/ وحصارها، وقبلوا من جديد مشاريع الدولة اليهودية والتهويد ، وقبلوا عدم مناصرة المقاومة على أي أرض عربية وقبلوا الضغط على سورية لكي لاتنتصر للمقاومة وتساندها ، وقبلوا أن الحرية لنظمهم السياسية تقرر بشأنها أميركا فهوية الحرية للوطن والمواطن من لدن الأميركيين وحلفائهم الأطلسيين والصهاينة وقبلوا التدخل الأجنبي بالداخل العربي وساندوه في ليبيا ،وقبلها بالعراق ، وقبلوا كافة سياسات فتح المجال أمام الاستيطان الصهيوني . وجداره العازل ،ورفض الدولة الفلسطينية ، وقبلوا باسم الربيع الذي تدّعيه قوى الغرب الصهيوني الإمبريالي أن يكون كل قطر عربي مفتوحاً للتدخل الخارجي وبقرار من الجامعة العربية ومساندة من أصحاب الجلالة والسمو ، وقبلوا أن يكون القرار العربي صادراً من البيت الأسود ، وقبلوا أن تعود اسطنبول إلى نهج الباب العالي والتتريك ولو تّم تدمير الوطن السوري خدمة لإسرائيل . أجل إن الذين قبلوا كل هذا التاريخ لن يقبلوا بالتأكيد أمتهم المقاومة ولاأحلامها التوحيدية التحريرية ولن يقبلوا أي بلد عربي يحمل راية المقاومة ويعد العدّة للتحرير ، ومن كل سياساتهم نراهم ينتقمون لكيان الاستيطان من الذي تسبّب بحرب تشرين التحريرية ، ومن لازال يسعى لتثبيت روحها ونهجها. |
|