|
معاً على الطريق بين هبوب من الرياح شرقية أو غربية سانحة أو هوجاء تحرض المخاض أو تثبطه أو تشي بإجهاضه. إنه بشكل عام يمثل الصراع الأبدي بين جيلين هما جيل (الآباء) وجيل (البنون) وبغاية جلاء هذا الصراع نستأنس ببعض الأعمال الأدبية العالمية والعربية تيمناً بالفلاسفة الذين يستدلون في اتخاذ مواقفهم بأدلة من الأدب، ونبدؤها برواية (الآباء والبنون) للكاتب الروسي إيفان تورغيتنيف التي كتبها عام 1861 وهي تعد أقوى آثاره وتصور الصراع الفكري والاجتماعي بين الشباب والشيوخ في روسيا عشية إعتاق الأقنان عام 1861 وتعالج الصراع بين المثل التي يؤمن بها الشباب والأعراف التي يتمسك بها الشيوخ. ثم مسرحية (الآباء والبنون) التي صدرت عام 1917 للكاتب والمفكر المهجري ميخائيل نعيمة الذي ولد في بسكنتا (جبل صنين- لبنان) عام 1889 وهاجر إلى أميركا وأسس مع جبران خليل جبران ونسيب عريضة ووليم كاتسفليس ورشيد أيوب وعبد المسيح حداد وندرة حداد (الرابطة القلمية) واختاروا جبران رئيساً ونعيمة نائباً له، وكان يجمعهم الإيمان (بوحدة الوجود) ويعد كتاب الرابطة من أبرز بناة النهضة الفكرية العربية. أغنى نعيمة المكتبة العربية بإبداعاته في الشعر والقصة والمسرح والنقد الأدبي. وكتب بالعربية والإنكليزية والروسية، ثم اعتزل في أخريات أيامه في بسكنتا مسقط رأسه وسمى نفسه (ناسك الشخروب) حتى توفي عام 1988. إن هذا المخاض يقدح زناد الواقع العربي فتشتعل فيه النيران تعس هنا وتلتهب هناك وتبقى البؤرة في فلسطين لا تنطفىء جذوتها مادامت «إسرائيل» (اليهودية) تختال على الشتات العربي ومادام الغرب لا يقبل مساومة ولا جدلاً في كيانها وأمنها و(تطلعاتها) كما قال الرئيس الأميركي باراك أوباما. كنا نتأبى أن نطلق على (الكيان الصهيوني) صفة (اليهودية) على أنه دين سماوي ونصر أن نفصل بين (اليهودية) و (الصهيونية) على أن ثمة يهوداً يناهضون «إسرائيل» لكن إصرار (نتنياهو) و (الكنيست) على أن «إسرائيل» (دولة يهودية) ومن غاياته إلغاء حق العودة وإخراج العرب من فلسطين بمن فيهم الذين لم يغادروها بعد النكبة وظلوا يعيشون على الهامش مجبرين على حمل الجنسية الإسرائيلية ورغم مشاركتهم الفجة بـ (الديمقراطية) كأعضاء في الكنيست. ولا أظن أن ثمة أقسى مما يحل بعشرات العائلات الفلسطينية في القدس المحتلة الذين يذمع العدو على إزاحتهم بوسائل همجية: يقررون هدم البيت بحجة أنه غير مرخص، وينذرون أصحابه أن يخلوه أو أنهم يخرجونهم بالقوة، ويخيرونهم بين أن يهدموا ( بيوتهم) التي يقطنون بها أباً عن جد بأنفسهم وإلا هدموها لهم وأجبروهم على دفع التكاليف وهي باهظة ولا قدرة لهم عليها، وكمن يقطع أعضاء جسمه بيده يهدمونها حجراً حجراً. ولنعد الى صراع الأجيال ونتمثل قول الإمام علي بن أبي طالب (ع) «علموا أولادكم غير ما تعلمتم لأنهم خلقوا لزمان غير زمانكم». |
|