تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


في الحرب والسلم البطالة أولوية

شباب
الأربعاء12-8-2015
ل.د

من بين أهم القضايا السكانية، التي تعمل عليها الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان، قضية الشباب ومشكلاتهم قي الدراسة والأسرة والعمل ومشاركتهم في الحياة العامة، ففي الورشات التي أقامتها مؤخراً عن آثار الأزمة، كان لقضايا الشباب الأولوية في العرض والنقاش.

ومن بين المشكلات التي بقيت تحتاج إلى اهتمام خاص، مشكلة البطالة، وإذا كانت المؤشرات التي قدمت في الورشات تقديرية وليست نهائية، لكنها تعكس جزءاً كبيراً من الواقع، فالنزوح والانزياحات السكانية والهجرة، كان لها التأثير الكبير على العمل وتوفره، أو البطالة وانتشارها، حيث أصبح من المؤكد أنه كما انعدم الأمان في المناطق التي يدخلها الارهابيون، أو التي تدور فيها المعارك، انعدمت أيضا إمكانية العمل، وفي مقابل ذلك ، تعددت فرص العمل وازدادات في أماكن الهجرة أي في المحافظات الآمنة، حيث انتقلت الكثير من المهن والأعمال والورش.‏

لكن إلى جانب الانزياح السكاني والهجرة الداخلية، هناك الهجرة الخارجية، والتي تسبب بخسارة الكثير من الكفاءات، وان كان البعض لا يعتبرها خسارة نهائية، بل هي مرحلة مؤقتة تنتهي فور انتهاء الحرب، و أنها فرصة لمزيد من التعلم والتدريب لخريجين سيعودون بخبرات مهمة ومفيدة في مرحلة إعادة الإعمار.‏

ونسأل اليوم وفي ظل استمرار الحرب، هل نستطيع السيطرة على ملف الشباب، أم أننا كما قال أحد المشاركين بإحدى الورشات من أعضاء مجلس الشعب، كل شيء مرتبط بتوقف الحرب وانتهائها.‏

والإجابة حاضرة، من واقع الحال، فلا تزال جميع المؤسسات والمنظمات التي تهتم بقضايا الشباب قائمة وتعمل، سواء على صعيد التمكين أو على صعيد التوعية، ربما ساد تأخر هنا وتعثر هناك بسبب بعض التراخي، أو بعض الفوضى، والفساد، لكن العمل مستمر، وكان التركيز في النقاشات على البطالة وآثارها أكثر من قبل، لأنّ الجريمة والأمراض العضوية والنفسية واستهلاك المخدرات تلعب البطالة بما يرافقها من بؤس دوراً محورياً ومشجعاً فيها. وهذا الخطر تجلى بأوضح صوره خلال سنوات الحرب الماضية، وظهرت الأوضاع الشاذة وما تولد عنه من قلة الانتماء والعنف وارتكاب الأعمال الارهابية والتخريبية وهناك فئة أخرى تقوم بالكبت بداخلها مما يتحول بمرور الوقت إلى شعور بالإحباط ويخلق شباباً مدمراً نفسياً وعضوياً.‏

واذا كان العمل بدأ قبل الأحداث بدراسات وأبحاث عن واقع و مشكلات الشباب وحول جذور المشكلة الأصلية وهي البطالة وقلة فرص العمل المتاحة أمام الشباب. فإن اليوم هناك تأكيد عليها أكثر من قبل، لتجنيب الشباب مستقبلا تتجلى فيه الآثار النفسية والاجتماعية الخطيرة للبطالة، حيث تفيد الاحصاءات العلمية أن آثارها السيئة على الصحة النفسية و على الصحة الجسدية، وأن نسبة كبيرة من العاطلين عن العمل يفتقدون تقدير الذات ويشعرون بالفشل وأنهم أقل من غيرهم، كما وجد أن نسبة منهم يسيطر عليها الملل وأن يقظتهم العقلية والجسمية منخفضة وأنّ البطالة تعيق عملية النمو النفسي بالنسبة للشباب الذين مازالوا في مرحلة النمو النفسي.‏

لكن يبقى التحدي الكبير هو عودة الكفاءات التي هاجرت، والتي استقطبتها الدول الغربية وقدمت لها كافة المغريات وسبل الرعاية ، تقول مكاتب الترجمة أن 400 خريج من أصل 600من طلاب كليات الطب لسنة 2014، تقدموا للهجرة إلى ألمانيا وحدها.‏

ولعل هذا من أخطر الأسلحة التي يستخدمها الغرب في مواجهة عمليات التنمية في بلدنا ولاستمرار الضغط علينا.‏

مما يؤكد أن الاحتفاظ بالكفاءات، والعمل على ارجاع المهاجرة منها، يشكل أكبر تحد، ويتطلب وضع استراتيجية عاجلة يتضافر فيها الجميع وترتكز على تشجيع الإبداع والمبدعين، ووضع الفرد المناسب في المكان المناسب، والعمل على استعادة العلماء، وتسهيل عودة الكفاءات العلمية.‏

لقد كان ولايزال التركيز على مشكلة البطالة أولوية ، لما لها من آثار سلبية خطيرة على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، فعلى المستوى الاقتصادي نفقد عنصراً هاماً من عناصر التنمية ألا وهو عنصر الموارد البشرية وذلك سواء من خلال عدم الاستفادة بهم وتهميشهم أو من خلال هجرتهم إلى الخارج، أما اجتماعياً فإنّ البطالة توفر الأرض الخصبة لجرائم العنف والسرقة والقتل والاغتصاب والانتحار.‏

وأمنياً تؤدى إلى انتشار ظاهرة الارهاب ومستثمريه، الذي يجدون في أبنائنا العاطلين فرصتهم المتاحة، فيستغلون نقمتهم على الحكومات، ويشغلونهم لصالح أهدافهم الإرهابية.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية