تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


نوبـــل.. إغواء المال أم الشهرة..؟! كــل مبــدع عربــي هــو جائـزة لنــا..

ثقافة
السبت 8-10-2011
ديب علي حسن

إنه سحر نوبل يشغلنا كل عام قبيل الاعلان بأيام وبعده بأسابيع ثم يذهب الى الثلاجة الى عام قادم.. نشغل نحن العرب بهذه الجائزة وكأنها سرّ خلود أدبنا إذا نال أديب عربي،

وإذا لم يحصل الأمر فكأن كل المنجز الابداعي العربي لا يساوي شيئاً...‏

حين نالها الراحل نجيب محفوظ استشاط المرحوم يوسف أدريس غضباً ولم يهنأ محفوظ بها لأنه كان يرى أنه الأجدر بنيلها.. واعترف توفيق حكيم أديب البخلاء وبخيل الأدب أنه تبرع بثلاثة آلاف دولار لجمعية ما... للفت الانتباه إليه وترشيحه لنوبل.. وفي السحر العربي ثمة من قال إن الشاعر الكبير الراحل محمود درويش كان في منتصف تسعينيات القرن المنصرم بعد (زهوة المعاهدات والاتفاقات) قد تلقى نصيحة من زعيم فلسطيني راحل بأن يختار من أعماله ما هو بعيد عن المقاومة والالتزام بالقضايا... ويترجمه الى الفرنسية وغيرها من اللغات، وجاء بعد ذلك من يقول: ربما كان تحول محمود درويش الى ما سمّاه الشعر الصافي خطوة على هذا الطريق، ولاسيما إنه صرّح-درويش ذات يوم أنه قد يحذف نصف شعره... ربما المقاوم... وفي الطريق الى سحر نوبل يأتي دور الشاعر العربي السوري أدونيس المرشح الدائم من قبل وسائل الاعلام العربية لهذه الجائزة، وكان أدونيس قد صرّح أكثر من مرّة أن التفكير بالجائزة صار وراء ظهره منذ زمن وهو لايفكر بها أبداً....‏

وفي هذا العام يتكرر اسم أدونيس وعلاء الأسواني كأديبين عربيين مرشحين لنيلها واللافت للنظر تنطح بعض الأدباء العرب الى الكتابة عن الجائزة يوم إعلانها ودعوتهم إلى عدم منحها للشاعر (أدونيس) لأن منحه إياها سيغضب الشارع الذي لم ينحز إليه حسب المدعين- الغريب في الأمر أن من يذهب أو تذهب لذلك يريد أن يقدم للعالم صورة غير صحيحة مفادها أن الشارع الذي يحطم ويكسر ويحرق هو من المبدعين والمثقفين وأن من يحمل السلاح يناقش في الأدب والفكر والسياسة.. كأنها لم تر أن أحداً منهم لا يعرف كيف يفك حروف الأبجدية.. فلماذا هذا الربط القسري والاعتباطي بين أمرين بعيدين إلى حدّ النقيض...؟!‏

سواء نالها أديب عربي بعد محفوظ سورياً كان أم مصرياً أم... فلا يهمنا الأمر، وعالمية أدبنا وانسانيته لا تنتظر نوبل، ولاديناميته، بيت شعر من معلقة شاعر من العصر الجاهلي يعادل الجائزة كلّها.. ولم لا نذكر قول المتنبي:‏

أنام ملء جفوني عن شواردها- ويسهر الخلق جراها ويختصم. قائمة المبدعين العرب تبدأ ولاتنتهي فكل مبدع عربي شاعراً كان أم روائياً أم ناقداً، هو بحدّ ذاته ألف نوبل وألف جائزة.. لكنها عقدة (الفرنجي برنجي)...‏

أهرقنا حبراً في مديحها لو أهرقناه في مديح أي شيء آخر لكان أزهر وأثمر...‏

أدبنا بخير وإبداعنا بخير، وليس بالتأكيد بحاجة الى شهادات من الآخرين.. ولكن هل نكف نحن عن الاصطياد في الماء الآسن...‏

أدونيس وغيره أسماء تعطي نوبل قيمة ولا تستمد منها إلاّ ضجيجاً إعلامياً أظنه موجوداً، ليهنأ أهلها بها، لنا سحر الإبداع، ولهم سحر الضجيج والمال، وسحر الابداع هو الأبقى والأكثر استمرارية وديمومة... وتبقى الغصة في القلب أين جوائزكم أيها العرب!! لماذا هي منذورة على العري والرقص والبذخ وحدائق حيوان في الغرب...‏

صدق نزار قباني إذ قال:‏

في عصر زيت الكاز يطلب شاعر.. ثوباً وترفل بالحرير قحاب..؟‏

- لولا العباءات التي التفوا بها - ما كنت أحسب أنهم أعراب‏

- يتقاتلون على بقايا تمرة - فخناجر مرفوعة وحراب‏

- قبلاتهم عربية من ذا رأى - فيما رأى قبلاً لها أنياب..؟!‏

كل نوبل وأنتم بخير ولكن من ذا الذي يعيد للابداع ألقه وللمبدع مجده..؟!‏

d.hasan09@gmail.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية