تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أين متطلبات الأمن الغذائي العربي ?

شؤون سياسية
الأحد 8/6/2008
علي سواحة

يبدو أن أمتنا العربية لا يكفيها ما تتتعرض له من أخطار وتحديات خارجية على امتداد عقودها الماضية للسيطرة على كنوزها وخيراتها وجعلها بالتالي أسيرة لأهواء المشروع الصهيوني المدمر.

فها هي الأمة اليوم يتقاطرها ما هو أخطر من ذلك والمتمثل في تفاقم ارتفاع أسعار الغذاء العالمية الطاحنة وبالتالي ازدياد فقراء العرب ,وكل ذلك تحت سقف مظلة الرأسمالية وفتح الأسواق في كل ميدان التجارة العالمية واحتكار قوت الشعب الذي تمارسه الدول الصناعية والشركات الدولية الكبرى.‏

وإذا كان ما يصرفه الفرد العربي والذي لم يتجاوز حدود الدولارين في اليوم على طعامه وشرابه ,فإن المعطيات على أرض الواقع تقول إن فقراء العرب والمحتجين منهم في وطن العرب الذي يملك الثروات الطبيعية والزراعية الهائلة يزداد عددهم يوماً بعد يوم, حتى إن دول النفط العربي لها نصيبها أيضاً من عدد الفقراء,وهذا كله يترافق مع أزمة الكساد الاقتصادي العالمية وأزمة ارتفاع أسعار الغذاء العالمية.‏

ولو عدنا إلى التقرير السنوي الذي يصدر عالمياً حول أعداد الأثرياء في العالم لوجدنا أنهم يزدادون كل عام والتقرير الصادر حول ذلك في العام الماضي والصادر عن بنك سيتي بنك الأمريكي بالاشتراك مع شركة السمسرة العقارية الدولية /نايت فرانك/أكد ازدياد عدد الأثرياء في أمريكا لوحدها/460/بليونيرا و/3,1/مليونير ,وفي اليابان/765/ألف مليونير ,وفي بريطانيا/557/ألفاً ,وفي روسيا/8500/مليونير ,وقس على ذلك في الدول العربية من غنيها وفقيرها وكل ذلك ناتج بالطبع عن حالة النهب والاحتكار للدول والشركات الكبرى التي تمارسه بحق الشعوب وضماناً لبقاء تفوقها وسيطرتها على مقدرات الآخرين.‏

كل هذا يتزامن أيضاً مع عجز واضح للدول العربية التي تقف عاجزة أمام هذا السيل الجارف لأزمة الغذاء وازدياد البطالة عربياً وعدم وجود أي استراتيجية عربية مستقبلية للحل.‏

على الرغم من أن دولنا العربية تملك من المساحات الشاسعة من الأراضي الزراعية لو استغلت بالشكل المطلوب لكانت كفيلة بتحقيق الاكتفاء الذاتي والتصدير الخارجي ,ذلك أن مساحة تلك الأراضي يزيد عن 190 مليون هكتار حسب احصائية للتقرير الاقتصادي العربي للعام الماضي ,ولعل بلداً عربياً واحداً كالسودان يمكن فيما لو توافرت له الاستثمارات اللازمة للتمويل ليكون سلة الغذاء العربي ,ناهيك عن دول أخرى من أرجاء الوطن العربي كمصر,والعراق,وسورية .‏

صحيح أن الاقتصاد ككل يمر بمرحلة يعاني فيها من ظاهرة ركود اقتصادي تمر ضمن الدورة الاقتصادية العالمية, لكن الاقتصاد العربي ما زال يعاني من هذه المعضلة لأسباب أخرى أكثر خطورة ,فعوضاً من أن نكون مصدرين للغذاء نحن اليوم أمة مستوردة.‏

ها هي اسبانيا على سبيل المثال التي كانت من أفقر دول العالم الأوروبي نهضت باقتصادها دون التخلي عن الزراعة بل على العكس ,عملت على دعم هذا القطاع الذي كان فاتحة لنهوضها في الميادين الأخرى وبذلك تحولت إلى دولة تنتج أكثر مما ينتجه العالم العربي بكل دوله ولا سيما النفطية منها.‏

إن الحقيقة المرة في عالمنا العربي أنه لم ينجح في أن يمتلك استراتيجية عربية تضمن للأمن الغذائي العربي مقوماته وعناصر قوته ,ولاسيما إذا علمنا أن استهلاك العالم العربي من سلع غذائية يفوق انتاجه بمقدار يتراوح ما بين 15-20 مليار دولار سنوياً ويتوقع باحثون عرب أن يصل هذا الرقم إلى خمسين مليار دولار في العام 2030 إذا ما استمر الوضع العربي على حاله.‏

لقد آن الآوان كي نشمر عن سواعدنا ونبدأ مرحلة جديدة نعيد فيها اكتفاءنا الذاتي من الغذاء كي نضمن سيادة واستقلال قرارنا الوطني,.وأمناً غذائياً عربياً مشتركاً ننطلق منه معاً لبناء أمننا العربي في المجالات الأخرى كي نحمي وجودنا وسيادتنا ومستقبلنا‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية