تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أحمر.. فاقع.. ناري.. ولكن!!

فضائيات
الأحد 8/6/2008
لميس علي

هل تنمسخ الأفكار.. لربما انمسخت بعض الأفكار كما تنمسخ الكائنات الحية والأشياء الملموسة ليتحول حاملها الفكري إلى درجات أدنى مما هو عليه, فتتشوه تلك الأفكار, تتناقص.. وقد تنقلب إلى نقيض هدفها ومسعاها الأساس, المرتجى في الأصل من غاية طرحها..

منذ أكثر من عام, قدّم الإعلامي جو معلوف في برنامجه (عندما يفتح الملف- محطة الجرس) ملفاً عن رقص الذكر, وعلى ما يبدو أنه مؤخراً استفادت محطة LBC من ذات العنوان العريض لتقدم المادة نفسها, بأسلوب أكثر إثارة, مع لفت الانتباه إلى أنها إثارة ظاهرية, خارجية (تجارية) لا تمس الجوهر, تبقى عائمة على السطح.‏

برنامج (أحمر.. بالخط العريض) عرض في حلقته الأخيرة نماذج نسائية وأخرى رجالية, وكل من الجنسين اقتحم - كما يظن- مهن الجنس الآخر, وتمكن من منافسته, وإبراز شيء قد يحقق له قلب الموازين.. كما يعتقد الجنس اللطيف على وجه الخصوص.‏

نساء حضرن.. عبير: صاحبة شركة مقاولات وبطلة رياضية (سورية).‏

حنان: سائقة لشاحنة نفايات (أردنية)‏

وفوزية: تعمل (معقبة) معاملات في السعودية).‏

حضر قبالتهن الراقص المصري (ميرو) الذي يمتهن الرقص الشرقي, أما مفاجأة الحلقة الأكبر بل صدمة الحلقة فكانت حضور (جيمي) اللبناني وهو ليس راقصاً وحسب, وإنما هو مقدم عروض.. نعم عروض للتعري, كما عروض النساء اللواتي نظن أن حضورهن يقتصر في عالمنا الشرقي- المنفتح مؤخراً كما هو واضح - يقتصر على ما يبث من أفلام غربية.‏

وهكذا سوف يبدأ هجوم كل من الطرفين ضد الآخر ليصل هذا الهجوم حد الاستنكار وربما فاق الأمر ذلك إلى شيء من عبارات قلة الاحترام, وهو الشيء اللافت الوحيد الذي تنجح هكذا برامج في تقديمه.. إذ لم يقدم البرنامج أي شيء للمتلقي, اكتفى بالجانب الاستعراضي بمعنى استعراض كل حالة على حده, معتمداً ما يعتبره سبقاً إعلامياً, كما يتضح للمدقق فيما وراء الصورة.‏

وكأنما تتناسى هكذا برامج أن عرضها لمثل هذه التقليعات في مجتمعاتنا, ومجرد المس بها مساً سطحياً دون المساهمة الفعالة والجادة في تصويبها, يزيد من تفاقم المشكلة, وهي هنا ظاهرة عروض التعري الذكرية, وبالتالي يصبح لها مفعول أو تأثير سلبي عكسي وكما لو أنها لا شعورياً تروج لتلك الظواهر.‏

في السنة الماضية كانت الظاهرة التقليعة (الموضة الفضائىة) هي رقص الذكر واليوم بتنا أمام ظاهرة أكثر خطورة وبشاعة تتجسد بأمثال (جيمي) ممارسي عروض التعري أولئك.‏

وليس بعيداً عن موضوع الرقص والتعري الذكوريين يقتحم ذهن المتفرج سؤال هو.. ما هدف هكذا برنامج من عرض هذه الحالات - التقليعات..‏

وهل تسعى حقيقة لتكريس حالة مساواة فعلية صحية بين الجنسين, التي لطالما عملت المرأة الشرقية جاهدة لنيلها.. ولكن كيف .. وبأي وسيلة.‏

وهل نماذج كل من (عبير- حنان- فوزية) تعتبر مثالاً ودليلاً على حصول المرأة على حقها بالمساواة مع الرجل.. أي مساواة تلك التي تطرحها هؤلاء النسوة مؤكدة أنها - كما يتضح- مساواة المظهر / الظاهر.. الشكل والقوة الجسدية الخارجية.. ليس إلا.‏

إذ لم تبد مساواتهن التي يدعون لها أعمق أو أبعد من ذلك.‏

وهو ما يستوجب طرح سؤال آخر.. هل اهتمام المرأة بأنوثتها وابتعادها عن أعمال الجهد العضلي والتشبه بالرجال يجعلها منفية خارج حق المساواة.‏

فطبقاً لما عرض من نماذج نسائية تنمسخ موضوعة المساواة بين الجنسين.. إلى مساواة قوة جسدية عضلية, إلى مساواة شكلية لا تنفذ إلى العمق والجوهر المبتغى الضائع في هكذا برامج ذات أسلوب إعلامي مبهرج يعتمد التشويق والإثارة ,أسلوب (الخبطة الصحفية) برامج ذات أبعاد تجارية ربحية, بقوالب استهلاكية.‏

إنها برامج معلبة, تذكر بالغذائيات المعلبة منتهية الصلاحية.‏

وكذلك هو تأثير تلك البرامج, ينتهي مع انتهاء فترة بثها.. إذ ليس فيها ما هو جدي حقيقي فعال التأثر والتأثير.. إلا بالنسبة لأولئك السطحيين الذين يرون فيها سوقاً ترويجية لهم ولبضاعتهم الجسدية متجاوزين الفاقع من الخطوط الحمر.. ومع هذا تبقى خطوطاً واهية..‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية