|
دمشق وتبدو الحاجة ملحة لأصحاب القرار لتوصيف الواقع الجديد لسوق العمل ومدخلاته ومخرجاته لكن دراسات وبحوثاً بهذا الشأن لم تحدث حتى الآن ونحاول هنا تسجيل بعض المؤشرات المساعدة. الأجور والسكن والمثال الابرز هو العلاقة بين الاجور والرواتب وتكاليف النقل بعدما حدثت اختلالات وتشوهات لم تصبّ في مصلحة العمل وارباب العمل, ومع هذا فإنها بقيت ضمن حدود عتبة الاستقرار باستثناء بعض المهن التي ليس لها مردود يغطي هذه الفروقات بحدها الادنى,فالعمال في القطاع الخاص وغير المنظم الذين ينتقلون مسافات طويلة يوميا بين المدن و الارياف للوصول الى العمل وجدوا انفسهم فجأة مهددين بخسارة عملهم لأن اجور النقل الجديدة تضاعفت ما بين 70-100% لتستنزف رواتبهم المحدودة اصلا وهم تلك الشريحة من العمال غير المهرة الذين يتراوح متوسط آجارهم اليومي ما بين 150-250 ليرة بينما فئة العمال المهرة » الفنيين والحرفيين « الذين يتراوح متوسط اجارهم بين 400-1000 ليرة فكان التأثر أقل. وأمام تضاعف أجور النقل بين المدن و الارياف والتي كانت ما بين 15-50 ليرة للذهاب ومثلها في الإياب الى الضعف 30-100 ليرة فإن شريحة الرواتب المتدنية وجدت نفسها امام خيارات صعبة فاما ان تتحسن دخولهم لتغطي النفقات الاضافية او ان يستأجروا مساكن قرب عملهم او ان يتركوا العمل ليبحثوا عن عمل اكثر جدوى وهذا هو الخيار الاصعب. أصحاب الورشات والاعمال الصغيرة والخدمات كالمطاعم والمقاهي والنظافة اضطروا لرفع رواتب عمالهم بنسبة 10-20% فمن كان يعمل براتب شهري 4000 ليرة اصبح يأخذ 5000 ليرة ومن كان يعمل بأجر 8000 ليرة اصبح راتبه 9000 ليرة ومع هذا اضطر الكثيرون للتخلي عن عملهم عندما تأكل أجور النقل » بنسب قد تصل الى 40%« اجورهم المتدنية..اما الخيار الآخر وهو البحث عن سكن قرب العمل لتوفير اجور النقل فهذا غير مجد لأن اجار غرفة واحدة مشتركة مع غرف اخرى في المدن لا تقل عن 1500 ليرة شهريا عدا عن المصروف للغذاء والكساء الذي تضاعف هو الآخر. البديل الأرخص المثال الآخر هو مسألة البدائل للنقل وقد تكون المسألة محلولة داخل المدن من خلال اعادة دور الدولة في تفعيل شركات النقل الداخلي عير الباصات الصينية الجديدة وغيرها , لكن ا لمسألة تبدو شائكة ومعقدة للنقل بين المدن والمحافظا ت . واللافت هنا هو عدم الانتباه لتفعيل النقل بالسكك الحديدية رغم مؤشرات النجاح الجزئي التي لاحظناها مؤخرا في محطة القدم بدمشق حيث تضاعف متوسط عدد ركاب القطارات الذين ينطلقون من مدينة دمشق من نحو 750 راكبا يوميا الى 1300 راكب. فالخطوط الحديدية السورية لم ترفع اسعار تذاكرها رغم ان قطاراتها تعمل على الديزل ولديها انطلاقا من دمشق ثلاثة خطوط داخلية الى كل من طرطوس واللاذقية من جهة وحمص وحماة وحلب من جهة ثانية وحمص وحماة والقامشلي كخط ثالث اضافة لرحلة اسبوعية الى ايران عبر حلب ميدان اكبس تركيا. وحسب المسؤولين في محطة القدم فإن عدد الرحلات الحالية سبع رحلات يومية اضافة لرحلة دولية اسبوعيا, وهذا لا يشجع على استخدام القطار كوسيلة نقل يومية فعالة في ظل التنافس مع باصات البولمانات الحديثة لأن الاوقات بين الرحلات متباعدة جدا وعدد القطارات قليل ومواعيده ثابتة ولا تناسب اوقاته اغلب المسافرين اليوميين . ومع هذا كله تبدو اليوم الفرصة مناسبة لمضاعفة عدد رحلات القطار لمرتين او ثلاث مرات خصوصا بعد ان ادخلت مؤسسة الخطوط الحديدية السورية قطارات حديثة هي الترين سيت الكورية واسعار تذاكرها مشجعة للغاية ولديها رحلات سريعة وضمن اجواء جميلة وسفر آمن بعيدا عن شبح حوادث السير المؤلمة في الطرقات العامة.. واعتقد انه من المفيد ان تلتفت الحكومة اكثر لموضوع النقل وعلاقته بالطاقة والتنمية والاقتصاد الوطني والبيئة من جهة وتحسين للحياة المعيشية للناس من جهة ثانية والذين باتوا يعدون للمئة قبل ان يسجلوا ابناءهم وبناتهم في المعاهد والجامعات لأن عبء آجار النقل سيقضي على الآمال المتبقية لديهم بعد ان ا ضيف الى عبء الغلاء المحلي والعالمي.. |
|