|
شؤون سياسية وسورية الآن بمواقفها وأدائها في الميدان أو في اتجاهات العمل البنائي في المجتمع والاقتصاد والسياسة تحولت إلى مدرسة كبرى يتابعها العالم ويدرسها بعناية ويستخلص من معركتها المصيرية دروساً لا حدود لها ويغترف من معالمها في الأداء أفكاراً وعوامل صارت هي المثل الأعلى التي تدل على مقدرة الشعوب المستضعفة والمحاصرة على الصمود بذاتها واختراق كل أطواق الحصار والعقوبات والمواقف الخبيثة التي تؤديها باستمرار قوى الشر في هذا العالم ممثلة بالغرب الامبريالي والصهيونية العالمية والأنظمة الرجعية العربية وفي هذا المد الإرهابي بأدواته وانحرافاته الأخلاقية وممارساته التي تحولت الآن إلى خطر يتهدد حرية العالم وأحرار العالم، وبصورة مكثفة ومتبلورة نستطيع أن نستخلص عناوين ثلاثة من البيئة النضالية لسورية ومن مدرسة الأداء السوري الراهن. ١- إن العنوان الأهم والأبرز هو شمولية الأداء النضالي بما يعني الرد المنطقي والفعال على شمولية العدوان القائم بأهدافه وأدواته وهذه حالة عضوية وحياتية تخرج عن كونها مجرد استجابات لتحديات قتالية أو فكرية أو بنائية، إن التدقيق في مسارات الصراع في اللحظة الراهنة بالوقائع والمآلات والشواهد الحية يعطينا هذا المدى في أن نثق بأن التكوين السوري الوطني الراهن هو موحد إلى حدود العضوية تتكامل أنساقه في الميدان العسكري ولابد أن يسري هذا التكامل بذات المعدلات في اتجاهات المسؤولية الشعبية والاجتماعية ولابد أن ينعكس ذلك بنسب أعلى وأعمق في مفاهيم المسؤولية وقواعد بناء الدولة والمواصفات الكبرى لمن يدير هذه المسؤولية في المواقع كلها، أعني في الدولة الرسمية وفي القيادات وفي الأحزاب بوجودها ودورها والشروط اللازمة لمن يقودها في اللحظة المحتدمة الراهنة بوعي وثبات ومقدرة على مواكبة المعركة وتقديم كل المقومات اللازمة لتلبية حاجات الصراع ، إن الأداء في الميادين العسكرية السورية الراهنة صار هو القاعدة وهو المعيار الذي لن ينكره أحد وهذا الأداء القتالي تميز بالتفوق والشهادة. ٢- إن الوطن السوري يكتشف ذاته من حيث مكونات هذه الذات وخط سيرها عبر كل المراحل التاريخية وبصورة عامة فإن الخلاصات الكبرى كما نعيشها الآن وكما يعرفها القاصي والداني عنا تتبلور في أن سورية بتكوينها التاريخي والقيمي تنطلق من عناوين ثلاثة هي أنها لا تنهزم ولم تنهزم في أي مقطع تاريخي سابق فالمواجهة والنصر في ركابها بدون تردد أو توصيف ظاهري إن النصر وسورية متلازمان كل منهما يجد ذاته في الآخر فلا يغادر النصر سورية ولا تنتعش سورية بدونه النصر المشروع هذا هو العنوان الأول، أما الثاني فهو أن الوطن السوري في بنائه التاريخي والسياسي والاجتماعي لا يخضع لعوامل الحصار والتجويع، والمثل الراهن هو في أفق السماء كالشمس وقد سعت قوى العدوان لتدمير مصادر الإنتاج ونسف مقومات الدولة اقتصادياً وقطع الطرق ونشر ثقافة الإرهاب والموت وترافق ذلك مع حصار استعماري رجعي من الخارج ،إنه المشهد الذي لم يسبق أن تعرضت له أمة من خارجها ومن داخلها ومع ذلك فإن المجتمع السوري يعرف طريقه بكبرياء وسمو وخطوات إعجازية نحو لقمة العيش بما يتوازى مع إنجازه العسكري في اعتناق المواجهة النوعية والشهادة التي صارت على مساحة الوطن وحق لنا الآن أن نقول إن سورية هي وطن الشهداء وهي احتلت الموقع الأول في التاريخ والعالم من خلال تيار الشهداء وكيفية استشهادهم والدروس الخيالية التي يقدمها المجتمع السوري عبر الشهداء وأهاليهم ومواقف أبناء الوطن من الشهادة والشهداء ،أردت أن استخرج من عمق الصراع المستوى العضوي في نسق البناء الشامل وفي الوعي الضروري الآن للمسؤولية وللمواقع القيادية على وجه التحديد فلا يعقل أن تصل سورية إلى حد الأسطورة والعبقرية في الميدان القتالي وتنتج أشرف ظاهرة عرفتها البشرية وقدستها السماء من خلال الشهادة والشهداء، أما العنوان الثالث في هذه الفقرة فهو متمثل في القيم الكبرى للوطن وفي الطاقات المتجددة لهذا الوطن والمسؤولية تقع في هذا المدى الذي يقوم على الايمان بفكرة التجدد وبما يعني مساحة الاستثمار لهذه الطاقة بشروط أخلاقية وبما يعادل الشهادة والشهداء. ٣- أما العنوان الثالث لمسيرة هذا الوطن في عمق النار والتدمير فهو المتمثل بمواصفات وشروط المسؤولية في كل مستوى ومدى، في بلادنا إننا نعيش حالة تاريخية متفردة واستثنائية وليس من الطبيعي ولا المنطقي ولا الضروري أن تبقى ثقافة الايقاع النمطي والرؤية الذاتية متحكمة في أصول البناء السياسي والاقتصادي والاجتماعي إن الشروط التي تفرض نفسها الآن ليست غامضة إنها مستمدة من مستوى الموقف الراسخ لسورية سياسياً ومصيرياً ومن قدسية الشهادة والشهداء وهذا يتطلب بالضرورة نماذج تستوعب معنى المصير والشهداء وتنجز في نسق القيادات والمسؤولية هذا الشرط الضروري إن الشهادة ليست حوادث عسكرية وليست موتاً إنها قصة وطن يبني كل معالمه ومساراته في الشهادة والشهداء. |
|