تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


نساء اليوم.. هروب تكنولوجي من المسؤولية

مرايا اجتماعية
الخميس 13-10-2011
رولا فهيم عيسى

تختلف طبيعة الحياة والنظرة إلى المستقبل بين جيل وآخر وما وصلنا اليه اليوم من تطور حول إيقاع حياتنا اليومية إلى مجرد آلة يسيرها ما يستجد من موضة تغير عاداتنا الاجتماعية تحت اسم أساليب التربية الحديثة واستخدام التقنيات الجديدة.

ومن دون أن نعلم ولاسيما نحن النساء بمدى نجاعة هذه الأساليب بالنسبة لنا في تربية أبنائنا فإننا نتبعها ونقتبسها من هنا وهناك ومن ثم نحولها لحجة تساعدنا على الهروب من مهامنا ومسؤولياتنا اليومية وعند الوقوع في المحظور نحتكم إلى الجدة آخر ما تبقى من عالم البساطة.‏

ريما ربة منزل لست موظفة لكني استعنت بالروضة منذ كان ابني عمره ثلاث سنوات بغرض تعليمه وجعله يرى الأطفال من عمره كما أن ذلك يعطيني فراغا في المنزل لأقوم بأعمالي المنزلية وأزور أصدقائي ولم اكتف بذلك فقد وضعته في دورة صيفية لتعلم السباحة وأخرى لتعلم الموسيقا والرسم وكل ذلك لأملأ وقته ولايشعر بالفراغ ويتعلم أشياء مفيدة لست قادرة أنا على تعليمه إياها وهذا ما تتطلبه وسائل التعليم الحديثة إضافة إلى أن وجوده في أماكن التدريب يعطيني فسحة من الراحة والتسوق والاهتمام بنفسي لكني أعترف أن هذا الأمر أبعدني عن ابني ومعرفة شخصيته وما تأثير ما يقوم به من نشاطات على شخصيته في المستقبل.‏

أما صفا سيدة ميسورة الحال فهي لاترى أبناءها سوى عند تناول وجبات الطعام وبقية الوقت يقضونه مع المربية وفي النوادي ودورات التعليم والترفيه وأمام شاشة الكمبيوتر باستثناء أيام امتحانهم فهي تستيقظ معهم باكرا أثناء ذهابهم للامتحان بغرض تشجيعهم.‏

الجدة نديمة تبلغ من العمر سبعين عاما تقول ما توافر لنساء اليوم كان حلماً بالنسبة لنا في أيامنا لم تكن تتوافر الغسالة حتى العادية منها ومن تمتلكها تعتبر مدللة عند زوجها ولم توجد كل تلك الوسائل الترفيهية الموجودة اليوم وكنا ننجب ونربي على الأقل خمسة أولاد ومع ذلك نعلمهم ونربيهم وهم يتمتعون بقدر كبير من الأخلاق، أما ما اجده من نساء اليوم أولاهم بناتي فهن يحتجن لمساعدة رياض الأطفال سواء كن موظفات أم غير موظفات ما إن يصبح عمر الولد ثلاث سنوات حتى تبدأ الأم بالبحث عن روضة أطفال لابنها ولاتدري الأم من كثرة وجود الألعاب البلاستيكية في المنزل أين تضعها بينما كنا نكتفي بلعبة خشبية يقضي الطفل عاماً كاملاً وهو يلعب بها.‏

وتتابع الجدة بالنسبة لي لوكانت تلك الأشياء بمتناولي ومن تجربتي في تربية الأطفال لما اقتنيت منها إلا الشيء القليل ولكن لكل جيل أدواته وما أراه اليوم أن أبنائي مازالوا يعودون الى حين الوقوع في مأزق مع أبنائهم ويكون لي التأثير الأكبر والأقوى في حل المشكلة ما يعني وجود الخلل في التربية.‏

وكما يقول المثل: (الزائد اخو الناقص) لابأس من الاستفادة مما لدينا من تقنيات ووسائل حديثة وتعليمها لأبنائنا والجمع بينها وبين ما استفادت منه أمهاتنا من جداتنا فمخاطبة الآخر توجب علينا تعلم لغته لكن علينا ألا ننسى محاسن تربيتنا الشرقية التي يحسدنا عليها القاصي والداني والتي طالما أوجدت رجالا تمتعوا بقدر عال من العلم مع قدر أكبر من الأخلاق ميزتهم عن غيرهم كذلك ميزت أمهاتهم عن غيرهن وهذا يحصل من خلال متابعتنا لأبنائنا وإشرافنا عليهم في كل خطوة يقومون بها ومدى فائدتها لهم ولمجتمعهم فنحن كلنا أفراد من مجتمع نعمل على بنائه وصلاحه بعلمنا وأخلاقنا العالية لا باقتباسنا عادات وسلوكيات غريبة عنا تأخذنا للمجهول.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية