تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الخـــــبز والملــــــح

مرايا اجتماعية
الخميس 13-10-2011
ميسون نيال

من الحجر البازلتي الأسود الناعم تصنع قاعدة الفرن أما تحتها فيوجد مستودع هائل من الملح يوضع أثناء بناء هيكل الفرن ثم يسد بالبناء وميزة الملح أنه يحفظ الحرارة لمدة ثلاثة أيام بعد إطفاء الفرن.

هذه قصة الخبز والملح المادية أما القصة المعنوية والتي نتناولها كثيراً في أحاديثنا العادية فتعني المزيد من التقارب الإنساني والوجداني.‏

قديماً كان في المنازل لابد من وجود التنور أما الآن فأصبح الفرن في السوق بديلاً عنه والآن مكان الفرن يدلنا عليه حيث نجد وهجاً عميقاً أحمر يتبدى من أعماق المكان أما جوانب الفرن فهو من الآجر المشوي وهو يساعد على حفظ الحرارة وكان الناس قديماً يساعدون في إشعال الفرن بالقنب وتوضع الأرغفة بعد رقها على لسان خشبي يدعى / المحراك/ يدخله الفران داخل الفرن ثم يسحب المحراك بسرعة بعد أن يكون محملاً بالأرغفة التي تترك داخل الفرن لتنضج فوق حجر الصوان ومتى انتفخت سارع الفران إلى التقاطها باللسان الخشبي الرقيق.‏

أما التنور فغالباً ما تصنعه النساء وهو يتألف من التبن ومن الطين المجبولين بالماء حيث تترك هذه الجبلة لمدة يومين ويتألف الطين من ترابة حمراء تضعها المرأة كل يوم تنتظرها حتى تجف لتبدأ بالثانية وكل يوم تصنع ما يدعى بالدور الذي يعلو خمسة عشر سنتيمتراً وبعد نهاية التطيين للتنور كان يؤتى بمادة تدعى النحت وهو نوع من الحجر يشبه الإسمنت.‏

ثم يجبل مع شعر الماعز على الأغلب ويفرك جيداً ثم يطين به التنور من الداخل، وبعد التطيين يفرك وينعم بملعقة ثم يترك ليجف ويمكن أن ينعم بحجر يدعى حجر التنعيم ثم توقد المرأة ناراً تستعمل فيها ما تبقى من درس القمح ليتماسك التنور تماماً وينعم من داخله بعد ذلك تبدأ عملية العجن والرق والتلويح ليوضع الرغيف فوق الملزمة وهي مخدة ثخينة يمد الرغيف ويشد عليها بحسب قطرها.‏

وتكون حشوة الملزمة من القنب أو القطن ثم تبطن بالقماش مرة ثانية وتقوم المرأة بلصق الرغيف بخصر التنور الموقد بالحطب الذي أصبح جمراً وهي طبعاً تعرف مستوى الحرارة اللازمة.‏

حتى ينضج الرغيف.. ويتسع التنور لثلاثة أرغفة إلى أربعة فتنتزع وتنشر ثم تطبق فوق بعضها في المعجن الخاص بالقماش النظيف وبغطاء محكم وكذلك فإن الفطائر كانت تصنع في التنور منذ مئات السنين.‏

ويمكن استخدام الرماد المتبقي لجلي الأواني النحاسية ولغسل الثياب بعد غليها وترقيدها..‏

أخيراً نقول: لطالما انتشرت عبارة الخبز والملح في مجتمعنا السوري بل وفي حياتنا اليومية وكانت حقاً معبرة عن الوضع الاجتماعي القائم على المحبة والألفة والتآخي والترابط والذي نحن واثقون أننا سوف نبقى متمسكين به وبجملة الخبز والملح قولاً وفعلاً مهما حاول الأغراب والمخربون.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية