تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


عين المجتمع.. ابـــــن البــــلد

مجتمع
الخميس 13-10-2011
ملك خدام

بينما كان البعض على محدوديته - في بداية الأزمة- يسحب أرصدته ويحزم حقائب السفر، كان يعمل عفوياً على توطين كامل أرصدته في الداخل،

ويتمسك بثبات بأهداب الوطن الذي تغرب عنه فترة وهو يدرس ويعمل كمهندس مدني في الخارج، وعاد إليه منذ سنوات مستثمراً بالفكر قبل المال، وهو المؤمن بأن نجاح أي مشروع استثماري يرتكز على ثلاثة: الفكر أولاً ، والمكان ثانياً، والمال أخيراً ذلك المال الذي لابد أن ينبع ويصب أولاً وأخيراً في نهر هذا الوطن المعطاء كي تبقى شامنا- شامة الدنيا- وسورية - زينة الحضارات.‏

هذا الرجل الاستثنائي الذي التقيت به محض صدفة، وربّ صدفة خير من ميعاد ،أدهشني بما يمور داخله من لواقح الأفكار لانعاش البلاد والعباد...‏

ولأني أعلم أن التواضع منه، يمنعني من الإشارة إليه بالاسم، فسأقتصر على مااستشفيته منه ( بالفعل) الذي لمّ (إلى جانب - مفاعيل - آخرين كنت ألتقي بهم خلال الأزمة) لم شمل شام الألفة، وجعلها عصية كماكانت منذ فجر التاريخ، على كل من يتأبط لها شراً .‏

قال لي: في غربتي سألني أستاذي الجامعي وهو يمتحنني في مادة اخترت دراستها طواعية عن «علم طبائع البشر» إذ قدمت له كطالب سوري حينئذ - مادة توصيفية توثيقية عن دمشق بالشجر والحجر والبشر ، حيث ذكرت في حلقة بحثي حاراتها الشعبية وأسواقها وأبوابها وقلعتها، وآثارها وعاداتها وتقاليدها، سألني أستاذي حينئذ ربما عن سعة اطلاع أعلم كذلك أن لديكم بين حاراتكم الشعبية التي ذكرتها في بحثك حارة لم تذكرها يقطنها اليهود فماوضعهم في حرب تشرين؟... فلم أرتبك لهذا السؤال أبداً وأجبته بلا تلعثم إن حرب تشرين لم تكن حرباً بين العقائد وإنما هي حرب تحرير لأراضي اغتصبت من قبل أعدائنا الصهاينة وأعيدت بعد الحرب لأصحابها الحقيقيين في القنيطرة ومن بعدها سنعمل على تحرير فلسطين، مؤكداً له - حينئذ بأن سورية ستبقى عبر التاريخ المهد الأول للحضارات وملتقى جميع الأديان حيث نزلت بأرض الشام كل الرسالات السماوية ..‏

فهز برأسه مكبراً وانصرف عني إلى طالب آخر ... هذا هو باختصار ابن البلد حين يتجلى خارجاً وداخلاً بالفكر والممارسة في مجالس العقلاء .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية