تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


القديـــم نديــــم

رؤية
الخميس 13-10-2011
وفاء صبيح

كلما تقدم المرء بالسن، تجف منابع حاضره، فلا يجد أمامه بُدا من الرجوع الى الماضي, ففي افيائه يستعيد أياماً كانت أناه «كاملة الأوصاف»

وممتلئة ثقة وعملاً وتحققا. وهذا الوصف أكثر ما يصح على المعمّرين العرب، حيث ينظراليهم في مجتمعاتنا على أنهم عبئ إضافي، وحمولة زائدة، وأمام هذه النظرة لايجد المعمر إلا ماضيه واحة يستجم فيها من قيظ مجتمعه.‏

ولان الدول, عند علم اجتماع ابن خلدون، تشبه الإنسان بمعنى من المعاني نحيل بعضنا الى واقعنا الثقافي الراهن، الذي يشبه عطالة المعمر العربي، الفائض عن الحاجة. أتلفت حولي بحثا عن ربيع ثقافي معرفي عربي, يخرج الزير الذي أضعناها منذ أكثر من قرن، في غياهب البئر. ويخطر ببالي في أحيان كثيرة إننا نريد بقاء الزير بعيدا عن مضاربنا عن سابق إصرار وتصميم.‏

النكوص, كآلية دفاعية للمقاومة والاستمرار, هومرضنا الحالي, فأمام عدم قدرتنا على الانخراط في الإنتاج الثقافي والمعرفي بصبغته الدولية الراهنة, لانجد مفراً من الهروب الى الوراء لنسرق شيئا من شعلة اوقدناها يوما بأيدينا، او نقتبس ممن استملح شرقنا يوما, من المستشرقين, فمدحه واثملنا.‏

نستعيد ماقاله المستشرق البريطاني ستانلي لين بول عن دولة العرب في قرطبة التي كانت «أعجوبة العصور الوسطى» بينما كانت أوروبا تتخبط في ظلمات الجهل. فلم يكن سوى المسلمين من أقام بها منابر العلم والمدنية» ونتذكر «شمس العرب» نقرا أو نسمع فنطرب ونستكين ونتمدد على «ماض تليد» وثير دون وخز من ضمير, في ان للحاضر استحقاقات يستوجب الإيفاء بها حتى لا نبقى «حمل زائد».‏

نحن امة تتمثل الكثير من أمثالها حتى وان كانت ظالمة: قديمك نديمك مهما الجديد أغناك.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية