تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


كل خميس.. ما قـــــلّ و.. (دلّ)

ثقافة
الخميس 13-10-2011
حكيم مرزوقي

 نحن معشر- الكائنات الناطقة - شغوفون بالاختصار رغم ولعنا بالكلام إلى حدّ الوله...ربّما لتوفير الوقت الكافي للحديث عن الإيجاز والاختصار.

دعوني آخذ نفسا وأحدّثكم عن بعض التسميات المختصرة والتي غالبا ما تستدعي التوقّف عندها لأنها لو نطقت كاملة لأثارت أكثر من سؤال:‏

(S.D.f): مصطلح تختصره ثلاثة أحرف ويقصد به الفرنسيون الجملة التالية: (دون مقرّ ثابت للإقامة).‏

قد تبدو التسمية رشيقة،سهلة الحفظ، عذبة السماع وتكتب بسلاسة على ظهور الملفّات في دوائر الدولة، لكنّها تضع في سلّتها الصغيرة مئات الآلاف من المهاجرين والمغتربين والمشرّدين والمتسكّعين والمتسلّلين  والجوّالين والفناّنين.‏

(C.I.A): يعرفها القاصي قبل الداني وتعني وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، رمزها طير بعين ثاقبة, لعلّه صقر أو هدهد،‏

جنّدت في خدمتها أحلك الأسماء وألمعها، آلمت شعوبا كثيرة وأحبطت ثورات كثيرة باسم المصلحة العليا التي تطبخ في الأقبية والدهاليز والغرف المظلمة... لاحظوا تهجية حروفها... أليست حروف ندبة ووجع.‏

(V.I.P): وتعني من الانكليزيّة إلى العربيّة: شخصيّة مهمّة جدّا.‏

كانت بالأصل (شيفرة) أو علامة  يخطّها  أعوان في نفس المؤسّسة على ظهر معاملة للتعريف بزبون أو شخصية من الوزن الثقيل بغية أخذ العلم ثمّ انحدرت إلى الأسواق والبولمانات وعمّال المطاعم والملاهي و أماكن أخرى لن نستحي من ذكرها.‏

(F.C.R): تكتب على لوحات السيارات القادمة من الضفّة الأخرى في بلاد المغرب العربي، سيارات يقودها مهاجرون قرّروا العودة النهائيّة إلى بلادهم  مقابل إعفائهم من الضرائب الجمركيّة  بعد أن طفح الكيل وأدرك صاحب كل مركبة  أنه كان حجراً (يفجّ) في بلاد المهجر وعاد ليصبح  بوزن قنطار من الألم في مسقط القلب والرأس الذي  قد يجور عليه.‏

الأحرف العربية التي تجاور هذا الاختصار هي (أ.ت..أ) أي: انتهاء تأشيرة أجنبيّة، أمّا بعض الساخرين والشامتين من أبناء البلد  فيترجمون الأحرف الأجنبيّة إلى المعنى التالي: (فلّس, كرّز, روّح), أي أفلس فانزعج فعاد.‏

(T.V.A): ضريبة القيمة المضافة, يجبر  المواطن الفقير على دفعها  في بلادنا العربيّة مساواة مع الأغنياء ومجاراة للأنظمة الضريبيّة في بلاد الغرب، لو تمعّن فيها كاملة دون اختصار لتساءل وسأل نفسه:كيف أشتري طعاما ثمّ أدفع ثمن ارتكابي لفعل الشراء!؟.‏

(S.O.S): نداء الاستغاثة في لغة الأساطيل البحريّة والجويّة....لأنّ الغريق لايفكّر وقتها  في النحو وتكوين جملة فعليّة  سليمة من فعل وفاعل ومفعول أو اسميّة من   مبتدأ وخبر.‏

تطوّرت وتشعّبت لغة الاستغاثة بتفاقم الأخطار فأصبح للعالم تصنيفات وأرقام مجّانيّة خضراء... طبعا مجّانيّة لأنّ النقود تكون قد ابتلّت أو  أحرقت أو سرقت.. هذا إذا وجدت هاتفا للإتّصال.‏

(S.M.S): وتعني خدمة الرسائل القصيرة عبر الموبايل, صدق من قال: حدّث ولا حرج.‏

تكتبها بالإبهام في مساحة (أضيق من خلقك) وتصل المرسل إليه غصبا عنه, هذا هو زمن الاختصار: الرصاصة أسرع من السهم والمقصلة أرحم من الحبل... لكنّ الشفاه أقرب إلى القلب أيضا.. والدموع تسقط إلى الأعلى أحيانا.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية