تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الرسام الشعبي ناجي العبيد: أنا أغنى فنان في العالم العربي.. وأنجزت 535 لوحة

ثقافة
الخميس 13-10-2011
حوار: عمار النعمة

يُعرف أن الرسم الشعبي فن فطري فيه تقاليد متوارثة عبر الأجيال، وهو عبارة عن مجموعة من الخطوط و الألوان، أي الرسم بالخط و اللون، ومواده مواد بيئية رخيصة الثمن وهو غني بالرموز والدلالات،

يعبر عن روح الجماعة و فكرها وعاداتها و تقاليدهاغايته جمالية أو علاجية لتجنب الإصابة بالعين و إظهار البطولة الخارقة.‏‏

الرسام الشعبي نابع من عامة الشعب، لم يتعلم فن الرسم في أي معهد أو مدرسة ولكن هناك البعض من أراد أن يدرس هذا الفن، وبالتالي عندما نأتي على ذكر الرسم الشعبي فعلينا أن نتذكر أن ثمة من خاض ورسم لسنوات طوال هذا الفن الرائع، ومنهم الفنان ناجي العبيد الذي يجلس في محل بسيط (التكية السليمانية) جدرانه متصدعة تتغلغل فيها رائحة الرطوبة, ومايُزين تلك الجدران وجود لوحات جميلة تسحر العيون برؤيتها، قام برسمها هذا الرجل التسعيني، دخلنا إليه وبدأ الحوار:‏‏

- هل تعرفنا بنفسك وماذا عن البدايات ؟‏‏

-- أنا من مواليد دمشق 1918، أثناء دراستي الابتدائية أي عندما كنت في العاشرة من عمري كان لدينا أستاذ يعلمنا اللغة الفرنسية ويعلمنا الرسم، آنذاك اكتشف أن لدي ميلاً نحو الرسم، وفي الدراسة الابتدائية والإعدادية كانت مادة الرسم تدخل بشكل بسيط وسريع، ومع ذلك كنت أعتبر نفسي رساماً منذ كنت في العاشرة من العمر أي قبل 83 عاماً، عندما أصبحت في العشرين من العمر كنت في دمشق رساماً في نظر الآخرين، لكن التقييم في ذاك الزمان لايتناسب مع التقييم الفني الآن، لأن التقييم الفني الآن علمي، وعندما توصلت إلى أن أدرس الرسم دراسة علمية وجدت أن الرسم الذي تعلمته والمعلومات التي اختزنتها كانت بسيطة وسريعة، فبدأت معرفتي بالأشياء تزداد مع الزمن إما بالمطالعة لأعمال غيري وإما بالدراسة، ووجدت أن الرسم هو طريق المستقبل بالنسبة لي.‏‏

-ماذا كنت ترسم في البداية ؟‏‏

-- الرسم الواقعي والانطباعي... وفي عام 1963 بدأت بالرسم الشعبي وذلك للسبب التالي: قلت لنفسي إذا رسمت حتى كرسامين عصر النهضة في أوروبا، فبهذا لا أكون قد فعلت شيئاً لذلك فكرت بأنه قد قامت حضارة محلية في بلدنا، وأنه لا يمكن أن يصل الإنسان إلى العالمية إلا عن طريق المحلية سواء في الموسيقا أم الأدب أم الرسم... ولذلك اطلعت على العديد من الكتب والفنون الشعبية التي كانت منذ زمن العثمانيين وما قبل ذلك، حيث كانت القصص المهمة والمشهورة هي قصة عنترة وأبو زيد الهلالي، فبدأت بداية بأعمال لأبطال عرب مثل خالد بن الوليد والشخصيات العصرية مثل إبراهيم هنانو ويوسف العظمة، ولكن للأسف هذه الأعمال لم تبع لأن السائح الأجنبي يريد أن يقتني من أساطيرنا، ووجدت أنه لايوجد اهتمام بهذه الشخصيات، ولذلك انتقلت بعد ذلك إلى رسم عنترة بالذات.. لأن عنترة يحمل مضامين كثيرة، فهو شاعر غير كل الشعراء، لديه ومضات لم توجد عند غيره، قصة حياته فيها الكثير من الدراما، وهو رجل سابق لغيره بالرجولة والغزل الراقي، السائحون يهتمون بهذا الجانب.‏‏

-كيف تقرأ الرسم الشعبي برأيك ؟‏‏

--هو فن مبسط ليس له صلة بالفن الغربي، فالفن الغربي له طول وعرض وعمق (أي منظور) في حين أن الفن الشعبي يحدد بالأسود ويتطرق دائماً للأساطير الشعبية، كما أن الفن الشعبي لايناقش في قواعد وليس له قواعد.‏‏

- ما علاقتك بالألوان وما الألوان الأقرب إلى قلبك ؟‏‏

-- هناك فنانون ملونون من الطراز الأول، وهؤلاء فنانون مشهورون أكثر من غيرهم حتى ولو كان رسمهم أضعف من غيرهم، فاللوحة الملونة بشكل واع (إدراك) يكون فنانها متميزاً, وللتأكيد على ذلك لو نظرنا إلى الفنانين المسجلين في نقابة الفنانين مثلاً، فسنرى أنه لايوجد منهم أكثر من عشرة ملونين.‏‏

أما الألوان التي استخدمها بنسبة كبيرة فهي الألوان الترابية، فاللوحة التي أرسمها لاتتغير، أجلب الألوان من البساتين وأطحنها وأستعملها مع الإشارة أن هناك ألواناً تأتينا من أوروبا جاهزة، ولكنني أشعر بأن الألوان الترابية شيء من ذاتي، أيضاً أود أن أشير بأن خلط الألوان الترابية مع الألوان الرصاصية خطأ، لأن الرصاصية زاهية وأجمل من الترابية وبالتالي لا يجوز خلطها.‏‏

- ما الأدوات التي تستعملها في الرسم؟‏‏

-- الرسم بشكل عام كله بالفرشاة، لكن وُجدت تقنيات في أوروبا مثل (المسطرين) واستخدمها الكثيرون، وهناك من يستعمل نوعاً من المعاجين يدخلوها على اللوحات، ولكن أنا شخصياً استخدمت الفرشاة فقط مع تقنيات التأسيس، بمعنى القماش نؤسسه بمادة، وهذه المادة تصبح معزولة عن القماش، وبنفس الوقت إذا كان التأسيس جيداً تعيش اللوحة أكثر.‏‏

- ما المدارس التي تأثرت فيها ؟‏‏

-- تأثرت بالانطباعية الفرنسة، مثل مونييه وغيره.‏‏

- ومن الفنان الذي يعجبك؟‏‏

-- كل من يرسم هو فنان, ومنذ عصر النهضة وجد في العالم ككل قرابة عشرة ملايين شخص يرسمون ولكن الرسامين المشهورين لا يتجاوزون 100 رسام.‏‏

ولذلك قررت منذ اللحظة الأولى أن أرسم لوحات لاتشبه أعمال غيري.‏‏

- ما الذي ترسمه حتى الآن ؟‏‏

-- مازلت أرسم عنترة على الزجاج فهو مطلوب عالمياً أكثر من القماش، ومن وراء رسمي لعنترة أنا أغنى فنان في العالم العربي حتى اليوم، لأنني أملك 535 لوحة، ولا يوجد أحد في العالم العربي يملك هذا الرقم من اللوحات.‏‏

- لمن ترسم ؟‏‏

-- أرسم إلى وطني، وعندما تريد الجهات المعنية أن تقوم بمعرض متجول في العالم تنتقي أعمالاً لبعض الفنانين وترسلها.‏‏

- كيف تقيم الحركة الفنية؟‏‏

-- اليوم نشاهد أعمالاً لفنانين كبار في سورية والعالم العربي، ولكن هذه الأعمال ما هي إلا اجترار من المدارس الغربية، فمثلاًً الذي يرسم التكعيبية والتعبيرية.. هذا يعني نقل لتلك المدارس وصنعها في لوحات محلية !! وما أود الإشارة له أن التصنيع المحلي فيه عوامل عدة، بمعنى إذا كان لدي علاقات جيدة وهذه العلاقات تقدم لي جمهوراً فبذلك أصبح بعد فترة فناناً مشهوراً وجميع الناس ستقتني لوحاتي، وعلى العكس أيضاً هناك أشخاص لديهم إمكانيات جيدة ولوحات جميلة لكن يجلسون في محل يشبه محلي هذا.‏‏

- ما هو اتجاه الرسم في سورية ؟‏‏

لايوجد اتجاه معين في الرسم، فحسب الظرف الذي نحن فيه نرسم، وهنا أضمن بيع اللوحات, ففي الاتحاد السوفييتي أثناء فترة حركة الثورة البلشفية في روسيا هناك فنانون توجهوا بأعمالهم بشكل طبيعي إلى ما يخص الحدث.‏‏

- وهل شاركت في معارض محلية وخارجية ؟‏‏

-- نعم شاركت في 212 معرضاً دولياً ومحلياً مشتركاً, وأجريت في مدينة دمشق 35 معرضاً خاصاً.‏‏

- ما اللوحة المميزة بالنسبة لك ؟‏‏

-- لدي لوحة مهمة أقول من خلالها (أبلغ الشعر أكذبه) وهناك مجموعة أعمال اقتنتها الجهات الحكومية مثل (وزارة الثقافة – التربية – الدفاع) أيضاً اللوحة التي أجد بها الأسس التي أضعها فيها، حيث إنني أرسم بتفكير وثقافة مركزة أوجدتها حسب اجتهادي، فأنا أول من أدخل الحرف العربي في اللوحة، وأول من اشتغل التجريب العربي في سورية والعالم العربي فلدي مزاولة في الرسم ما يقارب 78 سنة، كنت في كل يوم من تلك السنوات استفيد وأطّلع وأحاول دائماً أن أنتقد الأعمال التي رسمتها وأجلبها وأنقحها من جديد.‏‏

بطاقة‏

- عضو مؤسس في نقابة الفنون بهوية رقم 4.‏

- عضو اتحاد الصحفيين العرب من الجامعة العربية.‏

- عضو جمعية أصدقاء الفن بدمشق.‏

- حائز على الميدالية الذهبية مع شهادة تقدير للرئيس حافظ الأسد ونقابة الفنون.‏

- الميدالية الفضية من بنك الرافدين بالبينالي العربي الأول في بغداد 1974.‏

- الميدالية الفضية مع شهادة تقدير من مديرية معرض دمشق الدولي بدمشق، الفنان الوحيد من سورية من له لوحة مقتناة في المكتبة الوطنية في باريس، الوحيد في العالم العربي من قدمت عن أعماله أربع طروحات لنيل شهادة الدكتوراه في كل من جامعة (لينيغراد – بوزار – القاهرة – تونس).‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية