تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


عودة بوتين ..تربك الغرب!!

لوموند
شؤون سياسية
الخميس 13-10-2011
ترجمة : مها محفوض محمد

تثير العودة المرتقبة للرئيس فلاديمير بوتين في العام 2012 إلى الكرملين سخطاً في الأوساط السياسية الغربية، وقد أدخل إعلان الرئيس ميدفيدف هذا الأمر نهاية الشهر الماضي المستشاريات الغربية في ارتباك واضح.

بوتين الذي شغل منصب رئيس روسيا سابقاً سيعود بزخم أكبر وقوة غير متوقعة قد تستمر ولايتين ممايعزز موقف روسيا وسياستها على الساحة الدولية كذلك كان الأمر بالنسبة لـ ميدفيدف الذي وقع منذ أيام قليلة على ميزانية تحديث الترسانة العسكرية حتى العام 2020 بالاتفاق مع بوتين.‏

وفي وقت يقوم فيه ساركوزي بجولة في بلاد القوقاز فإن لعبة الكراسي المعلنة في موسكو ستقود إلى إعادة كتابة التاريخ الحديث، ويتساءل ساركوزي عن التمظهر السياسي الذي يرتسم في موسكو بعد أن عقد آمالاً من خلال علاقته الشخصية مع الرئيس ميدفيدف.‏

يقول أحد مستشاري الاليزيه: لم يكن هناك رهان على ميدفيدف ومن الخطأ التفكير أن هناك تباعداً بين الرئيس بوتين وميدفيدف خاصة حين يتعلق الأمر بإدارة الصراع الجورجي وغيره أي الاختلاف في الموقف حيال الأمور السياسية .‏

لقد قدمت وزارة الخارجية الفرنسية في نهاية عام 2009م تحليلاً وصفت فيه الرئيس الإصلاحي ميدفيدف بأنه غورباتشوف جديد وكان ذلك ضمن مساعي حثيثة لمد جسور صداقة وتعاون بين فرنسا وروسيا الاتحادية على الصعيد العسكري واعتماد فكرة حوار مميز مع موسكو حول مسألة بنية الأمن في أوروبا، هذا بينما يستعد الرئيس القادم للوقوف في وجه أي تدخل في شؤون المنظومة الاشتراكية في بحر قزوين.‏

إن العودة إلى خانة بوتين تشيع الحرج في باريس كما في واشنطن لكن كلا الطرفين يؤكد على استمرارية الشراكة الاستراتيجية مع موسكو والعلاقات الثنائية.‏

فهناك تحديات قادمة ستثير قلقهم من عودة روسيا إلى سابق عهدها بينما تعاني أوروبا الغربية والولايات المتحدة من أزمات اقتصادية كبيرة.‏

ذلك لأن الانفتاح الروسي قد يعود على جيرانه والشراكات التجارية مع الدول القريبة خاصة الهند والصين والباكستان حيث باعت روسيا مؤخراً لـ نيودلهي حاملات طائرات روسية ، هذا وكان الاتحاد الأوروبي قد حاول استجرار تواقيع العقود الخاصة بالطاقة مع روسيا التي تمتلك ثروات معدنية لم تستغل حتى الآن غير أن موسكو تراهن على استقلالية اقتصادية قبل مجيء ميدفيدف لذلك تسعى دول الاتحاد الأوروبي لكسب ود روسيا.‏

من جهة أخرى فإن رجل موسكو القوي كان قد أطلق فكرة اتحاد أوروآسيوي بين الجمهوريات السوفييتية السابقة وجاءت الفكرة منسجمة قليلاً مع التقارب الأوروبي الغربي ومنظمة التجارة العالمية.‏

وتربط العواصم الغربية هذا الانفتاح بسياسة الرجل القوي في موسكو أي بوتين الذي يستند على مجموعة من المساعدين السياسيين والجنرالات الذين يدعمون عودة روسيا قوية والذي بدأ ينشر الشكوك في الأوساط السياسية الغربية حول إمكانية تصديها لقيصر روسيا الأحمر وعجزها عن معرفة طموحاته في إعادة روسيا كماكانت عليه قبل 22 عاماً.‏

إن صعود نجم بوتين ونفوذه في موسكو خاصة مع حزبه الذي استقطب ليس فقط الرعيل القديم من السياسيين إنما أيضاً التيار الشبابي شكل منعطفاً بالنسبة للسياسة الروسية بشكل عام وهذا ماأثار حفيظة الدبلوماسية الغربية وقد رأينا كيف تجلى تأثير بوتين عند الملف السوري في 4 تشرين أول في مجلس الأمن حيث أكد الفيتو الروسي الذي أدرج في نص الأمم المتحدة ذلك.‏

أيضاً توبيخه لتدخل الناتو في ليبيا والذي شبهه في بداياته بـ حرب صليبية.‏

لقد أسقطت موسكو في ظل الثنائي بوتين - ميدفيدف النظريات الأطلسية التي قامت على مبدأ أيزنهاور خاصة بالنسبة للدرع الصاروخي وهذا ماكشفت عنه وثائق ويكيليكس نهاية عام 2010م وكيفية اقتسام السلطة الروسية.‏

باريس تسعى مجدداً لتقارب سياسي - ثقافي مع روسيا - هذا ما أعلن عنه منذ العام 2010م في لقاء الرئيسين ساركوزي وميدفيدف الذي سمي بالتقارب الروسي الفرنسي ومن المتوقع إعادة هذا التقارب في العام 2012م وسيكون مع الرئيس بوتين.‏

أمابالنسبة لأوباما فقد لعب أيضاً ورقة ميدفيدف التي أتاحت له تسجيل قطيعة مع سياسة جورج بوش رافقتها توترات عديدة مع روسيا بعد عامي 2003- 2004 حيث كان من المفترض تنشيط التعاون بخصوص الملف الإيراني ونزع السلاح النووي لكن لم تصل واشنطن إلى مبتغاها مع القيادة الروسية خاصة بالنسبة لأفغانستان حيث فشلت المساعي التي تبناها جورج بوش الابن وتبعه في ذلك أوباما، أما المرحلة القادمة التي تتعلق بمضادات الصواريخ وتبعات الملف الايراني فستكون أكثر صعوبة.‏

لقد كان «الجيوبولتيك» هاجس موسكو خلال السنوات الخمس الماضية وهذا ماجعل الغرب يعيد النظر بالنسبة لمنطقة آسيا الصغرى وجنوب شرق آسيا.‏

خاصة مع عودة بوتين الذي يتمتع بأوسع شعبية منذ مئة عام.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية