تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أزمة الاقتصاد الغربي و «الأموال المروحية»

منطقة حرة
الخميس 13-10-2011
د: حيان أحمد سلمان

يشهد العالم الغربي حاليا ( أمريكا والعديد من الدول الأوربية ) أزمة اقتصادية كبيرة , وأصبحت ككرة النار تحرق الجميع وككرة الثلج أيضا كلما تدحرجت كبرت , ولا ينفك قادة هذه الدول عن توجيه النصائح المكررة والمملة لدول العالم الأخرى في كيفية ترشيد إدارتها وزيادة الرفاهية الاجتماعية وحماية حقوق الإنسان وتعميم نمط لعبة الديمقراطية..الخ,

وينسون أو يتناسون المظاهرات الشعبية الناجمة عن تراجع معدل النمو الاقتصادية وزيادة حالات التهميش الاجتماعي وغيرها من( الحرائق المالية في عقر دارهم ) في شارع ( وول ستريت ) وشارع المال في بريطانيا وانهيار اليونان وغيرهم ولا تزال الأزمة في بدايتها , وأمام هذه الأزمة وتضخمها من يوم لآخر بدأ الاقتصاديون الغربيون يبحثون في بطون الكتب والمراجع الاقتصادية علّهم يجدونحلولا لمشاكلهم ,ونسوا أو تناسوا أن هذه المشاكل مرتبطة بطبيعة نظامهم الاقتصادي القائم على الاستغلال والظلم وتوريق الاقتصاد والابتعاد عن الاقتصاد الإنتاجي وكأن ( الرأسمالية تقتل الرأسمالية والرأسماليين ؟!), وأمام الأزمة المتفجرة الحالية يتمّ الآن استخدام مصطلح اقتصادي نقدي وهو ( الأموال المروحية ), وهذا المصطلح استخدمه لأول مرة الاقتصادي الأمريكي ( ميلتون فيردمان) والذي ولد في عام 1912 وتوفي عام 2006عن عمر ناهز /94/ عام وحصل على جائزة نوبل للاقتصاد في عام 1967,‏

وجوهر هذا المصطلح يتجلى في أن من أهم عوامل مواجهة الأزمات الاقتصادية يتجلى في تفويض المصرف المركزي في طباعة النقود وضخها في شرايين الاقتصاد , وهذا يضمن تأمين النقود ويتيح الفرصة أمام المستثمرين لإقامة المشاريع الاستثمارية , وبالتالي يضمن تشغيل المزيد من اليد العاملة أي تقليل معدل البطالة وينتقل الاقتصاد عندها إلى التشغيل الأمثل , وبالتالي لاخوف من التضخم لأن التضخم لايحصل إلا إذا حصلت زيادة كبيرة ومستمر في الطلب على السلع والخدمات ,وعندها يمكن للمصرف المركزي أن يتوقف عن طباعة النقود ووفقا لما يدعى التيسير الكمي , وان التراجع في الطلب الكلي هو أش خطورة من زيادة معدلات التضخم لأنه يرتبط بتقليل الطلب وبالتالي تقليل العرض الكلي أي تراجع وتيرة الإنتاج في المواقع الانتاجية وبالتالي زيادة البطالة والفقر), وبالعودة إلى فيردمان نجد أنه و في مسيرته الاقتصادية الكثير من التحولات حيث كان في بدايته من أنصار الاقتصادي الانكليزي ( جون ماينارد كنز) وقال حرفيا ( جميعنا نعمل وفقا لمذهب كنز) , ومن هنا أطلق عليه الكثير من الاقتصاديين الغربيين بأنه ( كارل ماركس الرأسمالية ), ولكنه تراجع عن الكثير من أفكاره السابقة منذ خمسينات القرن الماضي ووضع الأسس الأولى للمدرسة النقدية أو مدرسة شيكاغو, وركزّ في أبحاثه على العلاقة بين ( التضخم والأسعار) منطلقا من أن النقود هي جزء من الثروة , ودعا إلى ابتعاد الدولة عن التدخل في الحياة الاقتصادية منطلقا من أن ( الربح والسوق) هما الدافعان الأساسيان للتطور , وبالتالي انقلب على الأفكار الكينزية داعيا إلى عدم تدخل الدولة و تحرير التجارة والأسعار وتقليل الخدمات العامة وبيع القطاع العام إلى الخاص , وهذا ساعده في أن يكون الناطق الرسمي باسم الليبرالية المتوحشة وهيأه ليعمل مستشارا اقتصاديا لعدد من زعماء العالم مثل ( مارغريت تاتشر- نيكسون- ريغان- بوش الابن – بينوشية ) الذين كانوا يدعون لاعتماد الخصخصة, وحاليا بدأ الكثير من الاقتصاديين الغربيين بمناقشة ( الأموال المروحية ) متخوفين من ارتفاع معدلات والذي سيترك آثاره الكبيرة على كل المؤشرات الاقتصادية الأخرى وسيزيد من المشاكل والاضطرابات الاقتصادية و الاجتماعية , لأنّ التضخم كما يقول عنه الاقتصادي الأمريكي ( سامو يلسون ) بأنه (كالملا ريا يجعل الحياة كريهة) , وإذا لم تثبت الأموال المروحية نجا عتها في ستينات القرن الماضي فإنها لن تجدي في مواجهة الأزمة الاقتصادية الغربية الحالية , ويؤكدون بأن هذا الخيار هو أشبه بالخيار النووي الاقتصادي .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية