تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الــــشمع والكهربــــاء

اقتصاديات
الثلاثاء 11-8-2009م
د. حيان أحمد سلمان

احتد النقاش بين الاقتصادي الفرنسي ( فريدريك باستيا والمخترع الاميركي اديسون) حول المقارنة بين الشموع والكهرباء فقد ولد الاقتصادي الفرنسي الساخر ( فريديرك باستيا)..

عام 1801 وغادر الحياة في عام 1850 وكان من أنصار حرية التجارة وعدم تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية ومعارضا لأنصار الاشتراكية والحماية التجارية وألف كتابه ( المتناسقات الاقتصادية) الذي يؤكد فيه على أن مصالح الطبقات الاجتماعية تتفق مع بعضها البعض ولا وجود للصراع الطبقي.‏

وعبر عن حدة المنافسة بين ( الشموع والشمس) في رسالة افتراضية موجهة من قبل ( صانعي الشموع) الى مجلس النواب الفرنسي في ذاك الوقت وكتبوا فيها: ( السادة أعضاء مجلس النواب، نحن الآن نواجه منافسة لا قبل لنا بها من خصم أجنبي يمتلك قدرات فائقة لانتاج الضوء ويمكنه اغراق السوق المحلية بسعر منخفض ولكن نعاني من خصم كبير وهو الشمس. لذلك نحن نلتمس من سيادتكم أن تتفضلوا باصدار قانون يقضي باغلاق جميع النوافذ والفتحات والشقوق التي اعتاد ضوء الشمس أن يتخلل منها الى منازلنا حيث يهدد صناعتنا الرائجة أي صناعة الشموع.‏

أما العالم والمخترع الأميركي ( توماس ألفا أديسون) والذي عاش بين عامي 1847 و1931 واخترع المصباح الكهرباء عام 1878 أي بعد 28 عاماً من وفاة الاقتصادي باستيا الذي لم ينعم لا بفوائد الكهرباء ولانقطاعها. ولو عاش حتى رأى هذا الاختراع العظيم الذي يعتبر حجر الزاوية في انطلاقة الثورة الكهربائية التي تتعدد فوائدها لتشمل كل المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والنفسية حتى يمكن القول وحسب رأي ( أديسون) بأن الكهرباء هي اساس كل شيء. أما على لسان ( فريدرك باستيا) والذي يتساءل مما تعاني الشموع والشمس؟! فالشموع والشمس تحل محل الكهرباء ولا تستطيع الكهرباء أن تحل محل الشموع والشمس وقد استخدم الانسان الشمع قبل الكهرباء وتفنن في أنواع صناعتها حتى أصبح لكل مناسبة نوع خاص من الشموع. ومنها على سبيل المثال شموع ( الشحم ورأس الحوت والبارافين وشمع النحل..الخ) ليس هذا فحسب بل لانقطاع الكهرباء برأيه فوائد متعددة ومنها على سبيل المثال لا الحصر : عودة الرومانسية الى العلاقات العائلية على ضوء الشموع وتبادل عبارات الحب بدلاً من مشاهدة المسلسلات التلفزيونية- تنشيط الدورة الاقتصادية من خلال تلف الكثير من الاغذية والمشروبات والادوية وغيرها وكأنها عملياً استهلكت حسب وجهة نظر المنتجين وليس المستهلكين وبالتالي تبدأ عجلة الانتاج بالعمل لأن مصائب قوم عند قوم فوائد- زيادة النشاط التسويقي للمولدات الكهربائية وتعود الشموع لتثبت ذاتها الآن من جديد تقليل حوادث الحرائق التي تحصل في بعض المستودعات وأماكن العمل- تقليل التلفونية بسبب عدم القدرة على شحن الاجهزة المحمولة الخ) وبعد هذا الحوار الجميل بين الرجلين العظيمين وكل منهما يعبر عن وقائع .‏

ومنجزات عصره لكن وبرأينا ورغم ( رومانسية أجواء الشموع وجماليتها) لكنها لا تحل محل الكهرباء في وقتنا الحالي حيث أن كل شيء تقريباً مرتبط به بدليل زيادة الطلب عليها حيث تشهد زيادة وارتفاعاً في فاتورتها وتراجعاً في تواجدها علماً أن الخسائر الوطنية والفردية الناجمة عن غيابها أكثر بكثير من تكاليف تأمينها. فهل نضع خطة لتأمين الكهرباء أو ترشيد استخدامها وخاصة في دوائر الحكومية ومعالجة الفاقد منها سواء من خلال قدم خطوط الشبكات الكهربائية المولدة من محطات التوليد الكهربائية والكمية المستهلكة والمسجلة على العدادات النظامية. ومن ثم نتعرف على مقدار الفاقد الذي يعتبر خسارة وطنية وزيادة في التكلفة على المواطن. وبعد تحديد جوهر ومضمون المشكلة يمكن أن نضع الحل المناسب.‏

وهذا ما يجب أن نسرع به لأننا مقدمون على عام دراسي جديد وشهر رمضان المبارك على الابواب. ولمعالجة ذلك يتطلب تعاوناً بين الحكومة والمواطن. واذا حلت شموعنا وشمسنا محل الكهرباء في تسخين المياه لكنها لا تستطيع أن تحل محلها في المجالات الاخرى.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية