تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


المؤامرة على سورية وطلب التدخل الخارجي

شؤون سياسية
السبت 15-10-2011
د. عيسى الشماس

بعد انكشاف سر المعارضة التآمري، وفشل أدواتها الإجرامية المسلحة في تحقيق أهدافها الإرهابية، ودعواتها العلنية إلى التسليح، بدأ المتآمرون في الداخل والخارج يروجون لمطلب أممي تحت شعار خادع يتضمن /حماية المدنيين/ ،

هذا الشعار المضلل الذي تبنته قنوات التحريض المشاركة في تنفيذ المخطط التآمري على سورية، وراحت تسوقه في كل الاتجاهات، ولا سيما في أوروبا وأميركا، ربما يجد فيه مخططو المؤامرة ضالتهم المنشودة في إيجاد الأسلوب المناسب للتدخل في الشؤون السورية، وتحت أي ذريعة يختلقونها، ولاسيما أن تتالي الحقائق والأحداث والمواقف تؤكد بالدليل القاطع أن هذه الدول هي المخططة لمشروع المؤامرة/ الفتنة على سورية، ووظفت عملاء مأجورين لتنفيذها في الداخل.‏

وإذا كان هؤلاء الإرهابيون المجرمون ومن يدعمهم، لايمثلون إلا أنفسهم، فعن أي حماية يتحدثون؟ فإذا كان الأمر يتعلق بمراقبين دوليين ، فهذا مرفوض شكلاً ومضموناً لأنه من غير المسموح به على الإطلاق أن يكون هناك أي نوع من أنواع المراقبة على الدولة السورية والشعب السوري،لأن في ذلك مصادرة لحرية الشعب والوطن، وإذا كان المقصود تدخلاً عسكرياً سافراً تحت أي ذريعة أو حجة، على غرار ما حدث في العراق وليبيا، فهذا ليس مرفوضاً فحسب ، بل هو من مستحيل المستحيلات، لأنه يمس بالسيادة الوطنية لمصلحة فئة مأجورة باعت نفسها للشيطان، ولا يهمها نتائج هذا التدخل على الوطن والمواطن.‏

لقد تعالت في الآونة الأخيرة الأصوات التحريضية / العميلة ، المطالبة بالتدخل العسكري الأجنبي في سورية، لإنهاء الأزمة كما يدعون، وهم يعرفون تمام المعرفة من الذي أوجد الأزمة، ومن الذي غذاها ودفع بها إلى هذا المستوى التصعيدي لزعزعة الأمن والاستقرار، علها تحقق بعضاً من الأهداف الاستعمارية الجديدة.‏

وما يثير الدهشة والاستغراب أن يتسابق بعض المعارضين/ العملاء إلى توسيع دائرة هذه المطالب من خلال تصريحاتهم وعبر قنواتهم التحريضية في الداخل والخارج، وهم يدعون غيرة على أمن الوطن وسيادته، وآخرهم عبد الحليم خدام ، وأحمد رياض غنام، وممن سموا أنفسهم (المجلس الوطني الانتقالي) تشاركهم في ذلك بعض الأنظمة العربية والأجنبية في أوروبا وأميركا، بينما نجد في المقابل دولاً تتسم بالمصداقية في رفض أي تدخل في الشؤون السورية، عسكرياً أم غير عسكري، كما تفعل روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا ، وغيرها، وتحذر من تداعيات أي تدخل على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي.‏

إنها مفارقة تسترعي الوقوف والتحليل لمواقف هذه الدول الصديقة، مقابل مواقف بعض الدول العربية (الشقيقة) التي وضعت نفسها في صف المعارضة التحريضية ضد سورية.‏

وإذا كان ثمة من يستحق الحماية الحقيقية فهم ملايين المواطنين السوريين الذين يعانون من إرهاب تلك العصابات المسلحة وأعمالها الوحشية، ومن حق هؤلاء المواطنين أن يطلبوا الحماية من دولتهم التي يعيشون في كنفها ويفتخرون بالانتماء إليها، ويتمسكون بوحدتهم الوطنية وهم يدركون حجم المؤامرة التي تتعرض لها هذه الدولة، وتواجهها بكل عزيمة وإصرار وتصميم على ملاحقة المتورطين فيها، من خلال التعاون الوطني الفاعل بين القوى العسكرية والأمنية التي استجابت لنداء المواطنين من أجل تخليصهم من جور العصابات الإرهابية وإعادة الأمن والاستقرار إلى حياتهم الطبيعية كسابق عهدها.‏

أجل.. إن الدولة من الوجهة القانونية والدستورية، هي المسؤول الأول عن حماية أمن مواطنيها ضد أي خطر أو اعتداء يتعرضون له، داخلياً كان أم خارجياً، ولكنها لا تحمي المجرمين والمخربين، ولا تسمح لأحد أن يحميهم، بل تقاومهم لينالوا القصاص العادل على ما اقترفت أيديهم بحق الوطن والمواطنين الشرفاء/ الأبرياء.‏

فسورية دولة يسودها النظام والقانون، ولن تسمح لأي قوة أن تتجاوز قوانينها وسيادتها تحت أي ذريعة مهما كانت، فليس هناك قانون محلي أو دولي يسمح بالإرهاب ويحمي الإرهابيين، ويمنع الدولة المعنية من حقها في أن تحمي شعبها من هؤلاء الإرهابيين، اللهم إلا إذا تغيرت الحقوق والمعايير كما تريد الإدارة الأميركية وحلفاؤها في أوروبا، أصحاب الموروث الاستعماري البغيض، ولا سيما فرنسا وبريطانيا وألمانيا.‏

وإذا كانت حفنة ضئيلة من العملاء المأجورين يروجون لتدخل الأجنبي في حل الأزمة التي افتعلوها في سورية، فإن الشعب السوري الأبي، بغالبيته الساحقة ومعارضته الوطنية، في الداخل والخارج ، عبّر وبحس وطني أصيل رفضه هذه الدعوات، وليست المسيرات التي عمت سورية والدول الأجنبية، ولا سيما (فرنسا وأميركا وكندا) المؤيدة لمسيرة الإصلاح والرافضة لأي تدخل خارجي، إلا رسائل استنكار وتحذير لمن تسول له نفسه أن يفكر بأي نوع من أنواع التدخل.‏

وسيواجه شعبنا العظيم أي محاولة للتدخل في شؤونه الخاصة بشجاعة وعنفوان، وسيقدم كل ما يملك دفاعاً عن كرامة الوطن وحريته وسيادته، لأن كرامته من كرامة الوطن وحريته من حرية الوطن، ولا حياة كريمة لمواطن إلا في وطن سيّد مستقل.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية