|
رؤيـــــــــة كنت أرغب باستعادة أجواء تلك الامسية لأجد فسحة جديدة للكتابة عن ترانسترومر بعد أن اصبح بسرعة الشهاب نجما ثقافيا ساطعا تتناقل وسائل الإعلام العالمية أخباره بكل اللغات، وتتسابق دور النشرالكبرى لترجمة أعماله في الشرق والغرب، وفي الشمال والجنوب. كما أن الروابط الخفية التي جمعت بينه وبين أدونيس وتوضحت في زيارته لدمشق، لم تكن إلا شكلا من اشكال الحوار الثقافي بين الشرق والغرب، حتى أن صاحب نوبل لهذا العام يلتقي مع صديقه أدونيس، إنه كان مثله مرشحا لجائزة نوبل منذ عقود. والسؤال: إلى أي مدى يمكن أن تحد أو تعمق منافسة أدونيس التي احتدت بشكل واضح هذا العام من الإلتباس الدائم الذي رافق ترشيحه طوال عقود، لاسيما وانه كان هذا العام الخاسر الأول في سباقه مع ترانسترومر، لدرجة أننا حبسنا الانفاس وكاد يعلن اسمه، على الرغم أن الالتباس الأكثر قدرة على إثارة الجدل والتأويل والإجتهاد والنقاش في شعرأدونيس يكمن في تجاوزه لإشارات الزمان والمكان وانفتاحه اللانهائي على مفاهيم تعبيرية انشطارية تؤكد هاجسه الفني وحسه الكوني وتوجهه العا لمي، الذي تعزز بعد قراءاته وترجماته الشعرية. فمع أدونيس، نحن أمام الموضوع الأكثر إثارة للجدل والنقاش في حياتنا الثقافية والفكرية، ليس لأنه خاص ومتميز ومتفرد في جرأته وتوجهه فحسب، بل لأنه يقدم أجوبة ملحة على العديد من الرؤى الالتباسية والإشكالية والحياتية. ولهذا تبدو أجوبته في أحيان كثيرة مكثفة وصارخة وجارحة وقادرة على تحريك المياه الراكدة في مستنقع الثقافات التقليدية المستهلكة بتنوعاتها وتوجهاتها كافة. ونصوصه تبدو بمثابة ردة فعل عفوية، كونها تقودنا وباستمرار للوقوف أمام الحقائق الكبرى والرؤى الشاملة المرتبطة بالتحولات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، على الرغم من دخولها في أحيان كثيرة في حدود اللامنطق والتناقض والغموض. ويكفي أدونيس فخرا أن المنافسة تتصاعد في كل عام بينه وبين كتاب وشعراء لو حازوا على نوبل سيحققون مبيعات بكل اللغات، وفي العالم أجمع، وكانت من اولى نتائج هذا التنافس ترجمة كتبه الى لغات عديدة، وتوطيد علاقته ببعض كبار رموز الفكر والكتابة والشعر والثقافة العالمية، ومن ضمنهم توماس ترانسترومر الفائز هذا العام بالجائزة الأدبية الأكثر شهرة وجاذبية، والتي سجلت زمنه الحقيقي المرتبط بواقع حالم بلا ضفاف. |
|