تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


نافذة.. ثمة سر فجّر خط القطار..!

آراء
الخميس 20-10-2011
سليم عبود

في عام 2005 دعيت إلى إلقاء محاضرة في تركيا عن العلاقات التركية السورية، كان من بين الحضور أساتذة جامعات، واقتصاديون، ونخب ثقافية وفكرية وسياسية، فالعلاقات السورية - التركية

كانت في تلك المرحلة تتشكل، وتتحرك نحو الأمام على أصعدة عديدة، وكانت ردود الفعل الشعبية لدى الطرفين «التركي والسوري» تتسم بالتفاؤل والأمل ببناء علاقات قوية ومتينة تتجاوز انقطاع دام عقوداً طويلة، وكان لدى الجانب الشعبي التركي المصدوم بالرفض الأوروبي المستمر بقبول تركيا كجزء من النسيج الأوروبي، اقتناع بأن موقع تركيا الحقيقي هو في الشرق وليس في الغرب.‏‏

بعد انتهاء المحاضرة اقترب مني رجل وقدم نفسه على أنه أستاذ جامعي مهتم بالقضايا السياسية، وطلب أن أشرب القهوة معه في مقهى قريب، في البداية رفضت.‏‏

يبدو أن الرجل قرأ قلقي، فقال لي: «أنا تركي ومن أصول عربية، وأقربائي في سورية يسكنون في المكان كذا وكذا، ومدير المركز هنا يعرفني فاسأله عني» قبلت دعوته.‏‏

ونحن نشرب القهوة، قال:‏‏

«أراك أطنبت المديح برجب طيب أردوغان، لست وحدك من فعل ذلك، كثيرون غيرك من جماعتكم - يقصد من السوريين - يمتدحونه، سأقول لك كلاماً، وأنت حر في قبوله، رجب طيب أردوغان ليس كما تعتقدون، والعلاقات السورية التركية ستنفجر ذات يوم بفعله، فهو يضمر شيئاً نحو سورية، هنا نعرفه، بطبعه لا يحب العرب، ومتعصب لعثمانيته، ووصل إلى السلطة بضوء أخضر إسرائيلي أميركي، وله دور مطلوب منه أن يلعبه، وسورية اليوم مسرح مهمته، فسقوط سورية يعني سقوط الخطر الذي يواجه مشاريع إسرائيل وأميركا في الغرب، اقرؤوا تاريخ الرجل، قبل أن تفتحوا أبوابكم أمامه».‏‏

يومذاك اعتبرت كلام هذا الرجل افتراء على رجب طيب اردوغان، ويقوم على خلفيات سياسية خاصة بالواقع السياسي التركي.‏‏

في نهاية العام الماضي زرت تركيا، ومن محاسن المصادفة أنني التقيت الرجل نفسه، في هذه المرة أنا من تحرش به، سألته:‏‏

«كيف تقرأ واقع العلاقات التركية السورية؟!».‏‏

أجاب بثقة: «لم ينفجر اللغم بعد بالقطار العابر بينكما».‏‏

قلت: «القطار مستمر في سيره».‏‏

قال: ننتظر..‏‏

وراح يحدثني كيف كانت الطائرات في عدوان أميركا على العراق عام 200٣ تنطلق من قاعدة «أنجرليك» الأميركية في تركيا لتقصف العراقيين وتدمر وتقتل، وأن الطيران الإسرائيلي ضرب المركز الذي ادعي أنه مركز نووي سوري عبر الأراضي التركية، وكيف هذا الطيران الإسرائيلي يتجسس على سورية من الأجواء التركية بموجب اتفاقيات بين البلدين، ويتجسس على إيران والعراق وروسيا، وأن قواعد رادار أميركية تركب اليوم إلى جانب الحدود السورية في اسكندرون، وأن العلاقات الاقتصادية التركية الإسرائيلية تتنامى أكثر من الماضي بالرغم من الدجل الإعلامي الذين نسمعه، وأن مهمة أردوغان إغراء السوريين والفلسطينيين للدخول في مفاوضات استسلام مع «إسرائيل» والابتعاد عن إيران وحزب الله.‏‏

افترقنا، وأنا في شك بكل ما يقوله، في هذه الفترة، كنت انتهيت من طباعة كتاب بعنوان «سكاكين وجسد»، في أحد فصول هذا الكتاب حديث طويل عن العلاقات السورية التركية ومقتطفات من حديث رجب طيب أردوغان والرئيس بشار الأسد في آخر لقاء في أيلول من عام 2009 ومن حديث أرودغان قوله:‏‏

«تتقاسم سورية وتركيا مصيراً مشتركاً، وبقدر ما تكون سورية قوية، تكون تركيا قوية».‏‏

وكان رد الرئيس الأسد:‏‏

«إننا أعدنا الأمور إلى طبيعتها وأبعدناها عن شذوذها».‏‏

وحديث عن المناورات المشتركة بين الجيشين كدليل على عمق العلاقات.‏‏

والسؤال اليوم:‏‏

هل كان كل ما حدث بين البلدين كان حقاً في إطار خطة مرسومة أميركياً وإسرائيلياً، وعندما فشلت في جر سورية إلى الحظيرة الأميركية، والابتعاد عن الخط المقاوم، كشف الذئب عن وجهه؟!‏‏

هنا نسأل، وغيرنا خارج سورية يسأل مستغرباً:‏‏

ما الأسباب التي أدت إلى كل هذا العداء الذي يوجهه أردوغان إلى سورية وقيادتها، هل ثمة أمر فجر خط قطار العلاقات السورية التركية؟! في القراءة الدقيقة لا يمكن أن نجد شيئاً سوى القبول برأي ذاك التركي الذي تنبأ بما يحدث.‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية