تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


بوشكين ..الشــــاعر الوطنــي بامتيــاز

ثقافة
الخميس 20-10-2011
ترجمة: مها محفوض محمد

كيف دشن بوشكين عصر الأنوار الأدبية في روسيا ؟

ومن سار على خطاه؟‏

على هذين السؤاليين تجيب مجموعة دراسات ظهرت قبل أيام تحت عنوان «دائرة بوشكين 1802، 1841» للناقد أندريه ماركوفيتش وتتضمن عدة مجموعات منها: شمس ألكسندر صادرة عن دار أكت سود، «بوشكين رواية غاو» لكورين بويو وهي سيرة ذاتية،«نزهة مع بوشكين» عن دار سوي.‏

الكتاب الأول عبارة عن مختارات ترجمها الى الفرنسية ونقدها وقدمها أندريه ماركوفيتش اذ يقارن بين أعمال ألكسندر بوشكين(1799-1837) وبين جيل من الأدباء الروس الذين ساروا على نهجه وأقاموا حوارا شعريا مفتوحا بينهم وبين نجمهم المفضل بوشكين ومن بين هؤلاء الذين تأثروا بالأديب الكبير الناقد والأديب الروسي ألكسندر راديشتيف وهو من معاصري بوشكين (توفي عام 1802) وتأثر به كما تأثر ب جان جاك روسو ففي تلك المرحلة كانت تصل أخبار تجارة الرقيق في الولايات المتحدة وفي المستعمرات البريطانية الى روسيا فتناولها رادتيشف بأسلوب بوشيكن في كتاباته كما فعل في رائعته:«رحلة من بطرسبورغ الى موسكو» كذلك الأمر بالنسبة للأديب نيكولاي كارامزين الذي توفي عام 1826 وهو صاحب مجلة «بريد أوروبا» التي من على صفحاتها انطلق التيار الرومانسي الروسي ونيكولاي هو من كتب «تاريخ الدولة الروسية» متعدد الأجزاء وقد ترك هذا العمل بصمات عميقة في العمل التاريخي الشهير ل بوشكين «تاريخ بوغاتشوف» ثم «تاريخ بطرس الكبير» الذي يسلط فيه الضوء بوشكين على تاريخ روسيا أيام القياصرة لذلك اعتبر بوشكين في تلك المرحلة أحد أعمدة أسس الثقافة الروسية حيث إنه جسد عظمة الابداع الأدبي في بلاده على صعيد الشعر كما على صعيد النثر.‏

ألم يتبعه ليرمونتوف وليرييف وباتنكوف وغيرهم من الذين رافقوا بوشكين على مقاعد الدراسة لتدور في فلك هذا الأديب الروسي الكبير أيضا روائع الأديبة أخماتوفا وماندلستام وماياكوفسكي وباسترناك وحتى بروتسكي.‏

ولم يكن بوشكين عراب الرومانسية فقط مع ثلة الأدباء الذين عاصروه انما كان أيضا ليبرالياً خلال اجتياح هذا التيار لأوروبا، وبذلك استطاع أن يمنح تلك النزعة الفكرية السياسية مكانة في شعره الغنائي، وفي تلك المرحلة ظهرت له أعمال لاتزال تتمتع بحداثة يستشهد بها ماركوفيتش كما في كتاب «سجين القوقاز» و «الأخوة اللصوص»، فلم يتوقف بوشكين كما تجمع الدراسات الحديثة عند التاريخ والأدب الروسي انما تناول أيضا أفكار فولتير وطروحاته الثورية وغوته الألماني وشكسبير لتتنوع مؤلفاته بين الشعر وكتابة الرسائل والمسرح والكتابة التاريخية والروائية وصولا الى النقد الأدبي حتى إنه لم يترك مجالا لنقاد عصره الا وتصدى لهم، وعندما كان يظهر في الصالات المسرحية كانت عيون الجماهير تتجه اليه ليس فقط من أبناء وطنه انما من الأجانب الذين كانوا يزورون موسكو، وكان الأدباء الأجانب أيضا يتوقون للقائه ويسعون اليه بين بطرسبورغ وموسكو.‏

ان اسقاطه فلسفة ماوراء الطبيعة على قصائده الشعرية وتضمينه التاريخ الأوكراني لأول مرة في الأدب الروسي جعل من بوشكين المتعدد المواهب أبرز كتاب عصر الأنوار في روسيا اذ لم تكن فرنسا وحدها التي استقطبت أدباء أوروبا في تلك المرحلة بل كانت موسكو العاصمة الثانية التي صنعت عصر أنوار فكري جديد، ثم ان تنقل بوشكين بين بلاد القوقاز وسيبيريا وبطرسبورغ وموسكو أدى الى جذب أكبر المفكرين والأدباء الى روسيا وكان صديقه الحميم الشاعر ديلفيك يساهم معه في هذا العمل ويومها قال عنه القيصر نيقولاس الأول: «يعتبر بوشكين الشخص الأكثر ذكاء في روسيا لأنه استطاع أن يجذب أنظار العالم اليه والى وطنه».‏

ويقول أحد النقاد عنه: مامن أديب يستطيع أن يحل مكان بوشكين.‏

وبهذا المعنى يقول غوغول: مامن شاعر روسي يستطيع التفوق عليه، بوشكين هو ظاهرة خارجة عن المألوف وفريدة في الفكر الروسي.‏

أما دوستوفسكي فيقول: بوشكين جذوة الابداع كله، ويقارنه تورغينييف بكتاب الملاحم الاغريقية من حيث التوازن والشكل والعمق كما في الصورة والموضوع، ويقول عنه بوشكين هو الشاعر الوطني بامتياز.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية