تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


«قنطـرة» .. في معهـد العالم العربـي

ثقافة
الخميس 20-10-2011
مهاة فرح الخوري

كتاب «موسوعي»، أنظر إليه بشغف، ولا أجرؤ على الغوص فيه، إنه «قنطرة»، جوهرة بل جواهر..مجموعة بدفّتي كتاب، يحتوي على معلومات تاريخيّة جديدة قديمة، وهو غوص في التراث،

وأبحاث تطلّبت دراسات من باقة متميّزة من مفكّرين وعلماء مختصّين، وفنّانين موهوبين. سنوات من العمل الدؤوب، لإصدار «قنطرة»، تراث أوسطي، عبور، من البحر الأبيض المتوسّط، رحلة بحريّة من الشرق إلى الغرب. إغناء المكتبات العالميّة بمعلومات غاية في الدقة لا مثيل لها، وبصور لأوابد، وجوامع وكنائس وأيقونات، تخالها تنطق جمالا ودقة.‏‏

من كان وراء هذا العمل الموسوعي؟ الذي يأسر الفكر والقلب..بل يهيمن عليهما، الكتاب الجميل قبالتي وأنا أتهيبه! تجرّأت واقتحمته..لا شك أن عملاً بهذه الدقة وهذا الإخراج والأداء، ناهيك عن الجمال، يحتاج إلى رئيس ومدير وأكثر، لتسيير العمل، كما يتطلب باقة من المؤرخين والمختصّين والمعماريين والفنّانين..وقد حالفني الحظ بأن ألتقي بالإنسان المتحمّس والمدرك لمشقّة هذا العمل قبل صدوره، وهو الشاب المؤهل «يانيس كويكاس» «Yannis Koikas» والشابة «ايلودي بوفّار» «Elodie Booffard»، وسمعتهما يتكلّمان عن المشروع وكان شبه جاهز.. ويصعب عليّ تعداد الدارسين والاختصاصيين، إذ أن عملا موسوعياً كهذا يحتاج إلى كوكبة من المخلصين للعلم، للمعرفة وللحقيقة علاوة عن كونهم يتحلّون بتواضع العلماء، وبالدأب على البحث الموضوعي والإيمان بالحقيقة. وقد تبنّى مشروع قنطرة علماء وباحثون من «معهد العالم العربي» بإدارة رئيسه «دومينيك بوديس»، والاسباني «Cortes» منسّق المعارض والنشر، والمغربي «عبدالله صالح» مدير التراث الثقافي المغربي، والجزائري «مراد بتروني» مدير «الكونسيرفاتوار» لإعادة تأهيل وترميم التراث الثقافي الجزائري، ومن تونس «محمّد بن بن مامّي» مدير عام معهد التراث الوطني، ومن لبنان «فريدريك حسيني» مدير عام الآثار، ومن الأردن «فواز خريشي» مدير عام دائرة الآثار الأردنيّة. أمّا اللجنة الاستشاريّة فتضم شخصيّات علميّة في البلاد العربيّة شرقاً وغرباً، وقد مثّل سورية فيها «طلال عقيلي» مؤرخ معماري وأستاذ في جامعة دمشق.‏‏

هذا العمل الموسوعي المشرّف، يضعنا بمعرفة التراث الأوسطي، «عبور البحر المتوسّط، من الشّرق إلى الغرب»: «قنطرة» جمع مؤسسات ثقافيّة لسبع دول شركاء في المشروع وهو ثمرة عمل دؤوب لنيّف ومائة وخمسين باحث ومؤلّف وضعوا نيّف وألف 1000 توطئة شكّلت أساساً لربط المصطلحات المتنوّعة للتراث الممتد عبر البحر الأبيض المتوسط. عمل استغرق أربع سنوات من البحث والدراسة ومن التعاون المثمر بين الأفرقاء للوصول إلى تحقيق موقع الكتروني يكون نواة لمعارض وللمؤلّف الذي وضع بين يدي هديّة لا أجمل ولا أثمن..وهو «يانّيس كوتياس».‏‏

الكتاب «قنطرة» صدر بأربع لغات: الفرنسية، الانكليزيّة، العربيّة والاسبانيّة. وقد دقق النص العربي «بدر الدين عرودكي» والفرنسي «كويكاس».‏‏

يقع الكتاب ب218 صفحة، ستة أقسام ومواضيع غنيّة:‏‏

1- المدينة: المدينة في البحر الأبيض المتوسّط – المدينة الإسلامية.‏‏

2- الديانات.‏‏

3- المعارف.‏‏

4- الحرب.‏‏

5- السلطة والدبلوماسيّة.‏‏

6- فنّ الحياة – الفهرس.‏‏

قدّم «دومينيك بوديس» رئيس المعهد العربي للكتاب. اقتطفت بعضاً مما كتب.‏‏

«مشروع قنطرة يشبه شبهاً كبيراً معهد العالم العربي، أعني: الفكر يعتمد على الانفتاح، الاعتراف بكل من العلماء والمبدعين والمؤلفين دون الأخذ بعين الاعتبار الانتماءات الضيقة، العرقية أو الأثنيّة، أو الدينيّة أو الطائفيّة. –«قنطرة» كما المعهد العربي، تمّ تأليفه وصدوره بفكر منفتح وروح مطلّة على السّلام والوئام بين الشركاء جميعاً. «قنطرة» أراد بناء، أو تمتين وتعزيز الجسر بين الشّمال والجنوب، بين الشّرق والغرب للبحر الأبيض المتوسّط، هذا البحر الذي لم يكن قط حدّاً أو فاصلاً، بل صلة وصل بين حضارات عديدة وثقافات متنوّعة.‏‏

ومما كتب «دومينيك بوديس»:‏‏

«مع قنطرة نحن في قلب مشروع حضارة يرتكز على ماضٍ خصيبٍ مثمر، يعطي فكرة ما عن البحر الأبيض المتوسّط، متوسّط معتز وسعيد بتنوّعه، يرتكز على أوروبا وأفريقيا والشرق الأدنى، مؤهل، واعد ليصنف في مقدّمة الكيانات العالميّة الجديدة».‏‏

«قنطرة» يتضمّن ثلاث مقدّمات علاوة عن مقدّمة رئيس معهد العالم العربي.‏‏

1- في قلب مستقبل حضارة البحر الأبيض المتوسط.‏‏

2- الحوار المحسوس الواقعي – توزّع أنواع التراث، المتوسطية.‏‏

3- قنطرة: تراث متوسطي، من الشرق إلى الغرب.‏‏

4- البحر الأبيض المتوسّط.‏‏

ثم ثمة مواضيع شتى ومنها المدينة، المدينة الإسلامية في المتوسّط..خريطة القدس، وعنجر، وجرش، شرح عن المدينة بصورة عامّة في المتوسّط وتونس والمغرب، القلاع الشّهيرة، الأندلس، اسبانيا مدينة الزهراء.‏‏

الديانة: تتناول أشهر الجوامع والكنائس والمآذن، كنيسة «آيا صوفيا» وكاتدرائية «Notre Dame». الزخارف الجميلة الشهيرة في المتوسط. شروحات للأعراف والعادات في المآتم الإسلامية والمسيحيّة، أيقونات من كنائس، الأديرة في لبنان. الأمتعة والأثاث والمفروشات. الكتاب والكتب القديمة. ترجمة القرآن الكريم من قبل بطرس الجزيل الاحترام. خمار القدّيسة آن.‏‏

الفروسيّة العربية – علاقات الغرب بالسلطة العثمانيّة. رسالة سليمان الرائع إلى فرانسوا الأول. الموزاييك والفسيفسائيات والنقش، وكلّها توحي لك بأنك بمواجهة القطع التراثيّة نفسها.‏‏

وينتهي الكتاب الجميل الفريد بفكرته ونوعه بخريطة رائعة للبحر الأبيض المتوسّط 1700-750. جهد لا مثيل له، وألف شكر لأصحاب الفكرة ولمنفذيها وللجهد المبذول لتحقيق عمل موسوعي مشوّق ورائع. والشكر كل الشكر للشاب البحّاثة «يانيس لوكاس» على هديّته الثمينة.‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية