|
التايمز للأمس القريب كانت التوقعات تقول باحتفاظ الجمهوريين بسيطرتهم على مجلس الشيوخ والنواب, إذ إن هيمنتهم على المواقع الحساسة في الدولة ستقود الى تغير محدود في مقاعد الكونغرس, وستضمن استمرار سيطرتهم عليه. لكن استطلاعات الرأي أظهرت تراجعا ملموسا في نسب المؤيدين للحزب الجمهوري والرئيس الاميركي, حيث دلت الاستطلاعات التي نشرت في صحيفة الواشنطن بوست على تفوق للحزب الديمقراطي لجهة القضايا الرئيسية التي تهم المواطن الاميركي مثل الصحة, التعليم, الاقتصاد ,الضرائب الهجرة ,العراق, الطاقة والحرب على الارهاب .حيث سجلت تلك الاستطلاعات تراجع نسبة المؤيدين لبوش الى 33% في كافة الأمور المطروحة, فيما موضوع العراق اقتصرت نسبة المؤيدين له على 32% فقط. ولاريب بأن تلك المؤشرات تدل على حصول الديمقراطيين على الاكثرية في مجلسي النواب والشيوخ. في عام 1973 كان أحد المحليين القلائل الذين أبدوا تعاطفهم الكبير مع الرئيس نيكسون حيال ما تعرض له نتيجة فضيحة ووترغيت التي قادته إلى الاستقالة من منصبه, كان مخطئاً في هذا التعاطف إذ إن تلك الفضيحة كانت سابقة خطيرة ستقود إلى مساءلة الرؤساء الاميركيين اللاحقين, ومعاملتهم بذات الأسلوب الذي اتبع مع الرئيس نيكسون الذي اخضع للاستجواب من قبل مجلسي النواب والشيوخ والقضاء الاميركي, وكان عرضة للتشهير به في الصحف التي ابرزت بتحقيقاتها تلك الفضيحة والقت الضوء عليها. ومن الملاحظ أن عمليات الانتقاد للرؤساء الأميركيين تأخذ طابعاً متشددا في الولاية الثانية لهم بشكل عام, حيث تبدأ سلطاتهم بالتراجع والانهيار. في حقيقة الأمر نجد أن الولاية الثانية هي التي تؤجج الخلاف بين الرئيس وحزبه من جهة والحزب الآخر, حيث تطفو على السطح التهم التي يوجهها الطرف الآخر إلى الطرف القائم على رأس الحكم, ويبدو هذا الأمر جليا في كل من: فضيحة ووترغيت التي جرت إبان الولاية الثانية للرئيس نيكسون. رونالد ريغان الذي تمت مهاجمته على خلفية قضية ايران- كونترا التي نظر اليها باعتبارها ووترغيت صغيرة, وكانت ايضا في ولايته الثانية وبيل كلنتون الذي اثيرت عليه في ولايته الثانية موضوع العلاقة مع المتدربة في البيت الأبيض مونيكا لوينسكي. من المتوقع أن الانتخابات التي ستجري في تشرين الثاني المقبل ستفقد الجمهوريين سيطرتهم على مجلس النواب, وبذلك سيتمكن الديمقراطيون من مهاجمة بوش في السنتين المتبقيتين له في البيت الابيض وسيكون أمر معاقبته من الأمور غير المستبعدة. لقد شن المعارضون هجوما كبيرا على نيكسون جراء فضيحة ووترغبيت وتعرض رونالد ريغان إلى هجوم أيضا جراء قضية ايران- كونترا, لكن هذا الهجوم كان أقل وطأة من فضيحة ووترغيت وبقي ريغان في موقعه حتى انتهاء ولايته, حيث خلفه المرشح الجمهوري جورج بوش الأب. لقد كان للفضيحة التي تعرض لها كلنتون الأثر الكبير في زعزعة وضع الديمقراطيين في انتخابات عام ,2000 التي قادت الى صدور قرار المحكمة العليا بمنح الرئاسة لجورج بوش استنادا لبعض نصوص الدستور لذلك فقد كان للتهمة الموجهة للديمقراطي كلنتون دور في إضعاف ثقة الشعب بحزبه. من المتعذر توقع اسم محدد يختاره الديمقراطيون للانتخابات الرئاسية المقبلة التي ستجري في عام 2008 إذ يبرز في هذا المضمار كل من آل غور باعتباره مرشحا سابقا لم يحالفه الحظ بالفوز في الانتخابات السابقة نتيجة حكم صدر عن المحكمة العليا بفوز جورج دبليو بوش بتلك الرئاسة, والسيدة هيلاري كلنتون التي ينظر إليها الشعب باعتبارها الزوجة المظلومة نتيجة التهمة التي وجهت لزوجها جراء علاقته مع المتدربة في البيت الابيض. إن الحملة التي ستشن ضد جورج دبليو بوش ستكون بسبب سياسته في العراق تلك السياسة الخرقاء التي ستقود إلى تفوق الحزب الديمقراطي وفقا لاستطلاعات الرأي, إذ إن حرب العراق كانت حربا ممجوجة وتحاكي ما كانت عليه الحرب الفيتنامية, وبذلك فإن الحرب العراقية سيكون لها دور كبير في انتخابات منتصف المدة بالرغم من وجود قضايا ذات أهمية كبيرة بالنسبة للمواطن الاميركي مثل الرعاية الصحية. لاشك بأنه إذا فاز الديمقراطيون بمقاعد الاكثرية في مجلس النواب فإنهم سيعيدون فتح جميع الملفات التي تتضمن الأسباب الداعية لخوض الحرب على العراق. لكن تلك التهمة سوف تسقط إن فاز الجمهوريون بأغلبية المقاعد في مجلس الشيوخ, إذ إن التهمة التي وجهت إلى كلنتون لم يكن لها من دور في التأثير على وضع الديمقراطيين في مجلس الشيوخ, ومع ذلك فإنها جعلت آل غون خارج البيت الأبيض. منذ الحرب العالمية الثانية كانت هناك صداقات تجمع الرؤساء الاميركيين والرؤساء البريطانيين ومثال عليها الصداقة التي جمعت بين ( روزفلت وتشرشل) ( كيندي وماك ميلان) ( كارتر وكولان) ( ريغان وتاتشر) ( توني بلير وكل من بيل كلنتون وجورج دبليو بوش) إذ إن بلير هو رئيس الوزراء الوحيد الذي عقد صداقتين مع رئيسين للولايات المتحدة ينتميان إلى حزبين متنافسين. لكنه بالرغم من العلاقة الوثيقة التي تربط بلير مع كلنتون فإنه لم يتأثر بالفضيحة التي تعرض لها الاخير الا أن علاقته مع بوش التي قادته للمشاركة بالحرب العراقية سيكون لها مفعول يتجاوز ما حدث مع نيكسون في فضيحة ووترغيت, وسيكون للتحقيقات التي ستجري حول هذا الموضوع آثار كبيرة ستطول بلير والسياسة البريطانية بشكل عام. بامكان الولايات المتحدة أن تضع برنامجا لتخفيض عدد قواتها في العراق وأفغانستان ولعل تشكيل الحكومة العراقية سيساعدها في اتخاذ مثل تلك الخطوة, أما بريطانيا التي تقبل أيضا على انتخابات تحدد نتائجها الجهة التي تتولى الرئاسة البريطانية فإن لديها الرغبة أيضا بتخفيض قواتها في العراق. ليس هناك من توقعات لحدوث أي تغييرات قبل تشرين الثاني من هذا العام, لكن إذا فاز الحزب الديمقراطي بمجلس النواب في هذه الانتخابات فسيكون احتمال فوزه بالرئاسة عام 2008 من الأمور المتوقعة جدا, وسيقود ذلك إلى فك الروابط بين بلير والادارة الاميركية وسيقود ايضا بوش إلى تقديم استقالته بشكل مبكر قبل موعد الانتخابات. |
|