|
ثقافة
أريد إذا ما وجد أحد ما نصا لي دون أن يحمله ويعود به الي قائلا: هذا نتاجك، أعرفه من كل الدفق الموجود فيه، من بذخك الابداعي واللغوي، وعلو كعبك فيما تقدمه وتبدعه، ترك الدكتور نضال الصالح النص الابداعي شكليا، ولكن يد الزمار تبقى تحن الى اللحن الاول، فيما يقدمه الدكتور الصالح، في النقد والدراسات والزوايا الصحفية هو اللحن الاول، واللغة البهية الخارجة من بيت النار جديدة لما يمسسها بعد استعمال، يتدفق بغزارة الفرات الذي شهد جزءا من طفولته، واستمر يحمله معه قلبا وجسدا والحنين اليه، من النقد الى الابداع، ومن الابداع الى النقد قائمة طويلة من الانجازات المهمة جدا التي تثري المكتبة العربية، ومن مواقف الوطنية والقومية، يثبت الصالح كل يوم أنه قامة ادبية لها السمو، وحين تقترب من أي مجموعة أدبية له كيف لك أن تقدم شيئا عنها، وهو الناقد المتمرس، هل عليك اجتراح ادوات جديدة، تتجاوز اللاموجود وهذا ليس دورنا، وليس بمقدورنا، لكنها ضرورة العمل الاعلامي، تقتضي أن نقدم للقارىء ولو لمحة سريعة عن آخر ما اصدره الدكتور الصالح،
نعم لم تكن هي المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التي يقدم بها د.نضال الصالح كتاباً ثميناً يلفت الأنظار إلى ماجاء في محتواه... كيف لا وهو الروائي والقاص والناقد والشخصية الثقافية التي أثبتت حضورها ومكانتها وقد تجلى ذلك في أعمال كثيرة سلفت هذا العمل... على سبيل المثال (درب حلب - توت شامي - في فمي ماء)...الخ (قدك المياس) عنوان كتاب للدكتور نضال الصالح صدر عن دار بانوراما للطباعة والنشر والتوزيع ويقع في 252 من القطع الكبير. يقدم الصالح نصوصاً شاء من خلالها أن يكون شاهداً على الجرح السوري, فقدم جنساً أدبياً كان لفيفاً من القصة والحكاية والشعر والإبداع الذي بدا واضحاً في معظم النصوص. رسم لوحة فسيفسائية لظروف اجتماعية تعيشها سورية بهذه الحرب اللعينة وخصّ لوحته مدينة «حلب» الغائرة بالعمق التاريخي الحضاري فقال فيها: حلب ليست تلك الأبواب التسعة التي كنت أحج إليها باباً فباباً, ولا تلك القلعة التي سفحت على خندقها طفولتي المتعبة باللهاث وراء أفراح صغيرة, ولا الخانات التي كنت أفيء إلى ظلالها كلما داهمني حنين إلى الإنسان صورة الله... حلب روح, وأي روح! ذاتٌ لطيفة, غافلت المطلق في عليائه وعلى غبطة منه, فغادرت بضعة من روحه ثم هبطت على الأرض, وصارت مدينة! مدينة اختارت لنفسها حاء الحب والحسن والحنطة والحياة, ولام اللحظ واللجين واللحن واللغات, وباء البرق والبشر والبلاغة والبسملات. قدك المياس نصوص استطاع أن يصل بها الصالح إلى قلب القارئ بسلاسة مطلقة, فهي من وجع الواقع وتفاصيله ممزوجة بشغف الأدب والإبداع الذي رسمه لنا على صفحات كتابه ليجعلنا نبحر معه إلى مالانهاية.... مقالات أدبية فيها مشهديات متنوعة فجاء النص مغايراً وجديداً عمّا نقرأه... فيها من الرصانة والكثافة الأدبية والدلالات الكثيرة, وفيها زخم كثير ولكن بأقل الكلمات. |
|