|
مجتمع وحتى عند تغيرها تكون بشكل طفيف, فنحن ننام في مواعيد شبه ثابتة, ونصحو على نفس الإيقاع تقريباً, بل إننا نخلد للراحة, ونباشر النشاط اليومي بصورة إيقاعية, فماذا تعني هذه الملاحظات?1 هذه التساؤلات كانت محور محاضرة ألقاها الدكتور المهندس يعرب نبهان في المركز الثقافي العربي في العتيبة, بعنوان (الساعة البيولوجية عند الإنسان) فأوضح أن إحدى السمات المميزة والواضحة للحياة على الأرض, قدرة معظم الكائنات الحية على تغيير نشاطها وسلوكها على أساس يومي, وهذه التغيرات اليومية في أسلوب الحياة, تتزامن مع التغيرات الحادثة في البيئة الفيزيقية, معتمدة على بعض الآليات, مثل دوران الأرض حول نفسها , وإيقاع العمل على المستوى البيوكيميائي والخلوي داخل أجهزة الجسم, وهذه الإيقاعات تحدث نتيجة نظام ميقاتي بيولوجي , وهو ما يسمى بالساعة البيولوجية. ويتابع د. نبهان بقوله إن الساعة البيولوجية تعني وجود إيقاع داخلي في الكائن الحي ينظم عملياته الحيوية, وهذه الساعة لا تقيس إلا فترة زمنية محدودة, فهي تشبه ساعة الرمل التي تقيس دورة زمنية واحدة, ولكنها لا تعطينا المجموع الكلي لكل الدورات, وهذا يعني أنها تقيس تغيرات أربع وعشرين ساعة , وهي الوحدة الزمنية المحددة لها. تُضبط يومياً يتراوح زمن الساعة البيولوجية بين 24,5- 24,7 ساعة, ولذلك فنحن نحتاج إلى إعادة ضبطها كل يوم, لتظل في حالة اتصال مع العالم الخارجي, الذي تكون ساعته 24 ساعة, وفي عطلة نهاية الأسبوع ,عندما نتحرر من النظام اليومي الذي نتبعه طوال الأسبوع, فإننا نميل لأن نبقى في حالة يقظة إلى ساعة متأخرة من الليل, أطول مما اعتدنا عليه, كما أننا نستيقظ متأخرين عن المعتاد, ومع انتهاء الإجازة, وبداية يوم العمل, وحين تدق الساعة السابعة صباحاً, فإن ساعتنا البيولوجية تقول: إنها الخامسة وليست السابعة. ويوضح د. نبهان ماسبق بقوله: افترض أن ساعة يدك تؤخر دقيقتين كل يوم, فإنها لو استمرت على ذلك, لتأخرت ساعة كاملة كل شهر, أي إنها ستبدأ في السير وفقاً لإيقاعها هي, وليس وفقاً لإيقاع ساعة العالم الخارجي, ومن ثم فأنت بحاجة إلى إعادة ضبطها يومياً حتى تتزامن مع العلم الخارجي, فالساعة البيولوجية لها إيقاع حر. تقيس أدق تفاصيل حياتنا وبالإضافة إلى الساعة البيولوجية التي تقيس 24 ساعة, توجد ساعة بيولوجية كبرى, تقيس التغيرات التي تحدث في الكائن الحي بدءاً من لحظة الميلاد, وحتى لحظة الموت, وتحدد ما يطرأ علينا من تغير أثناء النمو وتقدم العمر, فهي ساعة وراثية معقدة, دقيقة التناغم والانتظام, وتسير بعكس الساعة البيولوجية الدائرية, باتجاه واحد, ولا تقيس التغير إلا مرة واحدة , مثل قفزات النمو والبلوغ وسن اليأس والشيخوخة, إنها توجه السياق العام لأدق تفاصيل حياتنا, وهي بذلك تؤثر في كل ما هو بيولوجي, فظهور أنواع معينة من السرطان في فئات عمرية معينة وعدم ظهورها قبل وصول الفرد إلى مرحلة بعينها, ونمط إصابة الخلايا بالشيخوخة, وطبيعة النمو العقلي للأطفال, كل ذلك يشير إلى وجود نظام داخلي يعمل بمساعدة عوامل بيئية على تفجير استجابات خاصة عند نقطة معينة من مراحل حياتنا. |
|