|
دمشق وبغض النظر عن الجهود الكبيرة والمضنية التي يقوم بها المهندسون والفنيون والعاملون في المصفاة , وبغض النظر عن تقديرنا العالي لهذه الجهود , فإنّ الحادث قد وقع , حيث أوضح بعض الفنيين في مصفاة بانياس للثورة أنّ ثمة خطأ فني قد وقع أثناء البدء في عمليات العمرة للمصفاة , واصفين إياه بأنه خطأ غريب وغير مبرر , وتلافيه كان بسيطاً ومن بديهيات الأمور ..! وأشار هؤلاء الفنيين إلى أنَّ هذا الخطأ قد حصل بسبب الإيقاف السريع للمصفاة ودون تبريد وهذا ما لايجوز أن يحصل , حيث أدى إلى تلف أكثر من 20 قطعة تُسمى بالصينية , وهي القطع التي ترقد عليها المواد النفطية حسب درجة الكثافة تمهيداً للتصفية والتكرير , حيث يتدرّج عليها الغاز , ثم البنزين , فالكاز , والمازوت وصولاً إلى المادة الإسفلتية . واعتقد بعض الفنيين أنّ هذا الخطأ من شأنه أنَّ يؤدي إلى التأخير في الإقلاع بحدود أسبوع إضافي , وهذا يعني - بالإضافة إلى الخسائر الناجمة عن تلف تلك القطع- فإنه يعني أيضاً فوات منفعة للدولة من خلال زيادة التعطيل , فالمصفاة تكرر في اليوم / 19 / ألف طن , ما يعني أنّ هذا الخطأ سوف يؤخر تكرير مالا يقل عن / 130 / ألف طن ..!! عاملون آخرون في المصفاة اعتبروا أيضاً أنَّ هذا التأخير في التشغيل سوف يؤثر على حوافزهم , ما يعني أنهم بذلك سيدفعون ثمن أخطاء غيرهم , وقد أبدوا امتعاضاً واضحاً لما حصل. بكل الأحوال لسنا بصدد كيل الاتهامات لأحد , ولا ندّعي العلم والمعرفة بمثل هذه التقنيات المعقدة , فأقصى مايمكن أن نعرفه في هذه المسألة هو كيف يمكننا أن نُشعل المازوت ..? أو كيف ارتفعت أسعاره ..? أو كيف نشعل الغاز ..? وندير محرك السيارة , ولكن هذا لايمنع من إدارة المصفاة بأن توضح الأمور كما هي , ولعلنا نكون مخطئين , ونحن نأمل ذلك فعلاً , ولكن من حقنا ومن حق العاملين المعترضين في المصفاة أن يعرفوا حقيقة ما جرى وبشفافية كاملة , وبعيداً عن التشكيك بأحد , فالمهم هو توضيح ماحصل , حتى وإن كان خطأ غير مقصود , ومُغطى تأمينيَّاً فالذي سيدفع التأمين بالنهاية هي الدولة , لأنَّ المصفاة مؤمنة لدى المؤسسة العامة السورية للتأمين , التي أبدت بدورها كل غيرة وتضامن مع المصفاة , حيث أشار معاون المدير العام للسورية للتأمين في تصريح للثورة بأنَّ مؤسسته قد أعطت الضوء الأخضر لشركة مصفاة بانياس بأن يواصلوا العمل في العمرة ليلاً نهاراً , ولا ينتظروننا , لأنَّ الأضرار الناجمة عن توقف المصفاة هي أكبر بكثير من قيمة الأضرار نفسها التي سنقوم بتعويضها للمصفاة . إياد زهرة أكد للثورة أيضاً بأنَّ خبراء الكشف لدى المؤسسة العامة السورية للتأمين , يتابعون الموضوع حالياً , وقد أجروا كشفاً أولاً وثانياً وثالثاً ورابعاً . سألنا السيد إياد : كم كشفٍ سوف تقومون به ..? فأوضح بأن لامعيار لذلك , وسوف نقوم بهذا الكشف تباعاً حتى الوصول إلى مرحلة التشغيل النهائي للوقوف على حجم الأضرار , مؤكداً بأنّ المؤسسة العامة السورية للتأمين قادرة على تغطية تلك الأضرار سلفاً . وختم مدير عام السورية للتأمين بأنَّ أي حادث في المصفاة سوف يكون مُغطى تأمينيَّاً , حتى وإن كان الحادث ناجماً عن خطأ ما .. فهو مُغطّى أيضاً , إلا إنْ كان الخطأ عمداً . أخيراً .. إنَّ كل ما نأمله هو الخير للمصفاة وأهلها , وأن تكون أضرارها قليلة فعلاً , وبسيطة .. فنحنُ حتى وإنْ تسرَّبَ إلينا بأنَّ التقديرات الأولية لهذه الأضرار بسيطة إلى حد لاتتجاوز فيه قيمتها من مائة إلى مائة وخمسين مليون ليرة , فلسوف نقتنع بأنها بسيطة , ما دامت السورية للتأمين هي التي ستدفع , وهي التي ترى الأضرار بسيطة .. ولكن اللهمَّ جرنا من عطلٍ غير بسيط , فهذا العطل البسيط وحده يمكن أن يُنعش خمسين قرية تتأذّى من المصفاة ذاتها .. ولم يخطر على بال أهلها يوماً , أنْ يُطرقوا باب التأمين ..! |
|