تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


(الصنم الذي هوى)

الافتتاحية
الأثنين 20/10/2008
بقلم رئيس التحرير أسعد عبود

أميركا ليست كل شيء في العالم..

كبيرة .. قوية.. عظمى.. لكنها ليست كل شيء في العالم..‏

هناك أميركا بالتأكيد.. وهناك العالم بدوله, بشعوبه, بإمكاناته..‏

هذا زمن الصحوة.. ما جرى ويجري في شوارع العالم وبناه المالية والاقتصادية يدعو للصحوة, بل إن الصحوة هي أهم الآثار الإيجابية الممكن أن تحدثها الفاجعة الرأسمالية.‏

صنم يهوي..!! لماذا يهوي الصنم..?! عندما يطلقونه صنماً.. يطلقونه كي يهوي.. فالحياة نسبية ولا مطلق فيها, وكلما اخترعنا مطلقاً, كنا أمام التجربة التي ستنتهي بأن يهوي الصنم ويسقط المطلق..‏

لقد أطلق الرأسماليون رؤيتهم وحولوا منهجيتهم إلى مطلق, فارتكبوا خطيئة الماركسيين يوم جعلوا الماركسية مطلقاً, يتم الحوار من داخله ولا يسمح بأن يتم حوله.. فكان الصنم الذي هوى- كما وصفها مفكرون ماركسيون خرجوا عليها-.. وأسرع الرأسماليون إلى حصاد النصر.. فاستبدلوا مطلقاً بمطلق..‏

قالوا: إنها نهاية التاريخ وإنها العولمة على أساس السوق وهي آخر العولمات..! وإنها الحرية التجارية بلا حدود! وطأطأ العالم رأسه لصورة الصنم ممثلاً بالولايات المتحدة.. فماذا يفعل العالم وقد هوى الصنم?!.‏

هذا زمن الصحوة.. والأحداث تظهر أن ثمة صحوة.. تبدأ من أوروبا وربما تعم العالم..‏

صحوة أوروبا مهمة كثيراً, بل شديدة الأهمية, فقد غاب عن هذا العالم الصوت الآخر.. بمعنى الرؤية الأخرى.. أو الاقتراح الآخر.. أو عدم الاستسلام لكل ما ترسمه أميركا..‏

طبعاً ليست أوروبا منفصلة عن الرأسمالية لكنها لم تتماهَ بعيداً مع حتمية السوق والعولمة على أساسه وإبعاد دور الدولة..‏

لقد ألبست الولايات المتحدة للرأسمالية ثوباً من معدن لا يخرقه حتى الرصاص.. فكيف يخرقه النظر والكلام والرؤى.. وأي رأسمالية?! على الطريقة الأميركية وفقط!!..‏

منعاً للمطلق يجب أن يكون هناك أكثر من أنموذج للرأسمالية أو للاشتراكية.. والنموذج المطلق هو صنم يهوي وهذا زمن الصحوة..‏

ثمة صحوة في أوروبا..‏

ثمة حركة فرنسية- وغير فرنسية- تمثل هذه الصحوة..‏

والقول بإضافات وتعديلات وتغيرات في النظام المالي العالمي بدأ أوروبياً على الأغلب.. وتراها أميركا تقرهُ اليوم حسب ما أشار الرئيس بوش في كلامه عن مؤتمر عالمي لإحداث تغييرات على النظام المالي الدولي.‏

الطرفان الأميركي والأوروبي.. إلى الآن يفضلان استخدام تعبير »النظام المالي« .‏

ربما هي حالة دفاعية تتمثل بالفصل بين النظام المالي الساقط والنظام الاقتصادي القابع خلف سقوطه.. والنظام الأخلاقي الذي يقف خلف الاثنين معاً..‏

في زمن الصحوة ليس لشعب أو دولة.. أوتجمع إقليمي أو قومي يستطيع أن يقول: لست بحاجة لها لأنني من الأصل صاحٍ.‏

هذا غير صحيح ولا في أي دولة.. فالذين مع والذين ضد كانوا منحسرين أمام النموذج الأميركي إلى درجة انعدام التصور والمبادرة.. وتنتظرهم اليوم المبادرة.. فإن لم يبادروا.. تقدم لهم مرة أخرى وصفات جاهزة, هي وصفات إصلاح النظام المالي العالمي.. ومرة أخرى سيسجدون أمام الصنم حتى يهوي.. ليس بفعل سجودهم.. بل بفعل الزمن..‏

فهل من صحوة في العالم الثالث.. في الوطن العربي.. وفي منطقتنا ..?‏

a-abboud@scs-net.org‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية